وفاة الأستاذ الكبير
علي الرضا بن زين العابدين الحسيني التونسي الدمشقي
(1351- 1445هـ)
(1932- 2023م)
استيقظت صباح هذا اليوم الأحد ١8 جمادى الآخرة ١٤٤٥ في آخر يوم من أيام السنة الميلادية ٢٠٢٣ لأجد الصفحات ترثي الأستاذ الكبير العالم الأديب الشاعر المؤرخ المحقق الكاتب البحاثة سليل الشرف والعلم علي الرضا الحسيني التونسي الأصل الدمشقي المولد والوفاة (18 رجب 1351هـ – 17 جمادى الآخرة 1445هـ / 17 نوفمبر 1932م-30 ديسمبر 2023م).
وهذا تعريف له بعائلته:
عائلتي آل الحسين——-
رمتنا صروف الدهر في كلِّ موطنٍ…. كما ينثرُ الفلّاحُ في ارضهِ البذرا
هنالكَ في أقصى الجزائر ِ جذرُنا…. بـ ( طولْقةَ) حيث الجَدُّ قد فوّحَ العطرا
وطابتَ به واحاتُ ( نفطةَ) نخلة…. فكانتْ عراجيناً وباهتْ بها فخرا
وفي تونسَ الخضراءِ عاصمةِ التّقى…شيوخُ تخالُ النورَ في وجههم بدْرا
وَإِنَّ الامامَ الخضْرَ في مِصْرَ نعمةٌ…. من الله أهداها لازهرها كبرى
وفي الشامِ زينٌ زيّنَ الشامَ علمُهُ…. وأرسى بها النعماءَ والفضلَ والخيرا
وحدّثْ عَنِ استنبولَ ما شئتَ وافتخرْ….. بآلٍ لعزّوزٍ أضاء بها الفجرا
وان طفت في كلّ البقاعِ تجدْ بها …لنا موطناً لا تستطيع لها حصرا
ويعرف بنفسه بهذه الأبيات:
عليُّ الرضا
أبي المحبوبُ سمّاني ( عليّاً)…. جزاه الله ُ من اسمٍ شريف ِ
وأردف َ ب( الرضا) حبّاً وجاهاً…. لآل الْبَيْتِ من أغلى الحروفِ
بمذهبِ مالكٍ أُلبستُ ثوباً….. من التقوى وبالخلُقِ العفيفِ
وإسلامي سيبقيني عليّاً ….. وأمضي في مقدّمةِ الصفوفِ
ويجيب عمن ساله: من هو علي الرضا الحسيني؟
مالكيٌّ انْ تسلْ عن مذهبي…. وشريفٌ انّ تسلْ عن نسبي
وجوابي انْ تسلْ عن مجملي….. مسلمٌ وَمِنْ دماء العربِ
وحياتي للهدى أوقفتها….. ورضاءُ الله اعلى مطلبي
وتعود صلتي به قبل عقود، وأكرمني بزيارتي في بيتي بجدة مع زوجه المصون، وسعدت بصحبته إلى مجلس شيخنا العلامة علي الطنطاوي، وتكرم بإهدائي مجموعة الكتب التي أصدرها لعمّه العلامة الكبير شيخ الأزهر محمد الخضر حسين في طبعتها الأولى.
واستمر التواصل بيننا، وقد نشر لي في كتابه” رسائل المحبة من الأحبة”خمس رسائل، ص٢٦٦-٢٧٦.
ولدي رسائل خطية كثيرة منه ليست الآن تحت يدي.
ويعود الفضل في توثيق الصلة به لأخي الكريم محمد آل رشيد وفقه الله الذي كان يزوره في دمشق ويصله بكثير من أهل العلم والأدب.
وقد كتب لنا هذه الأبيات:
الشيخان محمد آل رشيد ومجد مكي
شيخان في قلبي لهنَّ محبّةٌ….. في الله لن تلقى لهنَّ مثالا
شمسٌ تشعشعُ في يميني نورها…. وبيَسرتي قمرٌ السماء تلالا
آل الرشيدِ وفي الرياض ضياؤهُ…… وبدوحةٍ مكّيُّها قد جالا
وتجدد التواصل بيننا عبر صفحته الثرية الغنية على الفيسبوك ، وببننا رسائل خاصة كثيرة جدًّا.
ولا أعلم عالمًا متواضعًا نبيلًا خدم تراث أسرته وأعان الباحثين في دراساتهم وشجعهم في أعمالهم كما قام بذلك أستاذنا الراحل الكبير رحمه الله تعالى.
فقد جمع تراث عمه شيخ الأزهر الإمام محمد الخضر حسين.
وتراث والده العلامة الشيخ زين العابدين التونسي.
وتراث عمه العلامة اللغوي محمد المكّي بن الحسين.
وتراث خال والده العلامة الشيخ محمد المكي بن عزّوز.
وقد احتفى بخدمتي لرسالة خال والده في ” العقيدة الإسلامية” وقرظها لي بقصيدة شعرية.
واستمر في عطائه العلمي والأدبي وحضوره في وسائل التواصل حتى آخر عمره.
وكان آخر ما نشره في صفحته قبيل رحيله: ” من رسائل شيوخ المالكية في عصره العلامة محمد بن يوسف التونسي الشهير بالكافي. وقد أعددت مؤلفاته في سبعة مجلدات وستصدر بإذن الله”.
وبقي على تواصل مع أبنائه وإخوانه في منزله بدمشق وعبر رحلاته العلمية وصفحته الثرية، مستعدًّا للقاء ربه سبحانه.
وهذه وصية له كتبها قبل وفاته بثلاثة أعوام:
اتّقِ الله
ولدت عام ١٣٥١ هـ ومع بدء العام الهجري المبارك ١٤٤٢هـ أكون قد بلغت من العمر ٩١ عاماً هجرياً، وقد خبرتُ في هذه الأعوام المديدة كلمتين ، من جعلهما نوراً بين عينيه في هذه الحياة وعمل عليهما بصدق واخلاص ،فاني أقسم بالله الواحد الأحد أنهما النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ( اتّقِ الله).
وقد كتب هذه الأبيات على شاهدة قبره في دمشق قبيل وفاته :
كوخي سأتركه بدنيا خاسرة….. يوماً لذا هيّأتُ داري الآخرة
وأرى النّبيَّ محمّداً بضيائهِ….. وجهاً لوجهٍ في جنانٍ عاطرة
وهناكَ آبائي أرى وعمومتي….. وجميعَ من احببتُهم في الذاكرة
يا ربّ حقّقْ ما رجوتُ بدعوتي…. والنفسُ حامدةٌ إليك وشاكرة
رحم الله أستاذنا الكبير علي الرضا الحسيني وجزاه عما قدم لدينه وأمته وأسرته خير الجزاء وأوفاه