المولد النبوي الشريف

(2)مقالات في المولد الشريف ….[1]

“فما لكم نزّهتُم الصحابةَ والتابعينَ عن ترك المندوب ـ وهو المولد بصوته الحادثة ـ ثم لم تنزهوهم عن الجهل بالإيمان والتوحيد وبأقسامه…..؟!!!!”

(2)مقالات في المولد الشريف ….[1]

….وأما إذا نزلتَ إلى ميدان الحِجاج والاستدلال وذهبتَ تحتج على ما ذهبتَ إليه بشبهات مللنا من الرد عليها كأن تستدل بأن الصحابة والتابعين لم يحتفلوا بمولده هذا الاحتفال بهيأته الحادثة التي نراها الآن… فنقول باختصار:

أولا: إنك تستدل بالتَرْك والعدم فتجعلهما دليلا، وبالتالي فيجب عليك أن تتناول أقصر أو أطول كتاب في أصول الفقه لتعلم أن هذا ليس دليلا … ولئلا نبعد عليك النجعة فدونك الإمام الشاطبي الذي تحتج به في قضايا البدع… واقرأ ما كتبه عن قضية التَرك في الموافقات (4/ 423، ط/دار ابن عفان)، حيث ذَكر أن الترك ليس دالا بالضرورة على الحرمة وإنما يكون التركُ لأسباب أخرى أوصلها إلى ستة أسباب [2] … وإن أردتَ التوسعَ أكثر فعليك برسالة السيد عبد الله الغماري وهي بعنوان ” حسن التفهم والدرك لمسألة الترك “، وإن أردت التبحر في هذا الموضوع فدونك رسالة دكتوراة بعنوان “السكوت والترك واثرهما في الاجتهاد” للباحث باسل محمود الحافي، فقد أوصل أسبابَ الترك إلى 22 سببا سوى التحريم ….!!!!!

ثانيا: من قال لك إن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يفعلوا المولد؟!!!!

وما هو المولد أصلا؟!!!!!

إن المولد ما هو إلا عبارة عن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى إطعام الطعام …. وتلاوة القرآن… والتحدث بسيرته العطرة…. وتشنيف الآذنان بمديحه …. والحديث عن شمائله ….والحثِّ على اقتفاء سُنّته …. والترنم بمديحه[3] ….فأيُّ هذه الأمور تزعم أن الصحابة والتابعين لم يكن يفعلها ؟!!!!!!

إنْ قصدتَ أنهم لم يفعلوا هذه الأمورَ على هيئة المولد الحادث أي أن تُجمع مع بعضها في مجلس واحد وفي يوم واحد من شهر ربيع الأنور كل سنة : فمُسلّم … ولكن هذا ليس دليلا على حظرها إلا إن أتيتَ بدليل صحيح صريح يمنع من الجمع بين هذه الأمور كالجمع بين الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومديحه وبين قراءة القرآن وإطعام الطعام في مجلس واحد وفي يوم واحد بعينه ….وإلا فستكون أنت المبتدع، لأنك تزيد نهيا لم ينهَ عنه الشارعُ…. بل إن الشارع نَدب إلى هذه الأمور مطلقا … والمطْلقُ يجري على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده كما سبق أن بسطنا ذلك مطولا[4]…وسيأتي بعض ذلك لاحقا إن شاء الله…..وهذا ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يقول في مجموع الفتاوى (19/ 236): فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله.اهـ

ثالثا: إن كون الصحابة ومَن بعدهم لم يفعلوا المولدَ ـ على الهيئة الحادثة ـ لا يترتب عليه أي نقيصة تلحق بهم … إذ نحن لم نزعم قط أن هذا المولد أسٌ من أسس الدين … ولا هو من فروض الأعيان ولا حتى من فروض الكفايات ولا من الواجبات ….غاية ما زعمناه أنه مباح لا يأثم تاركه… وإنما يثاب فاعله لما يحتويه من قُرُبات مطلقة من قراءة القرآن أو الاستماع إليه أو الصلاة على العدنان صلى الله عليه وسلم … والتحدث بسيرته العطرة والتذكير بشمائله والحث على اتباع هديه … ونحو ذلك من الأمور المندوبة على أقل تقدير…. وأصحاب رسول الله ومن تبعهم كان يفعلون هذه الأمور صباحَ مساء فليت شعري : من أين يلحقهم ذمٌّ وحالهم كذلك؟!!!!! أم كيف يلزم من عدم فعلهم رضي الله عنهم للمولد بصورته الحادثة: أننا نزاود عليهم في فعل الخيرات وحُبِّ أفضل الكائنات كما تزعمون؟!!!!!!

