أمثلة على مسائل فقهية خالف السلفية فيها السلف بحجة أن قول السلف مخالف للنصوص
المثال الثالث: الطلاق الثلاث: ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف([1]) ـ بل حكي إجماعا كما سيأتي ـ إلى أن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثا، وخالف في ذلك السلفية كابن تيمية وتابعه ابن القيم ـ كعادته ـ ومن المعاصرين الألباني([2]) وأحمد شاكر([3])، فقالوا بأنه يقع واحدة، وليس المقصود هنا بسط أدلة كلٍ ومناقشتها والترجيح بينها، وإنما أقصد أن أبيّن من خلال هذه المسألة مدى التزام ابن تيمية ومن تبعه بمذهب السلف، وبعد البحث في هذه المسألة تبيّن لي أن ابن تيمية وابن القيم والألباني ومن تابعهم هنا خالفوا السلف بل خطّؤوهم وشنعوا عليهم بطريقة غير مباشرة وذلك من وجوه كثيرة:
الوجه الأول: ما ذهب إليه ابن تيمية ومن معه إلى أن الطلاق الثلاث يقع واحدة هو بحد ذاته مخالفة للسلف الذين أوقعوه ثلاثا، ولم يثبت عن أحد منهم أنه أوقعه واحدة([4])، فإن قيل: إنما خالف ابن تيمية السلف في ذلك لثبوت الأدلة على خلاف قول السلف. قلنا: هذا مصير منكم إلى الاحتجاج بالأدلة لا بشيء آخر وهذا ما ندعيه.
الوجه الثاني: ادعى ابن تيمية ومن معه أنّ الطلاق الثلاث يقع واحدة بدلالة صريح الكتاب والسنة والقياس وإجماع الصحابة قبل أن يمضيه عمر ثلاثا([5])، وأن من أوقعه ثلاثا لا حجة له وإن احتجوا له بحجتين أو أكثر و” لكن المنازع يبين أن هذه كلها حجج ضعيفة، وأن الكتاب والسنة والاعتبار إنما تدل على نفي اللزوم([6])”؛ وهذا يعني أن السلف الذين أوقعوا الطلاق الثلاث ثلاثا خالفوا الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ولكن الخلف الذين يتهمهم ابن تيمية بمخالفة السلف لا يتهمون السلف بكل هذه التهم، بل يقولون إن قول السلف هذا موافق للكتاب والسنة والإجماع والقياس، فهذا أبو بكر الرازي الجصاص([7]) ـ وهو معدود من المعتزلة ـ يقول: فالكتاب والسنة وإجماع السلف توجب إيقاع الثلاث معا([8]). فمن هو المخالف للسلف ومن هو المتابع لهم؟ أهو من يتهمهم بمخالفة الكتاب والسنة و. . .، أم من يقول عنهم عكس ذلك؟! ثم أين ثناء ابن تيمية ومن معه على السلف وأنهم أتبع الناس للكتاب والسنة وأشدهم فهما لهما؟! إن هذا الثناء منه هو السبب الذي دعاه إلى القول بوجوب اتباع السلف، فكيف نقض غزله وادعى عكس ذلك هنا؟! وإذا كان السلف قد خالفوا صريح الكتاب والسنة والإجماع والقياس في هذه المسألة أليس من المحتمل أن يكون السلف قد خالفوا الكتاب والسنة في مسائل يدعي ابن تيمية نسبتها إلى السلف([9])، وهل يطمئن القلب إلى اتباع من ثبتت عنه مخالفة الكتاب والسنة ؟!
الوجه الثالث: فَهِم ترجمان القرآن ابن عباس من قوله تعالى ﮅ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮄ [الطلاق: ٢] وقوع الطلاق الثلاث ثلاثا، فقد قال ابن عباس للسائل الذي طلق ثلاثا: إن الله تعالى يقول: ﮅ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮄ [الطلاق: ٢] وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجا، عصيت ربك وبانت منك امرأتك، وإن الله قال: ﮅ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﮃ عِدَّتِهِنَّ ﮄ [الطلاق: ١]. “وهذا تفسير من ابن عباس للآية بأنها يدخل في معناها: ومن يتق الله ولم يجمع الطلاق في لفظة واحدة، يجعل له مخرجاً بالرجعة، ومن لم يتقه في ذلك بأن جمع الطلقات في لفظ واحد لم يجعل له مخرجاً بالرجعة . لوقوع البينونة بها مجتمعة، هذا هو معنى كلامه، الذي لا يحتمل غيره . وهو قوي جداً في محل النزاع؛ لأنه مفسر به قرآناً، وهو ترجمان القرآن”([10]). وأما ابن تيمية فقد تأول الآية على غير ما تأولها ابن عباس، وجعل التقوى هنا عامة في كل من يتق الله([11]).
