مشكلة خلق القرآن

ما الفرق بين الحادث والمخلوق؟ (منقول)

ما الفرق بين الحادث والمخلوق؟

قال أخي الفاضل العلامة نزار حمادي حفظه الله: اعلم أنه لا فرق عند أهل السنة والجماعة بين الحادث والمحدَث والمخلوق، لا لغة، ولا عرفا، ولا اصطلاحا.

فحقيقة هذه الألفاظ هي الموجود بعد العدم.

وأما المشبهة كالكرامية قديما وابن تيمية بعدهم والوهابية تبعا للأخير فقد زعموا أن المخلوق هو الموجود بعد العدم بشرط كونه منفصلا عن ذات الله، وأما المحدَث فهو الموجود بعد العدم بشرط كونه متصلا بذات الله.

اخترعوا هذا الفرق المبتدع ليتسنى لهم القول بأنه الله تعالى يُحدث في ذاته صفات موجودة بعد العدم وهذا ما يسمونه صفات الأفعال القائمة بذاته شيئا فشيئا ويقولون بأن هذه الصفات حادثة الأفراد.

ولا مستند لهم في هذا الفرق لا من حيث اللغة ولا من حيث العرف ولا من حيث الاصطلاح لفقد أي نص على ذلك الفرق من سلف الأمة وخلفها.

بل إن الآية التي يعتمدها المشبهة للفرق بين المحدث والمخلوق كقوله تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدَث) قد بين أئمة السلف كالبخاري والطبري والبغوي وغيرهم بأن المراد بالمحدث هنا هو ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، لا ما يقول بذات الله تعالى.

واعلم أيضا أن القول بأن الله تعالى محل للحوادث هو عين اللازم البين للقول بأن الله تعالى محل للخلق، فمعنى أن الله تعالى يحدث في ذاته صفات بعد عدمها هو عين القول بأن الله تعالى يخلق في ذاته صفات بعد عدمها.

وهذا القول غاية في الفساد لأنه يسد باب الاستدلال العقلي على حدوث الشمس والقمر والأفلاك والسموات لأنها تتصف بصفات محدثة، فكما أن الله تعالى عند المجسمة يحدث في ذاته صفات بعد العدم وليس بمخلوق، فكذلك يقول عابد الشمس والقمر والأفلاك بأنها غير مخلوقة وأنها تحدث في ذواتها صفات بعد عدم لا إلى أول على حد دعوى المجسم في حق الله تعالى.

فالذي يفرق بين المحدَث والمخلوق يسد باب التوحيد ويفتح باب الشرك، إضافة إلى ما في قوله من البطلان عقلا وشرعا.

أما أهل السنة فلا يفرقون بين المحدَث والمخلوق* ويقولون بأن الله تعالى يستحيل أن يتصف بالصفات المخلوقة كما يستحيل أن يتصف بالصفات المحدثة، ولهذا نص الإمام الطبري** على أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، ونص على أن كلام الله تعالى قديم وأنه يستحيل أن يكون القرآن محدثا في ذات الله تعالى.

فهذه عجالة في إشارات كافية لبيان أن التفريق بين المحدث والمخلوق بدعة محرمة لتأديتها إلى فساد الاعتقاد. اهـ

كذا: http://www.aslein.net/showthread.php?t=13988

===============

* قال الحافظ في فتح الباري(13/ 496): لا فرق بين مخلوق وحادث لا عقلا ولا نقلا ولا عرفا.اهـ

وقال الدارمي في نقضه على المريسي (1/ 546): “وَأُخْرَى أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٍ لَا شَكَّ فِيهِ. فَاللَّهُ بِزَعْمِكُمْ كَانَ بِلَا كَلَامٍ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ كَلَامًا2، ثُمَّ انْتَحَلَهُ اضْطِرَارًا إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ، فَتَمَّتْ بِهِ رُبُوبِيَّتُهُ، وَوَحْدَانِيَّتُهُ، وَأَمْرُهُ وَنَهْيُهُ بِزَعْمِكُمْ3. فَمَنْ يَحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُول إِلَى أَثَرٍ؟!”

