من هم الأشاعرة…؟؟
(مقالة غاية في الأهمية خصوصاً لطلاب العلم)
الأشاعرة: لقبٌ يطلق على أهل السنة أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري في طريقة استدلاله، وهنا سؤال يفرض نفسه، إذا كانت هذه الفرقة تتبع السلف الصالح أهل السنة والجماعة، فلماذا تُنسب إلى الأمام الأشعري؟؟
والجواب: إن نسبتهم إلى هذا الإمام لكونه نهض لنصرة عقائد السلف بالنقل والعقل على وجه لم يُسبق إليه، فهي نسبة اشتهار، كما أننا نقول قراءة عاصم، وقراءة نافع، ونسبة هذه القراءات إليهم لا يعني أنهم اخترعوها، ولكن لتصديهم لجمعها وتدريسها والاعتناء بها، نسبت إليهم.
وكما نقول: مذهب مالك ومذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة ومذهب أحمد، ولا تعني هذه النسبة أن مذاهبهم مقطوعة الصلة عن الصحابة والتابعين.
قال الإمام تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار الـْمُقْتَدِي به في ذلك؛ السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً).
وتأمل معي كلام الإمام الحافظ الفقيه البيهقي فقد
قال: (إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري فلم يحدث في دين الله حدثًا ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين).
ولحسن احتجاج الإمام الأشعري لعقائد السلف فقد سلك طريقته في الاستدلال أكابر العلماء والفقهاء والحفاظ من أمثال أبي بكر الإسماعيلي والبيهقي، وابن حبان صاحب الصحيح، وابن عساكر الدمشقي، والنووي، والقرطبي، وابن حجر العسقلاني، والإمام فخر الدين الرازي وابن دقيق العيد، وغيرهم.
وإجمالاً فأتباعه هم سواد الأمة، قال الإمام تاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون، هذه عبارة ابن عبد السلام شيخ الشافعية، وابن الحاجب شيخ المالكية، والحصيري شيخ الحنفية، ومن كلام ابن عساكر حافظ هذه الأمة الثقة الثبت: هل من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق الأشعري).
ولقب (الأشاعرة) اليوم في بعض البلاد أصبح لقباً يدل على الابتداع، حتى إنك لتسمع من البعض الاستعاذة والحوقلة والحسبلة، حين يقال فلان أشعري، ويتسارع إلى ذهنه بحسب ما تلقى من تعبئة خاطئة تعطيل الصفات، وتقديم العقل على النقل، والبدعة والخرافة، إلى آخر تلك التهم التي يوجهها من لم يعرف هذا المذهب السني العميق.
وأذكر في مرة أنَّ أحدهم قدح في الأشاعرة، فقلت له: هل تعرف من هم الأشاعرة؟؟
فقال نعم: هم طائفة من المبتدعة.
فقلت له: على رسلك، تعال معي، ودخلت به إلى مكتبة كبيرة واسعة، فبدأت به في صف كتب التفسير، وقلت له هذا تفسير البغوي الشافعي وهذا تفسير القرطبي المالكي، وهذا تفسير ابن عطية المالكي، وهذا تفسير ابن كثير الشافعي، وهذا تفسير السمعاني، وهذا تفسير الرازي، وهذا تفسير البيضاوي، وهذا وهذا حتى مضيت به على الصف كله، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة.
ثم انتقلت به إلى كتب الحديث النبوي وشروحه، فهذا البيهقي صاحب السنن وشعب الإيمان، وهذا ابن حبان صاحب الصحيح، وهذا الإمام الحاكم صاحب المستدرك، وهذه شروح الحديث النبوي: فهذا شرح ابن بطال المالكي لصحيح البخاري، وهذا فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني الشافعي، وهذا شرح صحيح مسلم للإمام النووي الشافعي، وهذا وهذا، حتى مضيت به على معظم شروح الحديث، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة.
وهكذا كتب أصول الفقه وكتب مصطلح الحديث، وكتب البلاغة وكتب النحو، حتى أتينا على معظم المكتبة، فهل هؤلاء الذين نصروا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفسروا كتاب الله، وشرحوا سنة رسول الله صلى الله عليه مبتدعة، وإذا كان كل هؤلاء ليسوا أهل السنة، فمن هم أهل السنة.
ومن أطرف ما قرأت ما كتبه الدكتور العالم محمد حسن هيتو في تقديمه لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)، فقد قال: (فإن أغرب سؤال وجه إلي في حياتي العلمية هو: هل يعتبر الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
لقد استوقفتني صيغة هذا السؤال طويلا، إذ وجدتها فارغة من معنى السؤال العلمي الصحيح، مما يدل على سذاجة السائل وجهله بتاريخ هذه الأمة وعقيدتها.