الوجه الرابع: احتج ابن تيمية ومن تبعه بقوله تعالى: ﮅ ﮦ ﮧﮨ ﮄ [البقرة: ٢٢٩] على أن الطلاق لا بد من أن يقع مفرقا، ووجه الدلالة: ﮅ ﮦ ﮧﮨ ﮄ، أي: هذا الطلاق المذكور ﮅ ﮦ ﮄ. وإذا قيل: سبح مرتين. أو ثلاث مرات: لم يجزه أن يقول سبحان الله مرتين([12]). اهـ وقد أخذ هذا الكلام ابن القيم وصار يعيد فيه ويزيد انتصارا لابن تيمية كعادته، فمثلا يقول: “والمرتان في لغة العرب بل وسائر لغات الناس: إنما تكون لما يأتي مرة بعد مرة فهذا القرآن من أوله إلى آخره وسنة رسول الله ’وكلام العرب قاطبة شاهد بذلك كقوله تعالى: ﮅ ﭿ ﮀ ﮄ التوبة: ١٠١. ويقول: “ولا تعقل العرب فى لغتها وقوع المرتين إلا متعاقبتين، كما قال النبى ’: “من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين([14]). فإذن لا يُعقل في لغة العرب المرتين إلا أن تكون واحدة تلو الأخرى، كذا ادعى ابن تيمية ومن تابعه، فتعالوا لنرى السلف كيف فهموا الآية، احتج الإمام الشافعي بقوله تعالى “الطلاق مرتان. . ” على أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثا، وبيّن وجه الدلالة فذكر أن الزوج إذا طلق زوجته ” ثلاثا مجموعة أو مفرقة، حرمت عليه بعدهن حتى تنكح زوجا غيره، كما كانوا مملكين عتق رقيقهم، فإن أعتق واحدا أو مئة في كلمة لزمه ذلك، كما يلزمه كلها جمع الكلام فيه أو فرقه، مثل قوله لنسوة له أنتن طوالق. .([15])” ومضى الشافعي يقرر ذلك بأحسن بيان، فهذا الشافعي وهو من السلف وهو أيضا حجة في العربية([16])، قد عقل وفهم من الآية غيرَ ما ادعاه ابن تيمية في تفسير “المرتان”.
وأما الأمثلة التي أتى بها كالتسبيح وشهادات اللعان، وأنه لا يحصل ذلك إلا بتكرار التسبيح وتكرار شهادات اللعان: فقياسٌ مع الفارق؛ لأن الأذكار أجرُها يكون على قدر النصَب فيها([17]) وهذا لا يكون إلا بتكرارها، أما تكرار شهادات اللعان فلأن المقصود منها التأكيد، بخلاف ما نحن فيه؛ فالقياس الصحيح هو القياس على عتق العبيد بلفظ واحد كما ذكر الشافعي؛ على أن قياسهم الطلاق على التسبيح لا يفيدهم بل ينقض مذهبهم؛ إذ عندهم أن الطلاق لا يقع إلا واحدة مهما تكرر مرات ومرات بألفاظ متفرقة ما دام في الطهر نفسه، فبطل تعلقهم بقوله تعالى: ﮅ ﮦ ﮧﮨ ﮄ كما قال ابن حزم([18]).
وأيضا فإن البخاري فهِم من الآية وقوع الطلاق الثلاث ثلاثا، حيث ترجم البخاري للمسألة فقال: “باب من أجاز الطلاق الثلاث لقوله تعالى: ﮅ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮄ [البقرة: ٢٢٩] قال القرطبي: “وهذه إشارة منه إلى أن هذا التعديد إنما هو فسحة لهم، فمن ضيق على نفسه لزمه([19]). ثم ما بال الصحابة والتابعين وأتباعهم من الأئمة الأربعة أوقعوا الطلاق الثلاث ثلاثا ولم يفهموا من “الطلاق مرتان” ما فهمه ابن تيمية، فهل هؤلاء كلهم يجهلون لغة العرب، وعلِمها ابنُ تيمية وابن القيم؟! وإذا لم يُسلّم ابنُ تيمية لفَهْم هؤلاء في مثل هذه المواطن، فمتى يُسلّم لهم، وماذا بقي من ادعائه أن فهمهم حجة؟!
الوجه الرابع: خالف ابن تيمية ومن معه السلف في تصحيح أحاديث الباب، فرجح أبو داود([20]) حديث ركانة بلفظ البتة([21])، دون من رواه بلفظ ثلاثا([22]). وضعّف البخاري([23]) وأحمد([24]) حديث ركانة بجميع ألفاظه وطرقه وقالا إنه مضطرب كما نقل ذلك عنهما ابن القيم([25])، ورجح ابن تيمية([26]) وابن القيم([27]) والألباني([28]) من رواه بلفظ الثلاث على من رواه بلفظ البتة، فخالفوا بذلك السلف قاطبة.