نعم لو كنا نزعم أن المولد بصورته الحادثة واجبٌ لَلَحق الصحابةَ ذمٌّ لا محالة…لأنهم تركوا واجبا حينئذ …. أما وأننا لم نزعم وجوبه وإنما زعمنا ندبه لِما اشتمل عليه من قربات لم يُقصّر فيها الصحابة والتابعين أصلا بل كانوا يفعلوها أضعاف أضعاف فِعلنا لها …. فقد بَطَل اعتراضُكم وكلامكم الذي ترددونه مرارا وتكرارا من أنه لو كان خيرا لسبقونا إليه …!!! فهم فعلا سبقونا إلى ذلك كما صار واضحا …..!

إن الذم الأكبر لاحقٌ بالصحابة قطعا عندما ابتدع ابن تيمية تقسيمَ التوحيد إلى توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية وتوحيد أسماء وصفات … ثم زعم هو وأتباعه أن هذا التقسيم هو أس الإيمان وأساس التوحيد…وأن العِلم بهذه الأقسام من أوجب الواجبات وأن من اقتصر على أن التوحيد قسم واحد فهو أضل من أبي جهل ….!!

فهنا يلحق الذمُ الصحابةَ والتابعين بل يلحق الرسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفسه، والعياذ بالله … إذ كيف يكون تقسيمُ التوحيد بهذه الدرجة من الأهمية ولا يُعلِّمه الرسولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه، ولا علّمه الصحابةُ لمن بعدهم ولا عَلِمه الصحابة أصلا …..!!!!!

فما لكم نزّهتُم الصحابةَ والتابعينَ عن ترك المندوب ـ وهو المولد بصوته الحادثة ـ ثم لم تنزهوهم عن الجهل بالإيمان والتوحيد وبأقسامه….[5]؟!!!

فإن ذهبتَ أبعدَ من ذلك فزعمتَ: ” أن الممارس لهذا الأمر- اعني بدعة المولد- كأنه يتهم للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة….. وانظر اللاحق: https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=409970485846216&id=100004998042091

==================================

[1] انظر السابق: https://www.facebook.com/photo.php?fbid=409038369272761&set=a.161733004003300.1073741825.100004998042091&type=1&permPage=1

[2] انظر بسط ذلك : https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/825324520868458/

[3] وما قد يطرأ على المولد من مخالفات فهذه تُنكر لوحدها دون إنكار المولد من أصله، وإلا لأنكرنا كثيرا من الواجبات لما قد قد يُدخل عليها بعض الجهلة من مخالفات كما هو واضح وكما سيأتي بيانه إن شاء الله.

[4] انظر مقالا بعنوان ” حذارِ أن تُحذّروا من الابتداع في الدين ثم تقعوا فيه”:

https://www.facebook.com/groups/211024422427190/permalink/329025250627106/

و

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/809626779104899/

[5] وانظر: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/426644754116219/

و https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=572481532782706&id=551774174853442&fref=nf

وهنا سيقولون لك : إن تقسيم التوحيد له أصل في الكتاب والسنة والآثار وأقوال العلماء …. ثم سوف يسردون لك تلك الآيات ووو … فقل لهم قبل أن يسردوا لك شيئا: هل لديكم دليل واحد صريح من القرآن أو حديث صحيح من السُّنة على هذا التقسيم الثلاثي للتوحيد ….. أم هي إشارات استنبطها ابن تيمية من بعض الآيات والأحاديث….؟!!!!!!

فإن زعموا أن ثمة آية أو حديثا دل صراحة على تقسيم التوحيد فهذا كذب صُراح… وإن زعموا أنها إشارات واستقراء واجتهاد من ابن تيمية …. فقل لهم: فما بالكم تجوزون الاجتهادَ في استنباط أوجبِ الواجبات كتقسيم التوحيد ….ولا تجوزونه في استنباط بعض المندوبات كالمولد….؟!!!….هذا أولا ….

ثانيا: وهل عجز العلماء عن الاستدلال للمولد بآيات وأحاديث كثيرة استنبطوا منها أصل المولد وخرّجوه عليه …؟!!! أم أن الاستنباط والاجتهاد حِجْرٌ وحِكرٌ على ابن تيمية فقط؟ إذن أين دعوتكم المزعومة إلى الاجتهاد ونبذ التقليد ؟!

انظر مقالا بعنوان ” تسعة أدلة من القرآن على مشروعية المولد الشريف”: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/719487621498596/

وانظر مقالا بعنوان ” أحد عشر دليلا من السُّنة المطهرة على مشروعية عمل المولد الشريف” على: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/832749280125982/

السابق
كلٌ يؤخذ منه ويرد الا صاحب هذا القبر (منقول)
التالي
تعليقي على منشور لبعض الوهابية الذي زعم أن المولد بدعة فاطمية