العلمانية

استعراض لآراء حسن حنفي الإلحادية/ الدكتور عمر عبد الله كامل

«مجلة مجمع الفقه الإسلامي» (11/ 952 بترقيم الشاملة آليا):
«17 – استعراض لآراء حسن حنفي الإلحادية:
ولابد لنا أن نختم هذه الجولة بين افتراءات غلاة العلمانيين العرب، بعرض بعض آراء أستاذ هؤلاء وهو الدكتور حسن حنفي.
أ – الإلحاد بإنكار وجود الله ووصفه بالرذائل:
وفي كتابه من العقيدة إلى الثورة يقول:
(والكذب والإضلال والغواية وكل القبائح تجوز على الله، مادام الله لا يجب عليه شيء) .
(ويكشف أي دليل على إثبات وجود الله على وعي مزيف) (2) .
ب – نفي خلق الله وتقديره لأفعال العباد:
وجاء أيضًا في المصدر السابق بقوله:
(الله إذن لا يتدخل في أعمال العباد، ولا يشاء منها فعلا إيجابًا أم سلبًا، لم يخلق شيئًا منها وإلا كان مسؤولا عن المعاصي والقبائح والشرور) (3) .
جـ – إنكار وجود الله أصلا:
وفي المصدر نفسه يقول:
(الإنسان وحده إذن هو الموجود حقيقة، وكل ما سواه موجود بالمجاز) (4) .
‌‌_
(1) أصول الشريعة، محمد سعيد عشماوي، ص84.
(2) من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي: 4/82.
(3) من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي: 3/66.
(4) من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي: 1/451»

========================

وفي المصدر نفسه يقول:
(الباعث على نفي الصانع باعث شرعي، وهو الحفاظ على استقلال العالم والحفاظ على الحرية الإنسانية فيه … ) (1) .
وفي المصدر نفسه يقول:
(الابتهال والدعاء والسؤال والشكر، كل ذلك ليس دليلا على وجود قدرة خارجية يستعيدها الإنسان كي تتدخل في فعله، وتعينه على الإتيان به، بل مجرد موقف إنسان يدل على انحراف في السلوك) (2) .
وفي المصدر نفسه يقول: (وإذا ما عبد الإنسان الله فإنه يعبد إنسانًا مثله.. ثم يقول: فالله هو العالم والعالم هو الله) (3) .
د – نظرته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والرسل عامة:
جاء في كتاب (من العقيدة إلى الثورة) :
(أما بالنسبة لشخص النبي فلا يلزمه زكاة مال لأنه اختار أن يكون عبدًا والعبد لا زكاة عليه، فلم يورث ولم يورث زمانه حالة إرساله أو ما بعدها حتى موته، والناس فيه بين مقصر ومطول، بين مخصص ومعمم، وتجوز الكبائر من الأنبياء حاشا الكذب في البلاغ، وقد يجوز للنبي الكفر بعد الرسالة وجميع المعاصي الصغار والكبار بما في ذلك قتل النساء وتعريضهن وتفخيذ الصبيان) (4) .

  • وفي المصدر نفسه يقول:
    (وإذا كان العقل في غنى عن الرسل فقد كان بإمكان الله اضطرار العقول إلى معرفته دون ما حاجة إلى اللف والدوران، وتأسيس الوحي على العقل، وجعل مَن يقدح في العقل يقدح في النقل) (5) .
    هـ – رأيه في إبليس الرافض لأمر الله:
    وفي المصدر نفسه يقول:
    (والحقيقة أن إبليس هو رمز الحرية والرفض وتحدي الإنسان) (6) .
    وفي المصدر نفسه يقول:
    (لذلك لم يكن إبليس مخطئًا في الرفض ولم يكن مستكبرًا، بل كان واعيًا نظريًّا ومحققًا لفعل الرفض، ومع ذلك فإن موقف إبليس يدل على شيئين:
    الأول: الموقف الواعي وعدم الخضوع، والرفض نتيجة لإعمال الفكر.
    والثاني: تحدي الآخر والثقة بالنفس) (7) .
    أما في كتابه (التراث والتجديد) فيقول:
    (فلا سلطان إلا للعقل، ولا سلطة إلا لضرورة الواقع الذي نعيش فيه) (8) .
    فالرجل يدعو إلى التحرر من سلطة المنقول (أي النصوص، الكتاب والسنة) ، ويدعو إلى التخلي عن ألفاظ ومصطلحات كثيرة بدعوى أنها تشير إلى مقولات غير إنسانية.
    ثم يقول:
    (فالانتقال من الله إلى الإنسان الكامل يعبر عن مضمون الله، فكل صفات الله (العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام والإرادة) كلها صفات الإنسان الكامل، وكل أسماء الله الحسنى تعني آمال الإنسان وغاياته التي يصبو إليها. فالإنسان الكامل أكثر تعبيرًا من لفظ (الله) … (9) .
    ‌‌_
    (1) من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي: 1/39.
    (2) من العقيدة إلى الثورة: 3/159.
    (3) من العقيدة إلى الثورة: 3/504.
    (4) من العقيدة إلى الثورة: 5/542.
    (5) من العقيدة إلى الثورة: حسن حنفي: 4/76.
    (6) من العقيدة إلى الثورة: 4/321.
    (7) من العقيدة إلى الثورة: حسن حنفي: 5/24 – 25.
    (8) الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة، ص189 – 190.
    (9) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص191
  • =======================