الوجه الخامس: خالف ابنُ تيمية ومنْ معه السلفَ في فهْم حديث طاووس عن ابن عباس([29])، فحمله إسحاقُ بن راهويه على أنه في غير المدخول فيها([30])، وقال الشافعي: حديثُ ابن عباس منسوخٌ([31])، وحمله أبو زرعة الرازي([32]) على أن الناس في زمن النبي ’ كانوا يطلقون واحدة، فلما كان زمن عمر كانوا يطلقون ثلاثا،([33]) ورجّح الإمام أحمد رأيَ ابن عباس في وقوعها ثلاثا على روايته في وقوعها واحدة([34]). وذكر ابن رجب([35]) أن الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد ويحيى القطان([36]) ويحيى بن معين وعلي بن المديني([37]) وغيرهم، كل هؤلاء حكموا بشذوذ حديث ابن عباس؛ لأنه لم يرو معناه من وجه يصح، قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: كلُ أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما روى طاووس. وقال الجوزجاني([38]): هو حديث شاذ لم أجد له أصلا، ثم قال ابن رجب: ومتى أجمع الأمة على اطراح العمل بحديث، وجب اطراحه وترك العمل به، كما أشار إلى ذلك النخعي وابن مهدي([39])؛ وقال القاضي إسماعيل في كتاب ” أحكام القرآن “: طاووس مع فضله وصلاحه، يروي أشياء منكرة، منها هذا الحديث، وعن أيوب أنه كان يعجب من كثرة خطأ طاووس. قال ابن رجب: وكان علماء أهل مكة ينكرون على طاووس ما ينفرد به من شواذ الأقاويل([40]). اهـ وهذا ما سار عليه جمع من الحفاظ المتأخرين كابن عبد البر حيث قال: “ما كان ابن عباس ليخالف رسول الله ’والخليفتين إلى رأي نفسه، ورواية طاووس وهم وغلط، لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار”([41]). وهو ما ذهب إليه ابن العربي([42]) والبيهقي([43]) وابن التركماني([44]) ([45]) حيث ذهبوا إلى الحكم بشذوذه.
وأما ابن تيمية وابن القيم والألباني فحكموا بصحة حديث ابن عباس، وأخذوا بظاهره؛ وقالوا: إيقاع طلاق الثلاث ثلاثا خلاف السنة؛ وهذا القول ليس هو قول مخالف للسلف فقط، وإنما هو طعن كبير في السلف؛ ولاسيما في الفاروق والصحابة الذين معه والأئمة الأربعة من بعدهم؛ حيث إن عمر أمضاه ثلاثا بعد أن كان يقع واحدة، ولو كانت السنة في طلاق الثلاث أن يقع ثلاثا، لكان معنى ما فعله عمر أنه بدّل سنة النبي، من بعد ما التزم بها أبو بكر، وليس هذا فحسب بل أقر الصحابةُ عمرَ على ذلك، وكانوا يفتون بوقوعه ثلاثا كما سبق؛ فهل يليق هذا بالصحابة، واتهامهم بأنهم غيّروا السنة برأيهم؟ فأين ثناء ابن تيمية وابن القيم على الصحابة بأنهم أشد اتباعا لرسول الله ’، وأنهم كانوا لا يقدمون على سنته رأيا، بل كانوا يتركون آراءهم ويأخذون بالسنة؟! ولقد أدرك ابن تيمية وابن القيم هذا الإشكال الوارد، فأجاب ابن القيم بما حاصله: إن عمر لم يخالف إجماعَ من تقدمه، بل رأى إلزامهم بالثلاث عقوبة لهم، لِما علموا أنه حرام، وتتابعوا فيه، ولا ريب أن هذا سائغ للأئمة أن يُلزموا الناس بما ضيقوا به على أنفسهم، ولم يقبلوا فيه رخصة الله عز وجل وتسهيله، بل اختاروا الشدة والعسر، فكيف بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وكمال نظره للأمة، وتأديبه لهم، ولكن العقوبة تختلف باختلاف الأزمنة والأشخاص، والتمكن من العلم بتحريم الفعل المعاقب عليه وخفائه، وأمير المؤمنين عمر رضى الله عنه لم يقل لهم: إن هذا عن رسول الله ’، وإنما هو رأي رآه مصلحة للأمة يكفهم بها عن التسارع إلى إيقاع الثلاث، ولهذا قال: فلو أنا أمضيناه عليهم، وفي