تنزيه الله عن المكان والجهة والحيز

“حكم الإمام التابعي أبي حنيفة في مَن أثبت لله تعالى المكان”، ومعنى قوله “من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر”/ منقول

“حكم الإمام التابعي أبي حنيفة في مَن أثبت لله تعالى المكان”.

قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: “من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر”.
أي: أنَّ مَن أثبت لله تعالى مكاناً في السماء أو في الأرض وإن جهل تعيينه فقد كفر .
لأن نفي المعرفة في الوجهين مُسلَّط على تعيين الظرفية: “في السماء”, “في الأرض”.
والقاعدة عند أبي حنيفة رضي الله عنه: “أنَّ التجويز في حكم التنجيز في باب العقائد”.
فمَن جَوَّز على الله تعالى المكانَ وإن جهل تعيينه في الحال مع احتمال التعيين في المآل فهو مثبت لله تعالى المكان في الحال فيُكفَر به.
ثم قال في رواية أبي الليث: قال الله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) فإن قال: أقول بهذه الآية ولكن لا أدري أين العرش في السماء أم في الأرض فيكفر أيضاً.

وهذا الكلام في معنى سابقه, فإنه أثبت إيمانه بالآية ثم جعل العرش مكاناً لله تعالى لكنه جهله أهو في السماء أم في الأرض.

فالعلة في كفره في الحالين هي تجويزه المكان لله تعالى والتجويز في حكم التنجيز كما سلف.

قال العلامة ابن نجيم: “وبإثبات المكان ـ أي: ويُكفَر بإثبات المكان ـ لله تعالى: فإن قال: الله في السماء: فإن قصد حكاية ما جاء في ظاهر الأخبار لا يُكفَر, وإن أراد المكان كفر, وإن لم يكن له نية كفر عند الأكثر وهو الأصح وعليه الفتوى”. اهـ, “البحر الرائق”.

فها أنت ذا ترى أنه إن أراد بقوله: “الله في السماء” إثبات المكان لله تعالى فإنه يُكفَر قولاً واحداً, وإن قال: “الله في السماء”, ولم يكن له نية لا في إثبات المكان ولا في حكاية ظاهر الأخبار فإنه يكفر على القول الأصح المفتى به.

فانظر ـ عافاك الله تعالى ـ إلى خطر هذه الكلمة, وإلى أين تؤدي بصاحبها والعياذ بالله تعالى ..

السابق
عقيدة أَيمة السادة المالكية في الغرب الإسلامي.
التالي
الحافظ ابن عبد البر أثبت المجاز ونفى الحقيقة اللغوية في صفة الضحك/ منقول