هذا الإمام الذي ما رأت عيني مثله رسوخا في علوم الشرع والأخلاق والإنصاف
في صدر مجلسه تجد الصوفي والإخواني والسلفي بكل أنواعه حتى الداعشي والجميع في حضرته ينتقون منه أطايب العلوم كما ينتقي أكلة التمر أطايبه
يعامل مخالفه بل من يشتمه من وراءه ويتحبب إليه أكثر من تحببه لمن يوافقه
يفد إليه الطلاب من أنحاء الأرض عربا وعجما فلا يدعو أحدا لفكرته التي يؤمن بها أو مذهبه أو طريقته أو يحمله على ذلك بل يدعوه بحاله قبل مقاله وبعلمه وحلمه
لن تجد طالبا شكا منه قسوة أو همزا أو لمزا بل يقرر ما يراه بحسن أدب وذكاء قريحة وإنصاف نادر وعدل باهر
يكرم ضيفه ويقربه ويخصه بمزيد عناية وخصوصا إذا كان من مخالفيه
يتجسد فيه كمال الأخلاق فلكأنه قرآن يمشي على الأرض
صوفي المشرب ولكنه ينبذ كل ما يخالف الشرع بكل أدب وحزم وحكمة ولطف
كلامه متزن يضع الشيء في محله ولقد سمعت بعض العلماء الأجلاء يقول هذا الرجل كل كلمة ينطقها لها معنى ومغزى وبحكمة
محقق في مذهبه المالكي ومدقق ومطلع على بقية المذاهب الإسلامية
أصولي نظار متقن له شرح على مراقي السعود هو أجل شرح على المراقي يقع في مجلدين
لغوي بارع في شتى فنون العربية وأديب من الطراز العجيب
مفسر قل نظيره ظل سنين عددا يفسر كتاب الله من حفظه ولعله يخرج في عشرة مجلدات حسب علمي
إذا تكلم في علوم السيرة تخاله عاش في تلك الأحداث وأخره الزمن ليحكي لنا تلك الوقائع
له دراية ومطالعة في السنن والآثار وشروحها
علامة إمام متفنن و ادعى له شيخنا العلامة الددو بلوغه رتبة الاجتهاد ولكن شيخنا الإمام ينفي ذلك عن نفسه
زهد في الدنيا وبذل نفسه لبث العلوم في صدور الرجال بعيدا عن ضجيح الحياة المليئة بالمغريات والملذات
آثر الخمول والبعد عن قنوات الإعلام تماما حتى مرة جاءت الجزيرة لتوثق لقاء معه او من دروسه رفض ذلك وامتنع منه
مرة من المرإت بعد درس خليل ليلا قال له أحد الطلاب ياشيخنا فقال له قل يا محمد فهو الذي سمتني به أمي
كم وكم علمنا دروسا بحاله قبل مقاله فوالله لو قال قائل:
إنه تذكرة السلف الصالح علما وعملا ما حنثت
حلف الزمان ليأتين بمثله.
حنثت يمينك يا زمان فكفر
لازمته خمس سنين متواصله لم أسمعه يوما همز مسلما او لمزه فضلا عمن يخالفه من أهل العلم
يقول بعضهم من أهل قريته لا أتذكر منذ عقلت أنه تخلف عن تكبيرة الإحرام جماعة في المسجد سواء كان صحيحا أو مريضا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
إنه شيخنا الإمام الحجة ( محمد فال بن عبدالله العلوي الشنقيطي مؤسس محظرة النباغية المحروسة )
وأخيرا أقول كما قال نزار:
ماذا أقول فمي يفتش عن فمي
الكلام عنه يطول وهذا غيض من فيض كتبه وأنا في طريق السفر حملني عليه ذكريات مضت وأزمان غبرت عشتها معه وهزة وجد جعلتني كعصفور بلله القطر :
وإني لتعروني لذكراك هزة
كما انتفض العصفور بلله القطر
أعاد الله علينا أيامه الغراء وأطال في عمره رضي الله عنه وأرضاه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
✍علي القديمي