قال الإمام العلامة محمد العربي ببن التباني الحسني السطيفي الجزائري ثم المكي (1315 هـ-1390 هـ): ((وفرق [=ابن تيمية الحراني] هذه البضاعة [=إكفار وسب وقذف السادة الأشاعرة] في كتبه ورسائله تضليلا، ملبسا على العامة وأشباههم بالسلف متقولا عليهم وعلى الأشعري وأتباعه. وفحول المحدثين من بعد أبي الحسن إلى عصرنا هذا أشاعرة، وكتب التاريخ والطبقات ناطقة بذلك.
ومن خصائص هذه الأمة المرحومة وتميزها عن جميع الأمم كثرة علمائها ومؤلفيها، فلا تجد عالما محققا أو فقيها مدققا إلا وهو: أشعري أو ماتريدي، وتآليفهم في العلوم المتنوعة من: تفسير وحديث وأصول وفروع وغيرها شاهدة لهم، ولا تجد نفاجا مهذارا من المتأخرين إلا وهو سارق من درهم متشبع به، نعوذ بالله من نكران الجميل.
لم يسجل التاريخ لمجسم أنه ناظر قدريا أو دهريا أو كتابيا كما سجل للأشعرية والماتريدية ذلك، ولم يسجل للمجسمة أنهم ألفوا كتبا مبسوطة مبرهنة في الرد على مخالفيهم ومخالفي دين الإسلام كما سجل ذلك للأشعرية والماتريدية، ولم يسجل لهم أنهم كانت لهم مجالس بالبحث والمناظرة في الفروع ومسائل الخلاف فضلا عن مجالس البحث والمناظرة في الأصلين كما سجل ذلك لغيرهم من علماء المسلمين في مدائن المعمورة حينما كانت الأمة الإسلامية قوية رافعة ألوية مجدها على المشرق والمغرب.
ولم يسجل لفاضل حنبلي أنه أثنى على مجسم ثناء بليغا كما سجل ذلك لأبي الفضل التميمي الحنبلي على القاضي الإمام أبي بكر الباقلاني، فقد قالوا: حضر يوم موت القاضي أبي بكر الباقلاني أبو الفضل التميمي الحنبلي العزاء حافيا مع إخوته وأصحابه، وأمر أن ينادى بين يدي جنازته: “هذا ناصر السنة والدين: هذا إمام المسلمين .. هذا الذي كان يذب عن الشريعة ألسنة المخالفين .. هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة ردا على الملحدين”، وقعد للعزاء مع أصحابه ثلاثة أيام فلم يبرح، وكان يزور تربته كل يوم جمعة.
فهل يقول من له مسكة من عقل ودين في الملايين من الأشاعرة والماتريدية من أمة محمد ? المرحومة أنهم كلهم: ليسوا بفقهاء!!!، وليسوا بمحدثين!!!، وأنهم متكلمون قصروا عن معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله تعالى في كتابه فعدلوا عنها!!! .. إلى آخر هذيانه [=ابن تيمية الحراني]، وجاء هو وحده في القرون المتأخرة فعرفها!!!. نعوذ بالله من زلقات اللسان وفساد الجنان ومصارع الإعجاب بالنفس)) (1).
(1) براءة الأشعريين من عقائد المخالفين (112 – 113/ 1).