مقالات في التجسيم

كيف هدم الفخر الرازي عقيدة المجسمة بما قل ودل؟ (منقول)

لقد هدم الرازي عقيدة المجسمة فقال رحمه الله : احتج من أثبت الأعضاء والجوارح لله تعالى بقوله تعالى : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) في إثبات يدين لله تعالى ، بأن قالوا ظاهر الآية يدل عليه ، فوجب المصير إليه ، والآيات الكثيرة واردة على وفق هذه الآية ، فوجب القطع به . واعلم أن الدلائل الدالة على نفي كونه تعالى جسما مركبا من الأجزاء والأعضاء ، قد سبقت ، إلا أنا نذكر ههنا نكتا جارية مجرى الإلزامات الظاهرة . فالأول : أن من قال إنه مركب من الأعضاء والأجزاء ، فإما أن يثبت الأعضاء التي ورد ذكرها في القرآن ولا يزيد عليها ، وإما أن يزيد عليها ، فإن كان الأول لزمه إثبات صورة لا يمكن أن يزاد عليها في القبح ، لأنه يلزمه إثبات وجه بحيث لا يوجد منه إلا مجرد رقعة الوجه لقوله : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [القصص : 88] ويلزمه أن يثبت في تلك الرقعة عيونا كثيرة لقوله : ( تجري بأعيننا ) [القمر : 14] وأن يثبت جنبا واحدا لقوله تعالى : ( نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله ) [الزمر : 56] وأن يثبت على ذلك الجنب أيدي كثيرة لقوله تعالى : ( مما عملت أيدينا ) [يس : 71] وبتقدير أن يكون له يدان فإنه يجب أن يكون كلاهما على جانب واحد لقوله صلى الله عليه وسلم : الحجر الأسود يمين الله في الأرض وأن يثبت له ساقا واحدا لقوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ) [القلم : 42] فيكون الحاصل من هذه الصورة ، مجرد رقعة الوجه [ ص: 200 ] ويكون عليها عيون كثيرة ، وجنب واحد ويكون عليه أيد كثيرة وساق واحد ، ومعلوم أن هذه الصورة أقبح الصور ، ولو كان هذا عبدا لم يرغب أحد في شرائه ، فكيف يقول العاقل إن رب العالمين موصوف بهذه الصورة . وأما القسم الثاني : وهو أن لا يقتصر على الأعضاء المذكورة في القرآن ، بل يزيد وينقص على وفق التأويلات ، فحينئذ يبطل مذهبه في الحمل على مجرد الظواهر ، ولا بد له من قبول دلائل العقل.اهـ

السابق
(2) لكل من يطنطن بكتاب الإبانة للأشعري ليقرأ هذا البحث الموثق المنشور في ملتقى أهل الحديث
التالي
سلسلة تناقضات الوهابية في إنكارهم تأويل الاستواء بالاستيلاء