ابن تيمية والجهة العدمية

الخفاجي: إطلاق لفظ الجهة على الله لا يجوز لأنها تختص بالأجسام المتحيزة، والله منزه عن ذلك، إلا أنه وقع إطلاق هذه اللفظة عليه عند البعض من قبيل الاستعارة بمعنى الاعتبارات.

•||الخفاجي تـ1069هـ وقع إطلاق الجهة عليه تعالى من المتكلمين والمفسرين بمعنى الاعتبارات، وكل موجود في الخارج لابد له من جهة، ونتبع السلف في الإطلاق.

قال شهاب الدين الخفاجي تـ1069هـ  في [طراز المجالس] (المجلس الرابع عشر/اللوحة:70-أ،ب/مجموع مكتبة قيسري، برقم:610)، ما نصه:

[تنبيه، بقي هنا أمران:

أحدهما: إطلاق لفظ الجهة على الله، وقد علمنا ذكرناه أنه لا يجوز ولا يصح بمعناه الحقيقي؛ لأنها تختص بالأجسام المتحيزة، والله تقدس وتنزه عن التجسيم والتحيز، فهو منزه عنها وعن لوازمها.

إلا أنه وقع إطلاق هذه اللفظة عليه من المتكلمين والمفسرين، حتى وقعت في تفسير القاضي -في مواضع-؛ كقوله في تفسير سورة لقمان: “قوله تعالى بأن الله هو الحق، بسبب أنه هو الثابت في ذاته، الواجب في جميع جهاته، أو الثابت لإلهيته” انتهى.

فإذا عرفت ما مر تبين لك أنها في حقه تعالى مؤولة؛ كغيرها من المتشابهات، فهي حينئذ بمعنى: الاعتبارات والتعلقات، التي ليست بصفات ذاتية، فهي ثابتة له أزلاً وأبداً على أنها استعارة، أو مجاز مرسل باعتبار غايتها.

وتحقيقه بأن العقول متوجهة في مطالبها إلى الله تعالى، وطالبة ما تريد منه، وكل مقصود في الخارج لابد له من جهة يحصل منها، والجهة أمر اعتبار لمن هو فيها، يتحصل له منها غير واقعة بمنزلة الطبيعة فيقال جنوبي وشمالي، *(تشبه)صفاته التي ليست بذاتية ككونه لم يلد ولم يولد، صمد فرد، وتلك الصفات وإن كانت اعتبارية قديمة ثابتة له أزلا لاستحالة ضدها، فلو عدمت ثبت ضدها.

الثاني: انه لا ينسب إليه ما يصدق عليه الجهة؛ كوراء، وفوق، ونحوهما، فإذا ورد في حقه كان أيضاً مؤولاً؛ كقوله تعالى: ((وهو القاهر فوق عباده))، وكقوله في “الشفاء”: “ليس وراءه مرمى”، فإن قلت: هذا وإن أول، كيف يصح إطلاقه على الله؟ وهو موهم لما لا يليق به من التجسيم؟ ومثله لا يجوز بالاتفاق.

قلت: الممتنع أن يستعمله ابتداء منا، أما إذا ورد إطلاق عليه، فنحن قد نتبع السلف في إطلاقه؛ لأنه كغيره من المتشابهات، كالحكاية، والقرينة فيه كنار على علم، وقد بينوا وروده كما أشرنا إليه في (شرح الشفا).

وقد نقل ابن سبعين في كتابه الذي سماه: (درج الوسائل) ذلك في الجهة عن السلف، وقال بعدما قسم صفات الله إلى حقيقية ثبوتية وغيرها: “وهذا هو المعني بقول السلف والمتكلمين: إن الله تعالى واجب الوجود في ذاته وصفاته وجميع جهاته” انتهى.

ونحو منه: في كتاب (المشتبه) لابن فورك، فاحفظ هذا فإنه من المهمات].

محمود أبو حيان

———————

كناشة المنهوم المستهام

السابق
[8] هل تعلم أن عبارة اللاءات التي يرددها ابن تيمية في كتبه ويستشهد بها وينسبها للسلف وهي: “نثبت الصفات بلا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تأويل” هي عبارة ملفقة ومبتورة ومتلاعَب فيها؟!
التالي
فتنة الحنابلة مع الإمام الطبري رحمه الله