لفظ آخر: “فأجيزوهن عليهم” أفلا يرى أن هذا رأي منه رآه للمصلحة لا إخبار عن رسول الله’([46]). وأجاب الألباني عن صنع عمر بعد أن قرر أن حديث ابن عباس ” نص لا يقبل الجدل على أن هذا الطلاق حكم محكم ثابت غير منسوخ”([47]) بأن ما فعله عمر اجتهاد منه حيث “رأى الخليفة الراشد، أن يمضيه عليهم ثلاثا من باب التعزيز لهم والتأديب”([48]) والواقع أن هذا الاعتذار والذي قبله ليس من ورائه طائل وما أظن أن قائله، مقتنع به فضلا عن أن يُقنع به غيره، إذ القول بأن عمر أمضاه عقوبة على الناس ليكفوا عن الطلاق الثلاث لأنه حرام ويرجعوا إلى الطلاق المشروع وهو إيقاعه مرة بعد مرة: ليس اعتذارا عن عمر، بل هو عذر يزيد الطين بلة، وبيان ذلك من وجوه:
الأول: قوله: “إن طلاق الثلاث حرام”، غيرُ مُسلّم، بل هو مختلف فيه، وابن القيم نفسه نقل عن الشافعي وأحمد في رواية وأبي ثور وأهل الظاهر بأن جمع الثلاث سنة([49])، ثم إذا كان طلاق الثلاث حراما، كان ينبغي ـ على أصل ابن القيم ـ أن لا يقع لا واحدة ولا ثلاثة، لأنه اختار أن طلاق الحائض لا يقع لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، ولأن الشارع حرمه لئلا يقع، فإيقاعه وإنفاذه ضد مقصود الشارع([50]).
الثاني: على التسليم بحرمة الطلاق الثلاث فكان يكفي عمر أن يوقعه واحدة دون أن يعاقب الناس عليه بأن يوقعه ثلاثا؛ لأنه لو كان يستلزم طلاقُ الثلاث عقوبةً لكان أولى أن يعاقب عليه رسول الله ’.
الثالث: قوله ” هذا سائغ للأئمة أن يُلزموا الناس بما ضيقوا به على أنفسهم، ولم يقبلوا فيه رخصة الله عز وجل وتسهيله، بل اختاروا الشدة والعسر “: لا معنى له؛ لأن الطلاق الثلاث إذا كانت السنة فيه أن يقع واحدة، فما هذا التشديد على الناس بما لم يشرعه الله ورسوله؟! ولاسيما أن النبي الكريم ’ يقول “اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه”([51])، وما هذا التضييق عليهم بتبديل السنة؟ والقاعدة أنه ما أقيمت بدعة إلا على أنقاض سنة، وكون الناس تسارعوا إلى إيقاع الثلاث في عهد عمر لا يوجب تغيير الحكم السابق الثابت في السنة، فالسنة لا تتغير كثر الناس أم قلوا.
الرابع: قوله “إن هذا سائغ للأئمة”، وقوله: إنه “رأي رآه للمصلحة”، وقولُ آخر “إنه من باب تقييد المباح بالسياسة الشرعية”([52]): هذا كله ليس من ورائه طائل، فأي مصحلة أو سياسة هذه التي تغيّر أحكام الشارع؛ إن هذه الاعتذارات تفتح الباب على مصراعيه للملوك والأمراء أن يعبثوا بشرع الله بحجة السياسة الشرعية وبحجة المصلحة وأن للإمام تقييد المباح.
الخامس: ثم إن إيقاع الثلاث واحدة ليس مباحا حتى يقيده الفاروق، بل هو واجب ويحرم إيقاعه ثلاثا عند ابن تيمية وابن القيم، فكيف يُعتذر عنه بأنه من باب تقييد المباح؟!
السادس: إن تقييد المباح لا يعني تبديل الأحكام الشرعية بحال، قال الدسوقي: “وإن أمر بمكروه ففي وجوب طاعته قولان وإن أمر بمحرم فلا يطاع قولا واحدا إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق واعلم أن محل كون الإمام إذا أمر بمباح أو مندوب تجب طاعته إذا كان ما أمر به من المصالح العامة”([53]) وقال القرافي: وليس له أن ينشئ حكما بالهوى واتباع الشهوات، بل لا بد أن يكون ذلك القول الذي حكم به، قال به إمام معتبر، لدليل معتبر([54]). وقال النابلسي([55]): وأمر السلطان ونهيه إنما يعتبران إذا كانا على طبق أمر الله ونهيه لا على مقتضى نفسه وطبعه([56]).
