المناسبات والأعياد في كل الأمم هي فرصة للتلاقي والتآلف والعفو عما مضى من الشحناء والتفرّق إلا عند بعض فئات المسلمين…..وللأسف!!!!
نعم هذه هي الحقيقة المرة …..وأقرب مثال على ذلك ما نحن فيه الآن… فنحن في شهر ربيع الأول وفيه مناسبة أو عيد المولد النبوي الشريف …. فما إن يهل هذا الشهر ويبدي جماهيرُ المسلمين فرَحَهم به واحتفالهم بمولد خير البشر صلى الله عليه وسلم… إلا وتجد فئات أخرى تكفهرّ وجوهها ….وتبدأ بتوزيع تُهم البدعِ والضلال على الناسِ …..!!!!!!
ووالله لقد رأيت تعليقات لهؤلاء على الفيس بوك وغيره تشيب لها الولدان لما فيها من الإقذاع في الشتائم والسبائب والتضليل بسبب قضية المولد…. كل هذا بحجة نشرِ السُّنة بدل البدعة ….!!!!!
يا أعداء أنفسِكم: أبهذه الطريقة الهمجية الفظّة تنشرون السُّنةَ، والله يقول لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي تَصدر عنه السُّنة: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]؟!!!!
وربما يُتوهم أن هؤلاء إنما يثيرون كل هذه الفتن في مناسبة المولد فقط على اعتبار أنها بدعة عندهم …..كلا وبلا … فإن هؤلاء ما من فريضة أو سُّنة يجتمع عليها المسلمون إلا ويثير هؤلاء فيها الفتن والإحن …..!!!
ولقد قلتُ في رسالتي للدكتوراة حينما تعرّضتُ لمسألة تقليد المذاهب الأربعة وإنكار الألباني لذلك متذرعا بعدة ذرائع، منها أن التمذهب يفرِّق المسلمين ويُعدِّد المحاريب في المسجد الواحد، فقلتُ ردا على ذلك :”وقبل أن يتباكى الألباني على تفرق أهل المذاهب وتعدد المحاريب كان يجب عليه أن ينظر في أحوال أتباعه والفتن التي يثيرونها صباح مساء في أرجاء العالم الإسلامي حتى وصلت فتنهم إلى الغرب، فلا يدخلون مسجدا فيه ما لا يروق لهم إلا وأقاموا القلاقل والفتن ليُكرهوا الناسَ على آرائهم، وتتعالى الأصوات في المساجد حتى يصل الأمر إلى الضرب لتتدخل أجهزة الأمن في تلك البلاد لفض النزاع الذي افتعلوه، واستقصاء ذلك يطول، ولكن لا نُخْلي المقامَ من حكاية طَرف من تلك الفتن التي نعيشها يوما؛ وفي مساجدنا وفي عباداتنا، ولنبدأ بصلاة الفجر، فنحن يوميا على موعد مع إنكار الوهابية على من يَقنت في الفجر بحجة أنه بدعة، وقبل القنوت نحن على موعد مع إنكارهم على من يجهر بالبسملة في الصلاة فذلك عندهم خلاف السنة فيها وهو الإسرار، وهذا الإنكار في الصلاة الجهرية.
وقبل الصلاة نحن على موعد مع إنكارهم على المؤذن والمقيم إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا بعد أذانه وقبل إقامته للصلاة، وبعد الصلاة نحن على موعد مع إنكارهم على الجهر بالأذكار دُبُر الصلاة، وهذا يتكرر خمس مرات في اليوم، وفي كل أسبوع نحن على موعد مع صلاة الجمعة ومع إنكار هؤلاء على الناس ما يعدُّونه من البدع التي أوصلها الألباني إلى ثلاث وستين بدعة من بدع الجمعة فقط([1])، فمنها إنكارهم على من يقرأ القرآن جهرا قبل الجمعة في المسجد، أو على من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤذن للجمعة كما هو العادة عند المؤذنين، ثم يأتي موعد نكيرهم على من يصلي سنة الجمعة القبلية بعد أن جعل الألباني كل ذلك من البدع، ثم يأتي النكير الشديد منهم على من يصلي الظهر بعد الجمعة إذا تعددت كما هو مذهب الشافعي وآخرين، وقد جرت معي أنا مرة حين صليت بالناس الظهرَ بعد صلاة الجمعة فرأيت من إنكارهم الشيء العجب.
وأما في صلاة الجنازة فحدّث ولا حرج عن إنكارهم فبِدع الجنائز عندهم كثيرة جدا أوصلها الألباني إلى مائتين وإحدى وأربعين بدعة([2])، فمجالس العزاء والتلقين وقراءة الفاتحة على الميت كله من البدع، هذا ما يحدث في الصلاة بأنواعها.
وأما ما يحدث في الصيام فنحن في كل سنة نستقبل شهر رمضان ونودعه بالجدل الذي شغلونا به حول صلاة التراويح هل هي عشرين أم ثماني ركعات، فأتباع الألباني جزموا تبعا لشيخهم بأنها ثماني ركعات ومن زاد فيها فهو كم زاد في الفجر، وقد ضاق مشايخ السلفية([3]) في السعودية ذرعا من أمثال اجتهادات الألباني هذه فشرعوا في الرد عليه وبينوا أن التراويح عشرين ركعة هكذا تصلى في الحرمين إلى يومنا هذا، وكم حاول الشيخ عطية سالم ـ رحمه الله ـ أن يخفف من غلوائهم في دروسه التي يعطيها في المسجد النبوي إلى وقتنا هذا ليثبت أن التراويح عشرين ركعة بل قد كتب كتابا سماه “التراويح أكثر من ألف عام في المسجد النبوي ” ذكر فيه أن صلاة التراويح لم تنقص عن عشرين ركعة من عهد عمر إلى وقتنا هذا. ونأتي إلى الحج والعمرة فبدع الحج والعمرة بلغت عند الألباني مئة وست وسبعين بدعة([4])، وجدير بالذكر أن هذه الأمور ….اهـ انتظر التتمة*. وانظر اللاحق:
https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/826258904108353/
لهذا رأيت أن أكتب كلمة جامعة في حكم المولد الشريف، لاسيما أن بعض الإخوة طلب مني ذلك، وسأنشر غدا الحالة الأولى إن شاء الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة ص115، للألباني.
([2]) انظر تلخيص أحكام الجنائز ص96 وما بعدها، للألباني، المكتبة الإسلامية بالأردن.
([3]) مثل الشيخ حماد الأنصاري في كتابه: تصحيح حديث صلاة التراويح عشرين ركعة والرد على الألباني في تضعيفه.
([4]) انظرها في: مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة – (47)، للألباني، المكتبة الإسلامية بالأردن.