** ونص عليها أيضا ابن بطة فقد جاء في الإبانة الكبرى لابن بطة (6/ 183): وكل من حدثت صفاته ، فمحدث ذاته ، ومن حدث ذاته وصفته ، فإلى فناء حياته ، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، ….. فأخبر أن الذِّكر المحدَث هو ما يحدث من سامعيه وممن علمه وأنزل عليه ، لا أن القرآن محدث عند الله ، ولا أن الله كان ولا قرآن ، لأن القرآن إنما هو من علم الله ، فمن زعم أن القرآن هو بعد ، فقد زعم أن الله كان ولا علم ولا معرفة عنده بشيء مما في القرآن ، ولا اسم له ، ولا عزة له ، ولا صفة له حتى أحدث القرآن .اهـ

وجاء في الإبانة الكبرى لابن بطة (6/ 182): فإن الله لم يزل بصفاته العليا وأسمائه الحسنى عزيزا ، قديرا ، عليما ، حكيما ، ملكا ، متكلما ، قويا ، جبارا .اهـ

قال وليد ابن الصلاح : فنص ابن بطة على أن الله متكلم أزلا، وأن القرآن قديم وهذا ما أشار إليه في قوله”ولا أن الله كان ولا قرآن ” ، وأن ما لا يخلو من الحادث فهو حادث وهو ما أشار إليه في قوله : “وكل من حدثت صفاته ، فمحدث ذاته”، وأن المخلوق والمحدث واحد لا فرق بينهما، وهذه الأمور الأربعة يخالف فيها ابن تيمية، والطريف أني وجدتُ بعض نصوص ابن بطة السابقة في ملتقى أهل الحديث للرد على أخينا الشيخ نزار….!!!! انظر:http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=343876

مع أن كلام ابن بطة ضد مذهب ابن تيمية ولصالح الشيخ نزار كما ترى بل إن الشيخ نزار نفسه استشهد في موضع آخر بنص ابن بطة السابق على أنها من القواعد السنية الأشعرية، فقال الشيخ نزار حمادي: ((((هذه هدية جليلة عظيمة النفع لا سيما لمن يقول بأنه على عقيدة الحنابلة ويخالف قواعد العقائد التي اتفق عليها الأشاعرة وجمهور الحنابلة، ومن أعظم تلك القواعد = استحالة اتصاف الله تعالى بالصفات الحادثة واستحالة خضوع صفاته ومنها كلامه الذي هو القرآن القائم بذاته لسلطان الإرادة لأن صفاته واجبة الوجود كذاته العلية سبحانه وتعالى.

وهذه الهدية هي قاعدة أشعرية مُحكمة من كلام الإمام الحافظ المحدّث الحنبلي ابن بطة العكبري؛ كُلُّ مَنْ حَدَثَتْ صِفَاتُهُ فَمُحْدَثٌ ذَاتُهُ، وَمَنْ حَدَثَ ذَاتُهُ وَصِفَتُهُ فَإِلَى فَنَاءٍ حيَاتُه، وتَعالَى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً. (الإبانة، ج2/ص183)

وقال أيضا هذا الإمام الجليل: الذِّكْرُ المُحدَث هو ما يَحْدُثُ مِنْ سامِعيهِ ومِـمَّن عَلِمَهُ وأُنزِلَ إليه، لا أنَّ القرآن مُحْدَثٌ عندَ الله، ولا أنّ الله كان ولا قرآن. (الإبانة، ج2/ص185)

فهذه القواعد هي عين قواعد الأشاعرة الذين لم يخالفوا السلف الصالح في قاعدة من قواعد الصفات، ولك الآن أن تقارن بين كلام الإمام ابن بطة وهو مُحكَم ونصٌّ قاطع في بابه، وبين قول من يدعي أنه على عقيدة السلف ويصرّح بأن القرآن حادث في ذات الله تعالى، ولا نريد نقل كلامهم لأنه معروف عند الباحثين، والكلام لهم.)))).اهـ

السابق
الرد على فتوى الوهابية في تحريم السبحة (منقول)
التالي
مناظرة في حلول الحوادث بذاته تعالى في التعليق على هذا الفيديو لدمشقية بعنوان (أطالب من اتهمني بالتدليس بمناظرة أو مباهلة) ورابطه في الأسفل