أولا: قال ابن تيمية الحراني: ((قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي وصاحبه: “وأعجب من هذا كله: قياسك الله بقياس العرش ومقداره ووزنه من صغير أو كبير، وزعمت كالصبيان العميان: إن كان الله أكبر من العرش أو أصغر منه أو مثله، فإن كان الله أصغر فقد صيرتم العرش أعظم منه، وإن كان أكبر من العرش فقد ادعيتم فيه فضلا عن العرش، وإن كان مثله فإنه إذا ضم إلى العرش السموات والأرض كانت أكبر، مع خرافات تكلم بها، وترهات يلعب بها، وضلالات يضل بها، لو كان من يعمل لله لقطع قشرة لسانه، والخيبة لقوم هذا فقيههم، والمنظور إليه مع هذا التمييز كله. وهذا النظر وكل هذه الجهالات والضلالات. فيقال لهذا البقباق النفاخ: إن الله أعظم من كل شيء!!!، وأكبر من كل خلق!!!…)) [بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (3/241-242)] وكرر الحراني ذكر هذا الأصل لمخالفيه في عدة مواضع من تواليفه، ولكنه في كل مرة يتحاشى الجواب عليه جوابا صريحا اللهم إلا نادرا وذلك بانتحال لسان المثبتة كما هناا!!!.
ثانيا: قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (505ه): ((ندعي: أن الله تعالى منزه عن أن يوصف بالاستقرار على العرش؛ فإن كل متمكن على جسم ومستقر عليه مقدر لا محالة.
فإنه إما أن يكون: أكبر منه، أو أصغر، أو مساويا، وكل ذلك لا يخلو عن التقدير، ولأنه لو جاز أن يماسه جسم من هذه الجهة لجاز أن يماسه من سائر الجهات، فيصير محاطا به، والخصم لا يعتقد ذلك بحال، وهو لازم على مذهبه بالضرورة)) [الاقتصاد في الاعتقاد” (ص:168)، دار المنهاج].
وقال الإمام الحافظ مرتضى الزبيدي (1145ه-1205ه) في شرج هذا الأصل: ((وتحقيقه أنه تعالى لو استقر على مكان أو حاذى مكانا لم يخل من أن يكون مثل المكان أو أكبر منه أو أصغر:
• فإن كان مثل المكان: فهو إذن متشكل بأشكال المكان، حتى إذا كان المكان مربعا كان هو مربعا، أو كان مثلثا كان هو مثلثا، وذلك محال.
• وإن كان أكبر من المكان: فبعضه على المكان، ويشعر ذلك بأنه متجزئ وله “كل” يشتمل على “بعض”، وكان بحيث لو نسب إليه المكان لكان ذلك المكان: ربعه أو خمسه.
• وإن كان أصغر من ذلك المكان بقدر لم يتميز عنه إلا بتحديد وتقدير، وكل ما يؤدي إلى جواز التقدير على الباري تعالى فتجويزه في حقه كفر من معتقده.
وكل من جاز عليه الحصول بذاته على محل لم يتميز عنه ذلك المحل إلا بكون أحدهما محلا والآخر حالا فيه، وقبيح وصف الباري تعالى بالحصول في مكان.
ومتى جاز عليه موازاة مكان أو مماسته جاز عليه مباينته، ومن جاز عليه المباينة والمماسة لم يكن إلا حادثا، وهل علمنا حدوث العالم إلا بجواز المماسة والمباينة على أجزائه؟)) [المحكم والمتشابه في القرآن الكريم للعلامة إبراهيم عبد الرحمن محمد خليفة (2/478)، ط. دار النهضة بمصر – إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين (2/109)، ط. مؤسسة التاريخ العربي].