(أدلة الأحناف على جواز خروج زكاة الفطر مال)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد……
أصل الخلاف بين الأحناف والجمهور هو لماذا شرع الشارع زكاة الفطر
يرى الأحناف أن الأصل في جميع المعاملات والعبادات المالية المصلحة العامة
وبالتالي قالوا بجواز إخراج زكاة الفطر مال بناء على ثلاثة أمور
الأولى جواز إخراج القيمة في الزكاة مطلقا، ولنا:
1-روى ابن ابي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن قيس بن ابي حازم عن الصنابح الأحمسي قال: أبصر النبي- صلى الله عليه وسلم- ناقة حسنة في إبل الصدقة فقال:”ماهذه” قال صاحب الصدقة: إني ارتجعتها ببعيرين من حواشي الأبل، فقال:”فنعم إذن”.
2-روى البيهقي بسنده عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: قال: معاذ يعني ابن جبل باليمن: أتوني بخميس أو لبيس أخذه منكم مكان الصدقة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة.
فهنا نرى قاعدتين
الأولى جواز القيمة في الزكاة، وتخصيصها بدون زكاة الفطر تحكم لا دليل عليه
الثانية جواز مراعاة مصلحة الفقير في قول سيدنا معاذ بن جبل “خير للمهاجرين” فجاز الإفتاء بالخير للفقير، وما دامت الخيرية متغيرة بتغير الزمان فلا يشترط هنا أن ينص الشارع على آحاد الخيرية
ثانيا: الصحابة رضوان الله عليهم أجازوا إخراج مقابل الصاع من التمر نصف صاع من القمح مادام يقابله في القيمة، وهذا مروي عن الخلفاء الأربعة ومعاوية وابي هريرة وابن مسعود ووافقهم ما لا يعد ولا يحصى من التابعين، ولو كان المقصود بنص حديث ابن عمر في صدقة الفقر التعبد بإخراج آحاد ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم-لما جاز العدول عن غيره، فلما عدل عنه الصحابة علمنا جواز ذلك.
والدعوى بأن المقصود هو جنس الطعام لا غيره محل نظر، فما أتى من الروايات باستبدال المنصوص عليه في الحديث بما يوازيه من غيره من طعام لم يأتي معه ما يدل على تخصيصها بالطعام، بل مطلق مراعاة مصلحة الفقير.
الثالثة: العلة في زكاة الفطر وكون القيمة سنة عن بعض السلف:
4-عن ابن عمر قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من طعام أو صاعا من زبيب”
وفي رواية “اغنوهم عن المسألة” فذكر هنا العلة في الصدقة، ولا شك أن هذا يتغير بتغير الزمان
5- وعن ابن عون عن ابن سيرين عن ابن عباس قال( صاع صاع، من جاء ببر قبل منه، ومن جاء بسويق قبل منه، ومن جاء بدقيق قبل منه) والشاهد هنا كما قلنا من جواز القيمة مطلقا
6- عن ابن ابي شيبة عن ابي أسامة عن عوف قفل سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدي بالبصرة:” يؤخذ من أهل الديوان من أُعطياتهم عن كل إنسان نصف درهم”
فجاز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وقلنا هنا أنها زكاة الفطر لأنها هي التي تأخذ من الجميع، حتى ممن يأخذ من الديوان
7-وعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم”
وموضع الدلالة هنا ليس فقط أن عمر بن عبد العزيز إمام متبع، بل كونه كتب بذلك للأمصار وكلها علماء وفقهاء، فصار كالسنة
فإن علمت أن عمر بن عبد العزيز عاصر ما يقرب من ثلاثة ألاف صحابي تعرف أنه ليس في الأمر مخالفة لشيء من السنة، كيف وقد تواتر عن الصحابة الوقوف أمام ما ابتدعه حكام بني أمية مما ليس في شرع الله، فتأمل
8- وعن وكيع عن سفيان عن هشام عن الحسن قال:”لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر” والحسن هو الحسن
9-عن ابي أسامة عن زهير قال سمعت أبا إسحاق يقول “أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام”
وابي إسحاق هذا من التابعين فيقصد بقوله أدركتهم الصحابة رضوان الله عليهم
فتأمل وفقنا الله لما يحب ويرضى.