آخر قلاع النجدية تتصدع
[ مراجعات سلفية لمرتكزات الفكر السلفي ] .
تضطرم نار التناقضات بين رموز الفكر السلفي فيما يعدونه أصول التوحيد ونواقض الإسلام منذ نشأة الفكر النجدي .
ففي حين عد مؤسس الدعوة النجدية مظاهرة الكفار أحد النواقض العشرة للإسلام كانت هذه الناقضة هي السيف التي انتزع به معارضو الأمير تركي بن عبدالله ولايته الشرعية عندما استعان بالأتراك وأفتى بردته العلامة بن سحيمان في رسالته ( النجاة والفكاك من موالاة المرتدين الأتراك ) .
تكرر ذات الأمر عند توقيع الإمام عبد العزيز بن سعود ترسيم الحدود مع الإنجليز وأمر بكف الهجوم ( الجهاد سابقا ) خارج نطاق الحدود الموقع عليها .
وكانت هجمات عبد العزيز قد عمت الجزيرة ووصلت إلى الشام وكربلاء واقتربت من صنعاء اليمن كما حدث في الدولة الثانية .
رفض جنود عبد العزيز الأمر وقال قائلهم :
( ما الذي حدث ؟
هل أسلموا أم كفرنا ) ؟
في إشارة إلى من تم الأمر بكف مهاجمتهم .
حسم السيف العذل وانتهى الأمر بالإنتصار الذي حققه عبد العزيز على إخوان من طاع الله الذي كادوا يجعلون من عرشه هباء منثورا في معركة السبلة بعد تدخل الطائرات البريطانية لصالح الأخير .
تم إشهار ذات السيف في وجه الملك فهد بن عبد العزيز من قبل التيارات الصحوية والجهادية بعد استعانته بالأمريكان وإدخالهم المملكة استناداً إلى نواقض مؤسس الدعوة النجدية ذاتها .
حينها شهدت الساحة العلمية حراكا كبيراً ذات اتجاهات متعاكسة تتحدث عن المظاهرة والموالاة المكفرة والغير مكفرة لتتبنى المؤسسة الدينية مفاهيم جديدة حول المظاهرة والموالاة مقابل إصرار الصحوية على نواقض المؤسس .
وكنموذج نجد رسالة الجهادي أبي يحيى الليبي حول الولاء والبراء الذي زعم فيه الإجماع على كفر موالاة ومظاهرة الكفار بأي شكل من الأشكال .
#
في بداية محاولة الملك عبد العزيز آل سعود إدخال التحديثات الإدارية والتقنينات المتعلقة بها واجه رفضا شرسا من المفتي العام العلامة محمد بن إبراهيم الذي وصل به الأمر إلى الإفتاء بأن الزي الجديد للجيش السعودي من التشبه بالكفار المخرج من الملة كما رفض العديد من القوانين والأنظمة المتعلقة بالتحديث والتقنين .
أخيراً أصدر المفتي العام رسالته الشهيرة ( تحكيم القوانين ) التي أصبحت فيما بعد سلاح الصحوية التي امتزج فكرها بكتابات سيد قطب حول الحاكمية والتي وصلت إلى الصحوية عبر الإخوان المصريين القطبيين الذين استنجد بهم الملك عبد العزيز لإنقاذه من الهاجس الذي سببه له المفتي العام لخبرة الإخوان في مجال الفقه المعاصر والتأصيل للتقنين والتحديث .
[ كان كالمستحير من الرمضاء بالنار ] .
ذات رسالة المفتي العام كانت مستند الجهادي الأردني أبي محمد المقدسي عاصم البرقاوي في كتابه ( الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية .
في ذات الوقت نجد في كتاب العلامة حافظ الحكمي ( العقيدة الحكمية ) رفضا قاطعا لمرتكزات رسالة المفتي العام .