فيعتبر الإنسان الكامل بعد أن كساه صفات الله تعالى كلها أكثر تعبيرًا عن لفظ الله، فهل بعد هذا نحن بحاجة إلى تبيين كلام الرجل؟ فالرجل كان واضحًا ولم يترك شيئًا للاستنتاج.
حتى التوحيد ليس فيه إله، والله مجرد تعبير أدبي، والوحي ليس دينًا بل هو البناء المثالي للعالم، هذا النموذج تخرج على يديه كثير من علمانيي العصر.
ويدعو إلى إسقاط التراث من الحساب، واستبداله بمادة من واقعنا المعاصر، فيقول:
(ومادة التراث نسقطها كلها من الحساب، ونستبدل بها مادة أخرى جديدة من واقعنا المعاصر) .
إلى أن يصل إلى الطامة الكبرى فيقول:
(فالعلمانية هي رجوع إلى المضمون دون الشكل، وإلى الجوهر دون العرض، وإلى الصدق دون النفاق، وإلى وحدة الإنسان دون ازدواجيته، فالعلمانية إذن هي أساس الوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور … ) (1) .
فالعلمانية إذن هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ! هكذا قلب الأمور رأسًا على عقب، ولكن لنقرأ رأيه في الإلحاد:
(فالإلحاد هو التجديد.. هو التحول من القول إلى العمل، ومن النظر إلى السلوك، ومن الفكر إلى الواقع.. إنه وعي بالحاضر.. ودرء للأخطار.. بل هو المعنى الأصيل للإيمان … ) (2) .
‌‌_
(1) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص194 – 195.
(2) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص196

===================

فالإلحاد في رأيه هو المعنى الأصلي للإيمان، فهو بيان ما بعده بيان، فالإلحاد هو الأصل والدين هو الطارئ، جريًا وراء مقولات الغربيين عن تطور الأديان، وأنها بدأت بالتعدد إلى أن وصلت إلى التوحيد، (وهذا ما نجد تكراره اليوم في كثير من كتب العلمانيين المعاصرين) والماركسيون يدلون بدلوهم في الدين والقرآن، ففي كتاب (القرآن وعلومه في مصر) يقول:
(إن الدين الجديد ليس سوى ثروة شاملة تتناول بالتغيير والتطوير كل شؤون الحياة.. ودخول الناس في الإسلام وإيمانهم به لا يعدو أن يكون الانضمام للثورة) .
(إن القرآن هو كتاب هذه الثورة المعبر عنها.. إنه كتاب الثورة الإسلامية الكبرى.. والمصدر النظري الأول.. وكتاب العربية الأقدس.. ومصدر المعرفة بنظرية الثورة) (1) .
فالدين هو ثورة، والقرآن هو كتاب الثورة، وهو كتاب العربية الأقدس.
ويقول عن الصحابة: إنهم قرَّاء ثوريون والطليعة المستنيرة، فالمسألة كلها تقدم وتقدمية ولا أثر للإيمان.. يقول في ذلك:
(القراء المستنيرون الذين بادروا بالانضمام إلى الثورة متخلين في بعض الحالات عن طبقتهم، يعيدون إلى الذهن ما يلحظ في الثورات الكبرى من ظاهرة تخلي بعض المثقفين عن طبقاتهم، فالمثقف الحقيقي يكون عادة شخصًا تقدميًا) (2) .
‌‌_
(1) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص202.
(2) الإسلام بين التنوير والتزوير، ص203

«مجلة مجمع الفقه الإسلامي» (11/ 901 بترقيم الشاملة آليا):
«‌‌‌‌الإسلام في مواجهة العلمنة
إعداد
الدكتور عمر عبد الله كامل»

السابق
أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريديه والفقهاء يؤمنون بنصوص الصفات المتشابهة مع التأويل أو التفويض(منقول)
التالي
مناظرة حول كون تعالى لا داخل العالم ولا خارجه كما يقول السادة الأشاعرة