السابع: إن المصلحة تقتضي عكس ما فعله الفاروق، لأن الناس استعجلوا في إمضاء الطلاق في عهده، فالمصلحة تقتضي تخفيف إيقاع الطلاق لا تغليظه، فلو أن الطلاق الثلاث كان ثلاثا على عهد النبي لكانت المصلحة تقتضي أن يجعله عمر واحدة لئلا تبين المرأة، وما يؤكد ذلك أن الألباني حين دعا إلى جعل الثلاث واحدة تذرع بكثرة حوادث الطلاق في عصرنا([57])، وهذه هي عين العلة التي من أجلها أوقع عمر الثلاث ثلاثا في حديث طاووس عن ابن عباس لأن فيه “إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة”، فإذاً الألباني مقر بأن المصلحة في جعل الثلاث واحدة فكيف يدعي هو ومن معه بأن عمر أمضى الثلاث ثلاثا للمصلحة؟!
الثامن: إنْ كان هذا الاحتمال يتأتى في عمر لأنه الخليفة، فلا يتأتى في سائر الصحابة الذين كانوا يفتون بأن الثلات يقع ثلاثا ومنهم ابن عباس نفسه فقد روى كثير من أصحابه عنه أنه كان يفتي بأن الثلاث تقع ثلاثا([58])، الأمر الذي جعل كبار العلماء أمثال أحمد ويحيى القطان وابن عبد البر وغيرهم يرتابون فيما رواه طاووس ويردونه كما سبق، وجعل آخرين يتأولونه كابن قدامة حيث يعلل تأويله قائلا: “وإلا فلا يجوز أن يخالف عمرُ ما كان في عهد رسول الله ’ وأبي بكر، ولا يسوغ لابن عباس أن يروي هذا عن رسول الله ’ ويفتي بخلافه”([59]) علما أن الفتوى هنا ليست في المستحبات أو المكروهات والمباحات، بل هي في الطلاق الذي يترتب عليه أمور عظيمة، من النسب والنفقة والميراث والوطء، وغير ذلك مما فيه خوض الأعراض والأموال، فهذا لا يكون إلا عن علم وورع، وأصحاب رسول الله ’ أحرى بذلك.
فإن قيل: إن ابن عباس أفتى بذلك موافقة لعمر، فالجواب ما قاله الشافعي: “قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة، وبيع الدينار بالدينارين، وفي بيع أمهات الأولاد وغيره، فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي فيه خلافه”([60]) وكذلك الأمر بالنسبة إلى سائر الصحابة، فقد ثبت عنه أنهم كانوا يفتون بوقوع الثلاث ثلاثا([61])، ولم يثبت عن أحد خلافه كما سبق، وعلى هذا سار التابعون([62]) والأئمة الأربعة وغيرهم بل هو إجماع حكاه غير واحد، فماذا نقول في كل هؤلاء الذين أوقعوه ثلاثا، وأحلوا فروجا، وحرموا أخرى، فهل هؤلاء أوقعوه بمقتضى السياسة الشرعية أم بالمصلحة؟! أم أنهم لم يبلغهم حديث ابن عباس؟ كيف وقد رووه في مصنفاتهم، وتأولوه، ومنهم من حكم بنسخه، أو بشذوذه، لئلا يلزم منه تلك المحاذير السابقة على الصحابة ومن بعدهم.
التاسع: أما قول الألباني بأن هذا اجتهاد من عمر للمصلحة: فمما لا يحسد عليه، لأن الألباني ادعى أن حديث ابن عباس صريح صحيح، ودليل قاطع على أن السنة في طلاق الثلاث أنها تقع واحدة، وبالتالي فأي اجتهاد هذا الذي يكون مع النص القطعي دلالة وثبوتا؟ وأي باب سيفتح لكل من هب ودب ليعيث في نصوص الكتاب والسنة فسادا باسم الاجتهاد كما هو حاصل؟ لاسيما وأن العلمانيين ومن على شاكلتهم يحتجون باجتهادات عمر في المؤلفة قلوبهم وقطع يد السارق عام الرمادة، ويزعمون أنها اجتهادات خالف فيها عمر النصوص للمصلحة، ليتسنى لهم أن يخالفوا النصوص للمصلحة، وقد استطعنا الرد عليهم في هذه المواضع([63])، ولكن ماذا سنقول لهم في قضية الطلاق الثلاث؟ هل نقول لهم إن عمر اجتهد لتحقيق المصلحة؟ سيقولون لنا اتفقنا إذاً لأننا لا نقول أكثر من ذلك.
