مقال في وصف كتاب (الصواعق) 👆👆 أخذته اليوم من أخي الكريم الدكتور بلال فيصل البحر أدام الله نفعه..
ونص ما كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصف كتاب الصواعق والرعود
لابن داود البصري
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، لاسيما سيدهم المصطفى، وعلى آله وأصحابه المستكملين الفضل والشرفا، وبعد:
فقد سألت أيدك الله وأسعدك عن الكتاب الموسوم بـ (الصواعق والرعود) للعلامة المحقق عبد الله بن داود البصري الحنبلي، وطلبت من الفقير وصفا له مختصراً، والكتاب قد طالعته مخطوطا مصوراً عن النسخة المحفوظة بالهند، وله نسختان مخطوطتان إحداهما بالمملكة السعودية وبلغني أن انتساخها عسر لا يسمح به، والأخرى من محفوظات مكتبة جامعة البصرة، وكان الأستاذ حسان الرديعان قد وضع دراسة عليه لم نقف عليها، وبلغني أنـها في نقض ما ورد في الكتاب من حجج، ودرء ما فيه من مثالب، حمية للطائفة الوهابية!
والكتاب مهم جداً من جهة أن مصنفه من أعيان الحنابلة المعظمين لطريقة شيخ الإسلام ابن تيمية المتابعين له، وقد أثنى عليه العلامة القاضي محمد ابن فيروز، وقدم له جماعة منهم العلامة علوي الحداد وذكر أنه همَّ بتصنيف رد على رسالة ابن سعود لكنه أعرض عن ذلك لما وقف على تأليف ابن داود لجودته وقوته وغزارة مادته.
وموضوعه: نقض رسالة عبد العزيز بن محمد بن سعود التي كتبها يخاطب بـها أهل الإسلام من خواص وعوام، يدعوهم للدخول في دعوته، وأسماها بـ (التطفيف) وصدَّره بمقدمة في الرد على إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تقع في سبعين صفحة.
وهو في الجملة قوي في نقض حجج الوهابي وأتباعه، وقد سلك معهم سبيل التبديع والتفسيق والنبز بألقاب البدعة والسوء بل والكفر، يريد بذلك مقابلة طريقتهم مع مخالفيهم، فإن ابن عبد الوهاب وأتباعه سلكوا هذا المنهج المتعسف مع خصومهم فكاعوا بإكفار عامة أهل الإسلام ونبزهم بالمروق من الدين والبدعة والكفر وغير ذلك من المسميات والأحكام.
والكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: في نقض الحجة بالحجة ومقابلة الدليل بمثله، تارة باجتهاد من المصنف، وتارة بالنقل عن أعيان العلماء من الحنابلة وغيرهم.
الثاني: في نقض كلام الوهابية وأدلتهم بكلام ابن تيمية وابن القيم وابن مفلح، وإنما اختار هؤلاء الثلاثة لأن الوهابية لا يعتقدون غيرهم من أعيان الحنابلة على الطريق المستقيم، بل إن ابن عبد الوهاب نص على أن حنابلة الفروع ليسوا بحنابلة، يريد: لمخالفتهم طريقته في مسائل الاستغاثة والتوسل والتبرك ونحوها، وقد نقل ابن داود أن ابن عبد الوهاب كان يسمي العلامة البُهوتي: (البَهوت) من البهتان!
الثالث: سرد بعض مثالب الشيخ ابن عبد الوهاب وأتباعه مما شاهده وعاينه ابن داود بنفسه، أو نقله إليه من يوثق بنقله، مثل: قتل المصلين حال صلاتـهم، بل وبعد استتابتهم، وإكفاره المسلمين بالجملة، كقوله بردة أهل الشام لأنـهم يعبدون الشيخ محيي الدين ابن عربي كما قال، وزعم كفر أهل البصرة لأنـهم يعبدون قبر الزبير في رأيه، ومثل وقيعته في العلماء والأولياء، كما نقل ابن داود عن ابن عبد الوهاب أنه ذُكر عنده العلامة السيوطي فقال: (إن الشيطان تفل في فمه)!
وقد رد عليه ابن أخيه عبد الرحمن، وكان يخالفهم ويظهر موافقتهم خوفا، لكنه لم يحتمل له هذه الكلمة المضة في العلامة الجلال، فأجابه بقوله: (وأنتَ بال الشيطان في فمك) وهموا بقتله لكن شفع فيه عمُّه!
والمصنف فيما يظهر لي حاطب ليل في الحديث، قد خلط الصحيح بالمعل، وتارة ينقل كلام الحفاظ في تصحيح الحديث، وفي الأغلب يكتفي بالعزو فيما يحتج به من آثار، لكنه بارع في إيراد الدلائل وتبيين وجوه الحجج ومواضع الإشكال والخلل في كلام الوهابية، وله اطلاع تام مفرط على كتب مذهبه وفتاوى ابن تيمية، مع اطلاع جيد على كتب أهل المذاهب من غير الحنابلة.
وفي الكتاب مواد غزيرة، وحوادث نادرة، ومطالعته مفيدة جداً في تصور ما كان عليه القوم من غلو مفرط في إكفار المخالفين واستحلال دماء المسلمين، وتسمية من خالفهم من أهل المذاهب الأربعة بالمرتدين، والقطع بكفرهم وأن ليس معهم من التوحيد والعلم شيء، والجزم بهلاك كل من لم يتابع الوهابية على مقالاتـهم ويدخل في دعوتـهم!
وفي الجملة:
من طالع الكتاب استحضر حال الدواعش اليوم مطابقة، وقال: ما أشبه الليلة بالبارحة، فإن النسبة بين الدواعش والوهابية، كما قال القائل:
فإن لَم يَكُنْها أو تَكُنْهُ فإنهُ* أخوها كما قُدَّ الشِّراكُ من الجلْدِ
تسافر كلتا راحتَيَّ بجِسمِهِ * فَطَوْراً إلى خَصْرٍ وطَوْراً إلى نـَهْدِ
فتَهْبِطُ من كَشْحَيْهِ كَفَّي تـهامةً* وتصعدُ من نـَهْدَيْهِ أخرى إلى نجْدِ
…
وكتب
بلال فيصل البحر
==============================
قال الفقير إلى ربه محمد عبد الواحد:
الأمر كما قال الدكتور بلال فيصل 👆 وفقه الله..
ومن أهم مميزات الكتب: أنه نقل حوادث رآها بعينه لم ينقلها غيره وأمورا تتعلق بأفعال لابن عبد الوهاب ومواقف له مع الكتب والعلماء لا يذكرها أتباعه.
وكذا مقدمة ابن فيروز المهمة التي فيها أمور علمية وتاريخية لا يصح إهمالها.
ثم إنه أفرد فصلا للرد عليهم بكلام ابن تيمية وابن القيم وابن مفلح ونص على سبب تخصيص هؤلاء الثلاثة مع أن هناك من هو أفضل منهم!
وتعرف أهمية الكتاب من أمرين:
١- شدة ثناء المخالفين عليه ومنهم أعيان كابن فيروز وابن حميد وحسن الشطي، ومنهم من ألف في الرد عليهم كعلوي الحداد.
٢- شدة ذم الوهابية له وكثرة ردودهم عليه وحطهم من مؤلفه.
وهذا شأنهم مع كل من رد عليهم وأوجعهم، وخصوصا من الحنابلة أو من يرد بكلام الحنابلة.
كذا من صفحة على التلغرام بعنوان: الرواق المنهجي والحنبلي( بإشراف الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري الحنبلي).
وانظر: