الاجتهاد والتقليد واللامذهبية عند الوهابية

إشكاليات المنهجية في الفتوى عند المعاصرين/ الشيخ سيد سابق رحمه الله نموذجاً (منقول)

إشكاليات المنهجية في الفتوى عند المعاصرين(٢).
الشيخ سيد سابق رحمه الله نموذجاً.

١. جلّ الأحكام التي خالف فيها الشيخ السيد سابق للمعتمد في المذاهب الأربعة لا تصح، ولا تستند إلى دليل يجعل من هذه المخالفة صحيحة.

  1. لعل السبب الأبرز الذي حدا بالشيخ السيد سابق أن يذهب إلى ما ذهب إليه هو المنهج الذي اتخذه، وهذا المنهج عانى من مشكلات أصيلة، ومشكلات تطبيقية، كما مرّ في الفصل التمهيدي، فقد اعتمد على جملة من الحقائق حول التطور التاريخي للفقه لا تصح، من قبيل نفي مشروعية الخلاف، وجمود المذاهب الفقهية على أقوال أئمتها. أما من ناحية تطبيقية، فقد جاءت أحكام الشيخ السيد سابق المخالِفَة للمذاهب الأربعة جملة من التناقضات في تنزيل النصوص، أو تطبيق القواعد الأصولية أو الفقهية.
  2. بدا تأثر الشيخ السيد سابق بمن سبقه ممن أنكر المذاهب الفقهية، وفتح لنفسه باب الاجتهاد، فقد وافقهم في الاعتماد على ظاهر الدليل النصي غالبا، دون المقارنة بالأدلة الأخرى وفهم الدلائل الأخرى للنصوص.
  3. ظهر اضطراب واضح في منهج الشيخ في الاستدلالات، فأحيانا يستدل بالنصوص، وأحيانا بأقوال العلماء السابقين، وقد حاول أن يحشد في بعض المسائل أسماء كثير من العلماء كدليل على صحة قوله، وهذا فيه غلطان منهجيان، الأول: أن الكثرة لا تعني الغلبة في النظر الفقهي، خاصة إذا كانت هذه الكثرة ليست على منهج واحد في الاستدلال، بل تنتمي إلى مدارس مختلفة، وبعض أصحاب هذه الأقوال ليست لهم مدارس محققة لمذهبهم بحيث يحسن الاعتماد عليها. والغلط الثاني أنّ الشيخ أهمل الكثرة القائلة بخلاف رأيه، فهو جمع لرأيه أقوال الموافقين، وأهمل أقوال المخالفين على كثرتها غالباً.
  4. ظهر بشكل واضح، من خلال مناقشة المسائل مسألةً مسألة، أن مخالفة المذاهب الأربعة ضرب من الغلط الفقهي، فهذه المدارس قد جمعت بجهد علمائها لمئات السنين جميع الأقوال الصحيحة أو جلها الغالب. فاجتمع على نقض منهجية الشيخ بالجملة، نقض نتائجها بالتفصيل.
  5. اعتمد الشيخ السيد سابق أحياناً على أقوال بعض فقهاء المذاهب الأربعة دون المعتمد، وهذا لا يصح في النسبة إلى المذهب، بل لكل مذهب معتمده، ولكل معتمد مصادر ومظان، لا يجوز الإفتاء بغيرها، وهذا ما أوقع الشيخ في هذه الأخطاء، فقد اعتمد في كثير من هذه المسائل على قول غير محقق في المذهب وغير معتمد.
السابق
في الرد عن المتصوفة: هم الذاكرون كثيرا الذين هم أفضل الناس/ محمد عبد الرحمن عبدي
التالي
[2] كيف هدَم ابنُ تيمية مذهبَه في الصفات حين حاول الجمع بين الاستواء وحديث النزول؟ (معدّل)