وذلك أن ما يعرفه كل من شم للعلم رائحة، على مدى تاريخ أمتنا الطويل هو أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة.
وأنه إذا أطلقت كلمة أهل السنة في كتب العلم- على اختلاف أنواعها- فإنهم هم الذين يرادون بها.
وهم الذين تردد الخلافات بينهم وبين المعتزلة، أو غيرهم من الفرق الإسلامية في كتب العقيدة، والفقه، والأصول، والتفسير، والحديث، بل في كتب اللغة، وغير ذلك من كتب العلم التي تعرض للخلاف في العقيدة.
وذلك أن الأشاعرة هم الذين وقفوا في وجه المعتزلة، فزيفوا أقوالهم، وأبطلوا شبههم، وأعادوا الحق إلى نصابه على طريق سلف هذه الأمة
فأهل السنة والجماعة هم السواد الأعظم الفرقة الناجية.
وقد حدث بعد سنة مائتين وستين للهجرة انتشار بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرهما
فقيض الله إمامين جليلين (أبا الحسن الأشعري) المتوفى سنة 324 هـ (وأبا منصور الماتريدي) المتوفى سنة 333 هـ رضي الله عنهما فقاما بايضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع رد شبه المعتزلة والمشبهة وغيرهما فنسب اليهما أهل السنة فصار يقال لأهل السنة أشعريون وماتريديون.
قال الإمام البيهقي:
“إن أبا الحسن الأشعري رحمه الله لم يحدث في دين الله حَدَثا، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة وشرح وتبيين”.
ويقول تاج الدين السبكي: “وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنّة أبي الحسن الأشعري رحمه الله”.
ثم يقول: “وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة”.
قال الحافظ مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين: (الفصل الثاني): إذا اطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية. اهـ
وقال الفقيه الحنفي ابن عابدين في حاشيته: “أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية”.
وهذا هو دين الله الذي كان عليه السلف الصالح وتلقاه عنهم الخلف الصالح، وطريقة الأشعري والماتريدي في أصول العقائد متحدة.
فالمذهب الحق الذي كان عليه السلف الصالح هو ما عليه الأشعرية والماتريدية وهم مئات الملايين من المسلمين.
فكيف يكون هؤلاء السواد الأعظم على ضلال، وتكون شرذمة هي نحو ثلاثة ملايين على الحق والصواب أن الرسول عليه السلام أخبر بأن جمهور أمته لا يضلون وذلك من خصائص هذه الأمة.
ويدل على ذلك ما رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
“إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة”.
وعند ابن ماجه زيادة: “فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم”.
ويقوي هذا الحديث الحديث الموقوف على أبي مسعود البدري: “وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة”.
قال الحافظ ابن حجر: “وإسناده حسن”.
والحديث الموقوف على عبد الله بن مسعود وهو أيضًا ثابت عنه: “ما رءاه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رءاه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح”.
قال الحافظ ابن حجر:
“هذا موقوف حسن”.