كما نجد ذات الموقف من العلامة بن باز في شريطه ( الدمعة البازية ) وهو ذات موقف الألباني الذي سيخوض فيما بعد معركة ضروسا مع الصحوية والجهادية حول تعريف الإيمان والكفر ومنزلة عمل الجارحة من الإيمان والتكفير بعمل الجارحة المجرد عن عمل القلب .
في حين وافق العلامة ابن عثيمين وابن جبرين رسالة المفتي العام وهذا الأخير كان إخوانيا متعصبا للإخوان لا يكل ولا يمل من الدفاع ورد العاديات عنهم .
#
انطلقت بعد ذلك معركة الإيمان والإرجاء وعمل الجوارح وهي اشرس مسألة خلافية عمت الوسط السلفي وأحدثت البلبلة والخلخلة في صفوفه باعتراف كتاب ( ما بعد السلفية ) الذي قال أن هذا الخلاف هو الخلاف الجوهري الوحيد المعتبر داخل السلفية المعاصرة .
بدأ المعركة الدكتور سفر الحوالي برسالته الجامعية التي أشرف عليها الأب الروحي للصحوية القطبية الأستاذ محمد قطب .
في حين نجد موقف المؤسسة الدينية الرسمية ضبابيا وغير واضح نجد أن الرمز السلفي الذي حمل على عاتقه مواجهة الصحوية القطبية في هذه المعركة هو العلامة الألباني والذي بدأ حربه بشريطه الشهير ( الكفر كفران ) والذي لم يبق صحوي قطبي أو جهادي لم يرد عليه .
أشهر الطرف الآخر في وجه الألباني سيف الإرجاء وخنجر الجهمية التي زعموا أن فكر الألباني ينطلق منها .
ختم الألباني معركته برد مطول على كتاب الحوالي ( ظاهرة الإرجاء ) اتهم فيه الحوالي بتقرير مذهب الخوارج .
ساهمت السلفية الجامية بقوة في المعركة وأصدرت ما لا يحصى من الكتب والردود على الحوالي ورفاقه الصحوية ونجد أبرز الأسماء أمامنا الشيخ محمد شقرة والشيخ علي الحلبي والشيخ عبد العزيز الريس والدكتور خالد العنبري والقائمة تطول .
ونستطيع معرفة شدة المعركة من خلال عنوان كتاب الشيخ عبد العزيز الريس في رده على الحوالي :
( تطهير الأرجاء من أباطيل كتاب ظاهرة الإرجاء ) .
ومن الردود المتوسطة على الحوالي كتاب سلفية الإسكندرية الذي أصدره الدكتور ياسر برهامي :
( قراءة نقدية لكتاب ظاهرة الإرجاء ) .
لا يعلم عدد المصنفات في هذه المعركة إلا الله سبحانه والمعركة مستمرة .
#
في خضم معركة الإيمان والإرجاء والجهمية انطلقت معركة الخلاف حول الإعذار بالجهل .
كان الذي بدأ هذه المعركة هو تيار وسط لم يستطع أن يقبل بفكرة مراجعة أصول الدعوة النجدية ولم يستطع أن يبلع الغلو الذي وصل إليه الصحوية والقطبية والجهادية .
ظن أنه يقدم حلا وسطا يتضمن تقرير أصول الدعوة النجدية مع وقف تنفيذها وتطبيقها مؤقتاً بحجة العذر بالجهل ليتسطى لهذا الحل المستهدفون به بعدد من المصنفات ولا زالت المعركة محتدمة .
#
آخر قلاع الدعوة النجدية والسلفية تتصدع وتتعرض لهجوم شرس بدأه العلامة ابن عثيمين بفتوى غريبة تفرق بين الطلب من الميت وطلب الدعاء منه .
أعاد هذه الفتوى إلى الواجهة بقوة الكتاب المرفق بالمنشور والذي أحدث ضجة ورجة في الوسط العلمي السلفي كان أبرز المتصدين له الدكتور صالح الفوزان الذي قال أن مراد ابن تيمية رحمه الله بالبدعة في كلامه على طلب الدعاء من الميت هو البدعة الشركية .