يقول الألباني: ” فأنت إذا وجهت مثل هذا السؤال ـ أي: أين الله ـ إلى العامة والخاصة : وجدتهم يحملقون بأعينهم مستنكرين إياه جاهلين أو متجاهلين أن النبي هو الذي سنه لنا، ثم تراهم مع ذلك حيارى لا يدرون بماذا يجيبون … شهد لها النبي بأنها مؤمنة ؛ لأنها أجابت بما هو معروف في الكتاب والسنة.. الخ
وهذا عكس ما يدعيه غيره من السلفية من أن الناس كلهم «الأطفال حين تسالهم: أين الله؟ فيجيبون بفطرتهم السليمة: هو في السماء (أي على السماء)[2]»[3].
ولكن هذا ينسفه قول ابن باز:«فقد اطلعت على ما ورد … عن الأطفال الذين أصابهم الاختناق في مكة بسبب الحريق وقول والدهم لما سأله الأطفال أين الله؟ أجاب بأنه موجود في كل مكان.وأفيدكم أن هذا الجواب منكر وغلط عظيم بل كفر أكبر»[4].
فها هم الأطفال يسألون أباهم أين الله؟ هذه واحدة، والثانية أن أباهم أجابهم أنه في كل مكان!!! فإذن لا الأطفال ولا أبوهم يعرفون أين الله ؟ فأين هذه الفطرة المزعومة؟!!
وهذا موقع فتاوى وهابي يستفتى عن طفلة تسأل والدتها: هل الله رجل؟ ولا تعرف أمها كيف تجيبها، فسألت الموقع[5]فأجابها: «فإذا سألتك طفلتك من هو الله؟ فأجيبي: الذي أعطانا الرأس والعينين والأذنين .. وإذا سألتك أين الله؟ فقولي: في السماء..»[6]
وهذا عايض القرني يقول: «وأمور التعظيم والتشريف في البيت المسلم تحصل في أمور: أن تُعظِّم الله في قلب ابنك فتعرفه على الواحد الأحد .. وأن تعلمه أين الله تبارك وتعالى، وتعرفه على صفات الواحد الأحد»[7]
فها أنتم تلقنون الأطفال: أين الله؟!!! وكان المفروض هم الذين يلقنونكم لأنهم على الفطرة بحسب تفسيركم لها !!!!
======
[2] ما شاء الله حتى الأطفال- عند الوهابية ـ يعلمون بنظرية معقدة وهي تعاور أو تناوب حروف الجر مع أنه “بابٌ في العربية دقيق المداخل والمخارج، ويفضي إلى غير قضيَّة، وهو بابٌ يمسك النُّحاةُ منه بطرَف، وأهل البيان بطرف آخر؛ لأنَّه بابٌ يُسَلَّطُ فيه النَّظر على المبنى والمعنى، وللعلماء فيه مذاهب شتَّى، ودروب متباينة، وتأويلات مختلفة، ولكنَّه على ما فيه من عناء ممتع شائق لطيف؛ لأنَّ النظر فيه عمل من أعمال العقل، تنقدح الحقائق للنَّاظر فيه بعد طول تأمل وإمعان نظر”. تناوب حروف الجر في لغة القرآن، ص: (5) د. محمد حسن عواد، دار الفرقان، عمان، الطبعة الأولى، 1402هـ، 1985م.
فضلا عن أنه مسألة خلافية بين البصريين والكوفيين، بل تشابكت وتداخلت فيها الآراء حيث ((ذهب الكوفيُّون وبعض البصريين إلى أنَّ حروف الجرِّ يجوز أن تنوب عن بعضها البعض، وحجَّتهم في ذلك كَثرة الشواهد المسموعة من القرآن الكريم والشعر العربي …وذهب البصريُّون إلى أَنَّ حروفَ الجرِّ لا ينوب بعضها عن بعض، وهذا ظاهرُ كلام سيبويه، وعليه أغلب النُّحاة، وبه قال بعض المحدثين … فإن ورد ما أَوْهم خلاف ذلك، فهو مؤوَّل؛ إمَّا على التضمين، أو على المجاز. )).
انظر ما سبق في مقال على موقع الألوكة بعنوان “نيابة حروف الجر بعضها عن بعض”
https://www.alukah.net/literature_language/0/93932/#_ftn2
[3] «مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع» (1/ 22)، محمد بن جميل زينو. ونحوه ما جاء في «ماذا تعرف عن الله» (ص39)/ أبو ذر القلموني:«الأطفال حين تسالهم: أين الله؟ فيجيبون بفطرتهم».اهـ
[4] «مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» لابن باز (7/ 410)
[5] ونص سؤالها كما في «فتاوى الشبكة الإسلامية» (13/ 616 بترقيم الشاملة آليا): «ـ[أنا سيدة ولدي طفلة عمرها ثلاث سنوات ودائما أذكر لها الله وأنه يرانا ويراقب أعمالنا حتى لا تفعل أي خطأ مثل الكذب مثلا لكنها دائما تسألني ما هو الله وهل هو رجل وأجيبها لا إنه هو الذي خلقنا فتقول لي كيف يرانا وكيف يسمعنا ولا أعرف كيف أجيب على أسئلتها لذلك أرجو مساعدتكم لي في الإجابة على أسئلتها بما يتناسب مع عمرها؟]ـ»
[6] «فتاوى الشبكة الإسلامية» (13/ 616 بترقيم الشاملة آليا)
[7] «دروس الشيخ عائض القرني» (99/ 8 بترقيم الشاملة آليا)
وانظر المنشور بتمامه
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/4933244876789495/