ثم ماذا سيكون موقف الألباني من خصومه، إذا صدر منهم اجتهاد في محل النص القطعي؟ وكم من الشتائم التي سينهال بها عليهم، إن الألباني لا يطيق أن يخالفه أحد كما سيأتي أمثلة على ذلك، فكيف يُطيق من يخالف رسول الله ويعتذر له؟! بل إن الألباني يشنّع في هذه المسألة بالذات على من يقول بأن الثلاث تقع ثلاثا([64])، فأحد أمرين إما أن يعذر الألبانيُّ عمرَ ومن وافقه وهم المذاهب الأربعة وسائر الأئمة ومن تابعهم، وإما أن يشنع على عمرَ ومن وافقه، أمّا أنْ يَعذر عمرَ ويشنّع على غيره فهذا تناقض وهوى!
والحاصل أن ما اعتذر به ابن القيم والألباني عن الفاروق هو إساءة إليه لا اعتذار عنه وأين هذا من قول الحافظ ابن حجر، فقد قال بعد أن استقصى الأدلة في هذه المسألة وحققها: “وفي الجملة فالذي وقع في هذه المسألة نظير ما وقع في مسألة المتعة سواء، أعني قول جابر أنها كانت تفعل في عهد النبي ’ وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، قال: ثم نهانا عمر عنها فانتهينا، فالراجح في الموضعين تحريم المتعة، وإيقاع الثلاث، للإجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك، ولا يُحفظ أن أحدا في عهد عمر خالفه في واحدة منهما، وقد دل إجماعهم على وجود ناسخ، وإن كان خفي عن بعضهم قبل ذلك، حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر، فالمخالف بعد هذا الإجماع منابذ له، والجمهور على عدم اعتبار من أحدث الاختلاف بعد الاتفاق([65]). اهـ. فلله در الحافظ على هذا الجواب المحكم.
والواقع أن ما سلكه الجمهور من السلف والخلف من تأويلهم لحديث ابن عباس أو حكمهم بنسخه أو شذوذه: هو من توفيق الله لهم، ومن ثقب نظرهم لئلا يلزم كل تلك المحاذير من الطعن بالصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومن فتح الباب على مصراعيه للعبث بالشريعة لكل ناعق، فرضي الله عنهم وعن الذين يتابعونهم. وأما ما سلكه ابن تيمية ومن معه فهم فضلا عن أنهم خالفوا السلف والخلف في تعاملهم مع حديث ابن عباس رواية ودراية، وفي فهمهم للنصوص الواردة في الباب كما سبق، فإنهم قد فتحوا الباب لكل تلك المحاذير الخطيرة السابقة، فلا جرم أن هيئة كبار العلماء في السعودية قامت بإعداد بحث جامع ماتع في هذه المسألة([66])، استقصت فيه أدلة الفريقين وما يرد عليه، ثم رجحت ـ بالأكثرية ـ ما ذهب إليه الجمهور، وتركت رأي ابن تيمية ومن معه، وهذا من إنصافهم فجزاهم الله خيرا.
([1]) أحكام القرآن للجصاص 1/527، المنتقى للباجي 4/3، المبسوط للسرخسي 6/57، المغني لابن قدامة 7/282، فتح القدير لابن الهمام 3/468، تحفة المحتاج 8/83.
([2])سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/272)، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف بالرياض، ط1/ 1992م.
([3]) وقد ألف الشيخ أحمد شاكر كتابا انتصر فيه لقوله سماه ” نظام الطلاق في الإسلام” طبع في مكتبة السنة بالقاهرة، ، وقد ألف العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري ردا عليه سماه: الإشفاق من أحكام الطلاق.
([4]) قال ابن عبد الهادي في “سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث” ص77: قال ابن رجب: اعلم أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من الأئمة السلف المعتد بقولهم في الفتاوي في الحلال والحرام شيء صريح في أن الطلاق الثلاث بعد الدخول يحسب واحدة إذا سبق بلفظ واحد. انظر: مجلة البحوث الإسلامية – (3/55). ونقل الإجماع على أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثا الجصاص في أحكام القرآن 1/529، والباجي في المنتقى 4/3، وغيرهما انظر: مجلة البحوث الإسلامية – (3/81)
([5]) إعلام الموقعين – (3/34) ط/ دار الجيل، سير الحاث في علم الطلاق الثلاث لابن عبد الهادي \ 90، إغاثة اللهفان لابن القيم- (1/288 (دار المعرفة – بيروت، ط2/، 1975م. سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/272).
([6]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3/258)
([7]) انظر ترجمته رقم [31].