فالعقيدة الحقة التي كان عليها السلف الصالح هو ما عليه الأشعرية والماتريدية وهم مئات الملايين من المسلمين السواد الأعظم الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن جمهور أمته لا يضلون فيا فوز من تمسك بهم.من فرسان اهل الحديث وعلومه الأشاعرة :
هؤلاء الحفّاظ الذين هم رءوس أهل الحديث:
الحافظ أبو بكر الإسماعيلي صاحب المستخرج على البخاري،
ثمّ الحافظ العَلَمُ المشهور أبو بكر البيهقى
ثمّ الحافظ الذي وُصف بأنّه أفضل المحدّثين بالشام في زمانه ابن عساكر ،
الحافظ الموصوف بأنّه أمير المؤمنين في الحديث أحمد بن حجر العسقلاني،
فمن حقّق عرف أن الأشاعرة فرسان ميادين العلم والحديث، ومنهم مجدّدُ القرن الرابع الهجري الإمام أبو الطيب سهلُ بن محمّد و أبو الحسن الباهلي وأبو بكر بن فورك وأبو بكر الباقلاّني وأبو إسحق الأسفراييني والحافظ أبو نعيم الأصبهاني والقاضي عبد الوهّاب المالكي والشيخُ أبو محمّد الجويني وابنه أبو المعالي إمام الحرمين وأبو منصور البغدادي والحافظ الدّارقطني والحافظ الخطيب البغدادي والأستاذ أبو القاسم القشيري وابنه أبو نصر والشيخ أبو إسحق الشيرازي ونصر المقدسي والغزالي والفراوي وأبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي وقاضي القضاة الدامغاني الحنفي وأبو الوليد الباجي المالكي والإمام السيّد أحمد الرفاعي وابن السمعاني والقاضي عياض والحافظ السّـِلَفي والنووي وفخر الدين الرازي والعزّ بن عبد السلام وأبو عمرو ابن الحاجب المالكي وابن دقيق العيد وعلاء الدين الباجي وقاضي القضاة تقيّ الدين السبكي والحافظ العلائي والحافظ زين الدين العراقي وابنه الحافظ ولىّ الدين والحافظ مُرتضى الزبيدي الحنفي والشيخ زكريّا الأنصاري والشيخ بهاء الدين الروّاس الصوفي ومفتي مكّة أحمد زيني دحلان ومُسنِد الهند وليّ الله الدهلوي ومفتي مصر الشيخ محمّد عليش المالكي المشهور وشيخ الجامع الأزهر عبدالله الشرقاوي والشيخ المشهور أبو الحسن القاوُقجي نُقطة البيكار في أسانيد المتأخّرين والشيخ حسين الجسر الطرابلسي والشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت والعلامة علوي بن طاهر الحضرمي الحداد وغيرهم من أئمة الدين كثير لا يُحصيهم إلا الله. ومنهم الوزير المشهور نظام الملك والسلطان العادل العالم المجاهد صلاحُ الدين الأيوبي رحمه الله
وكذلك كان الحاكم ، والخطيب البغدادي ، وابن عساكر ،والخطابي ، وابو نعيم الاصبهاني ، والقاضي عياض ، وابن الصلاح ، والمنذري، النووي ، والعز بن عبد السلام ، والهيثمي، والمزي ، وابن بطال ، العراقي وابنه ، وابن جماعة ، وابن فورك ، وابن دقيق العيد ، وابن الزملكاني ، والزيلعي ، والسيوطي ،والسخاوي والبيقوني ، والزبيدي وغيرهم ايضا.
ومن فرسان اهل التفسير وعلوم القرءان الاشاعرة :
القرطبي ،ابن عربي ، الرازي، ابن عطية ، الثعالبي، ابو حيان الاندلسي، ابن الجزري ، الزركشي ، السيوطي، النسفي، وغيرهم ايضا .
من فرسان اهل الفقه واصوله الأشاعرة :
من الحنفية :
ابن نجيم ، الكاساني ، السرخسي ، ابن امير الحاج ، ابن عابدين ، الطحاوي ،الخادمي ، الشرنبلالي ، وغيرهم
من المالكية :
ابن رشد ، القرافي ، الشاطبي ، ابن الحاجب ، الدردير ،الباقلاني، الدسوقي السنوسي ، ابن عليش ، العز بن عبد السلام ، وغيرهم .
من الشافعية :
الجويني وابنه ، الرازي ، الرافعي ، الغزالي ، الشيرازي ، الاسفراءيني ، المتولي , النووي , ابن الصلاح ، ابن الرفعة ، الحصني ، زكريا الانصاري ، ان حجر الهيتمي ، الرملي ، ابن المقري ، الغزي ، العطار ، وغيرهم.
من فرسان اهل التواريخ والسير الأشاعرة :
القاضي عياض ، المحب الطبري ، ابن عساكر ، الخطيب البغدادي ، ابن حجر ، المزي ، السيوطي، ابن الاثير ، ابن خلدون ، ابن خليكان ، وغيرهم.
من فرسان اهل اللغة الأشاعرة :
الجرجاني ، القزويني ، ابن الانباري ، السيوطي ، ابن مالك ، ابن عقيل ، ابن منظور ، الفيروز ابادي ، الزبيدي ، الازهري ، ابن الحاجب ، ابن الاثير ، الحموي ، الكفوي ، الاهدل ، الحطاب.
من فرسان القادة الابطال الأشاعرة :
نور الدين الزنكي
محمد الثاني الفاتح
صلاح الدين الايوبي
المظفر قطز
الظاهر بيبرس
كل السلاطين الايوبيين
كل السلاطين المماليك
وكل السلاطين العثمانيين .
وليس مُرادنا بما ذكرنا إحصاء الأشاعرة والماتريدية فمن يُحصي نجوم السماء أو يحيط علمًا بعدد رمال الصحراء ؟!