([8]) أحكام القرآن 1/529
([9]) المسائل التي نسبها ابنُ تيمية للسلف: القول بحوادث لا أول لها؛ القول بحلول الحوادث بذات الله، أن الله ينزل ولا يخلو منه العرش، أن الحسن والقبح عقليان، أن العبد فاعل حقيقة، أن في الأشياء قوى فاعلة، أنه لا يجوز الاستدلال على وجود الله لأن معرفته فطرية، أن الله يتكمل بخلقه، أن لله أغراض، أن لله يدان يعمل بهما، وأن له عينان يرى بهما، أن لله صفات أعيان كاليدين والعينيين، أن لله صفات اختيارية كالكلام والنزول والصعود، أن لله حد وجهة وحجم وأنه بائن ومتحرك، أن آيات الصفات ليست متشابهة، أن السلف لا يقولون بالتأويل ولا بالتفويض. وهذه المسائل لا تصح نسبتها إلى السلف قطعا؛ وثمة كتب توضح ذلك، مثل كتاب: الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية، سعيد فودة، ط/مكتبة الرازي بالأردن؛ وكتاب: ابن تيمية ليس سلفيا، منصور عويس، ط/ دار النهضة بالقاهرة. وكتاب: تنزيه الرب المعبود عن الحيز والحدود، لعبد العزيز الحاضري، ط/مكتبة اليسر.
([10]) أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (1/117)، للشيخ: محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي، دار الفكر في بيروت، 1995م.
([11]) الفتاوى الكبرى – (3/297)
([12]) الفتاوى الكبرى – (3/250).
([13]) إغاثة اللهفان، (1/283) ط/ دار المعرفة.
([14]) زاد المعاد في هدي خير العباد – (5/244).
([15]) انظر: اختلاف الحديث للإمام الشافعي ضمن كتاب الأم له 8/660.
([16]) سير أعلام النبلاء – (10/49 (
([17]) الإشفاق على أحكام الطلاق ص28، للعلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث بالقاهرة.
([18]) المحلى – (10/168 (، انظر: محاضرات في الفقه المقارن، د. البوطي، ص111.
([19]) الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي، ط/ الرسالة – (4/59)
([20]) فقد صححها أبو داود كما جاء في سنن الدارقطني فقد قال بعد أن ساقها: ” قال أبو داود هذا حديث صحيح. سنن الدارقطني 2 \ 439.
([21]) وهو ما رواه أبو داود (2206)والترمذي (1177) وابن ماجه (2051)«عن ركانة بن عبد يزيد أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي – ’ – وقال والله ما أردت إلا واحدة. فقال رسول الله – ’ -: ” والله ما أردت إلا واحدة ؟ “. قال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله – ’.
([22]) وهو ما رواه أبو داود (2196)، وأحمد في مسنده (4/215) عن ابن عباس قال طلق ركانة بن عبد يزيد أخو المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا قال فسأله رسول الله ’ كيف طلقتها قال طلقتها ثلاثا قال فقال في مجلس واحد قال نعم قال فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت قال فرجعها.
([23]) حكاه عنه الترمذي في جامعه 5 \ 132.
([24]) حكى ذلك عنه المنذري في مختصر سنن أبي داود 3 \ 122.
([25]) زاد المعاد في هدي خير العباد (5/263)، ط/ مؤسسة الرسالة.
([26]) الفتاوى الكبرى – (3/254)، ونقل ابن تيمية عن الإمام أحمد أنه رجح هذه الرواية، ولكن قال ابن القيم زاد المعاد (5/263): وقال الإمام أحمد: وطرقه (أي حديث ركانة) كلها ضعيفة.اهـ وقال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يضعف طرق هذه الأحاديث كلها. ثم ضعف الخطابي رواية الثلاث، معالم السنن 3/236، وقال ابن قدامة في المغني – (8/272): فأما حديث ركانة فإن أحمد ضعف إسناده فلذلك تركه.اهـ ثم إن أحمد رأيه أن الثلاث تقع ثلاثا، وحكم بضعف هذه الرواية البيهقي في السنن الكبرى 7/339، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/640. وقال ابن عبد البر في الاستذكار – (17/21: هذا حديث منكر خطأ وإنما طلق ركانة زوجته البتة لا كذلك رواه الثقات أهل بيت ركانة العالمون به.اهـ وقال ابن الهمام في شرح فتح القدير 3/471: وأما حديث ركانة فمنكر.
([27]) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم 3 \ 121.
([28]) إرواء الغليل – (7/145)
([29]) وهو ما رواه مسلم (1472) عنه: كان الطلاق على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
([30]) فتح الباري (9/363)
([31]) الفتح (9/363) واختاره الطحاوي في شرح معاني الآثار. شرح معاني الآثار3\56، تأليف: أحمد بن محمد بن سلامة بن عبدالملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، دار المعرفة ببيروت.
([32]) انظر ترجمته رقم [61].
([33]) رواه البيهقي عنه بسند صحيح كما في فتح الباري (9/364)
([34]) قال الأثرم سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله r وأبي بكر وعمر واحدة بأي شيء تدفعه قال براوية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه. إعلام الموقعين – (3/35)
([35]) انظر ترجمته رقم [54].
([36]) انظر ترجمته رقم [164].
([37]) انظر ترجمته رقم [146].
([38]) انظر ترجمته رقم [33].
([39]) انظر ترجمته رقم [103].
([40]) مجلة البحوث الإسلامية – (3/120)، نقلا عن كتاب مشكل الأحاديث الواردة أن الطلاق الثلاث واحدة، لابن رجب.
([41]) الاستذكار – (17/15)
([42]) أضواء البيان للشنقيطي (1/130)، دار الفكر.
([43]) فتح الباري 9 \ 363.
([44]) انظر ترجمته رقم [27].
([45]) الجوهر النقي لابن التركماني – مع سنن البيهقي. – (7/338)
([46]) زاد المعاد في هدي خير العباد – (5/270)
([47]) سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/272
([48]) سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/272
([49])زاد المعاد في هدي خير العباد – (5/252)، وانظر: المغني ومعه الشرح الكبير 8 \ 242.
([50]) زاد المعاد في هدي خير العباد – (5/224)
([51]) أخرجه مسلم من حديث عائشة مرفوعا، انظر صحيح مسلم (1828)، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم.
([52]) مسائل في الفقه المقارن ص203، د. عبد النصر أبو البصل ورفاقه، دار النفائس بالأردن. ط2/1997
([53]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير – (1/407)، ط/دار الفكر.
([54]) الإحكام للقرافي ص44.
([55]) انظر ترجمته رقم [105].
([56]) مقالات الكوثري ص199، ط/الأزهرية؛ نقلا عن الحديقة الندية للنابلسي.
([57]) سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/272)
([58]) وقد روى البيهقي بأسانيده وقائع كثيرة فيها أن ابن عباس أوقع طلاق الثلاث ثلاثا، وذلك من رواية عدد من أصحابه، ثم قال البيهقي بعد ذلك: فهذه رواية سعيد بن جبير وعطاء بن أبى رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير، ورويناه عن معاوية بن أبى عياش الأنصارى كلهم عن ابن عباس أنه أجاز الطلاق الثلاث وأمضاهن. انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/338).
([59]) المغني (7/282)
([60]) اختلاف الحديث للشافعي (1/549 (
([61]) روى ابن أبي شيبة بأسانيده آثارا كثيرة عن الصحابة والتابعين فيها أنهم أوقعوا الثلاث ثلاثا، وهذا سرد لبعضها: روى عن علقمة، عن عبد الله، قال: أتاه رجل فقال: إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين مرة ؟ فقال عبد الله: بانت منك بثلاث وسائرهن عدوان؛ وعن زيد بن وهب، أن رجلا بطالا كان بالمدينة طلق امرأته ألفا، فرفع إلى عمر وفرق بينهما. وجاء رجل إلى علي، فقال: إني طلقت امرأتي ألفا ؟ قال: بانت منك بثلاث، واقسم سائرهن بين نسائك. وجاء رجل إلى عثمان فقال: إني طلقت امرأتي مئة، قال: ثلاث يحرمنها عليك، وسبعة وتسعون عدوان. وعن المغيرة بن شعبة، أنه سئل عن رجل طلق امرأته مئة ؟ فقال: ثلاث يحرمنها عليه، وسبعة وتسعون فضل. وروى أيضا عن ابن عباس وعمران ابن حصين وعمر وغيرهم نحو ذلك، انظر: مصنف ابن أبي شيبة 9/519، 521، وما بعدها، ط/عوامة.
([62]) فمن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/523 عن شريح: قال (أي قال له رجل): إني طلقتها مئة ؟ قال: بانت منك بثلاث، وسائرهن إسراف ومعصية. وعن الحسن، قال: جاء رجل إلى الحسن، فقال: إني طلقت امرأتي ألفا قال: بانت منك العجوز. وانظر آثارا أخرى كثيرة في: الاستذكار لابن عبد البر (17/13).
([63]) وقد بسطت الكلام في قضايا عمر هذه، والرد على من استدل بها لتسويغ مخالفة النصوص بزعم المصلحة، وذلك في أطروحتي العلمية: عوامل الثبات والتغير في الأحكام الشرعية ص60.
([64]) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/272)
([65]) فتح الباري: 9 \ 299.
([66]) وهو منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثالث، من ص27، إلى ص173؛ وقد استفدت منه كثيرا.
https://www.facebook.com/groups/211024422427190/posts/245181359011496/