مقالات قيمة في الرد على الوهابية

(5) ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو …وبين آيات المعية ونحوها… منهجٌ متسق أم مضطرب….(الباب الأول، مناقشة مَن ادعى أن آيات المعية آيات مُحكمة)؟!!!!!![1]

“هذا كلام عالٍ غالٍ دالٌ على تحقيق وعمقٍ وتبحّر في العربية والأصول والكلام … وقد كفى وشفى به د. إبراهيم خليفة عليه شآبيب الرحمات…”

(5) ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو …وبين آيات المعية ونحوها… منهجٌ متسق أم مضطرب….(الباب الأول، مناقشة مَن ادعى أن آيات المعية آيات مُحكمة)؟!!!!!![1]

https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/811066428960934/

الوجه الثاني: لا نسلم قول ابن تيمية بـ ” أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس في اللغة ظاهرها إلا المقارنة المطلقة، من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال …”

بل قوله هذا ممنوع وغير مُسلّم، فإن “مع” تقتضي المحاذاةَ والمخالطة[2] ، هذا إن استُعملت في المعنى الحقيقي لها، وأما إن استُعملت في المعنى المجازي فلا تقتضي ذلك، ولكن يجب أن تكون ثمة قرينة تصرفها عن ظاهرها.

ولنبسط معناها من كتب اللغة … جاء في القاموس المحيط (ص: 764): “مَعَ”: اسمٌ، وقد يُسَكَّنُ ويُنَوَّنُ، أو حَرْفُ خَفْضٍ، أو كلِمةٌ تَضُمُّ الشيءَ إلى الشيءِ، وأصْلُها: مَعاً، أو هي للمُصاحَبَةِ، وتكونُ بمعنَى عندَ،

وتقولُ: كُنَّا مَعاً، أي: جَميعاً.اهـ

وجاء في تاج العروس (22/ 210): وقالَ الرَّاغِبُ فِي المُفْرداتِ: مَعَ: يَقْتَضِي الاجْتِماعَ إمّا فِي المَكَانِ، نَحْو: هُما مَعاً فِي الدّارِ، أَو فِي الزَّمانِ، نَحْو: وُلِدَا مَعاً، أَو فِي المَعْنَى، كالمُتَضَايِفَيْنِ، نَحْو الأخِ والأبِ، فإنَّ أحَدَهُما صارَ أَخا للآخَرِ فِي حالِ مَا صارَ الآخَرُ أَخَاهُ، وإمّا فِي الشَّرَفِ والرُّتْبَةِ نَحْو: هُما مَعًا فِي العُلُوِّ، ويقْتَضِي مَعْنَى النُّصْرَةِ، فإنَّ المُضَافَ إليْهِ لَفظُ مَعَ هُو المنْصُورُ، نَحْو قَوْلِه عَزَّ وجَلَّ “إنَّ اللهَ معَنا” و”إنَّ مَعِيَ رَبِّي سيَهْدِينِ” و”إنَّ اللهَ معَ الذينَ اتَّقَوْا” ونَظَائِرُ ذلكَ…..وتَقولُ: كُنّا مَعاً، أَي: جَميعاً قالَهُ اللَّيْثُ، وَقَالَ ابنُ بَرِّيّ: مَعًا يُسْتَعْمَلُ للاثْنَيْنِ فصاعِداً، يُقَالُ: هُمْ مَعاً قِيامٌ، وهُنَّ مَعًا قِيامٌ، قالَ أُسامَةُ الهُذَلِيُّ:

(فسامُونَا الهِدَانَةَ منْ قَرِيبٍ … وهُنَّ مَعًا قِيامٌ كالشُّجُوبِ)

وقالَ آخرُ:

لَا تُرْتَجَى حينَ تُلاقِي الذّائِدَا…. أسَبْعَةً لاقَتْ مَعاً أم واحِدَا.اهـ

وقال د.إبراهيم عبد الرحمن خليفة ـ رحمه الله ـ في رسالته للدكتوراة المحكم والمتشابه في القرآن الكريم ص567: من المتفق عليه لدى كافة المحققين بل المعروف بنفسه أن حقَّ ما لا يتبادر من الكلام غيرُه عند التجرد عن القرينة أن يكون هو حقيقة وأصل ما وُضع له اللفظ، وأن حق ما يتبادر غيره لولا القرينة أن يكون هو المجاز الذي جيز به عن الأصل، قال العضد ـ كما في حاشية البناني على شرح جمع الجوامع 1/ 323 ـ: (ومنها ـ يعني معرفات المجاز ـ أن يتبادر غيره إلى الفهم لولا القرينة عكسُ الحقيقةِ فإنها تُعرف بألا يتبادر غيرُه لولا القرينة) .اهـ

ثم بسط د.خليفة الكلامَ أصوليا حول هذه المسألة متعرضا لمنكري المجاز رادا عليهم وأن خلافهم إما لفظي أو مكابرة على ما بسطه الإمام ابن السبكي … ثم ينتقل د.خليفة إلى التفريع وتنزيل ذلك على ما نحن فيه وهو لفظ “مع” فيقول ص569: أما تمامُ بيانِ ذلك فيما خُص بالذكر في هذا التشكيك ـ أي تشكيك ابن تيمية السابق في اقتضاء “مع” للمخالطة ـ فنقول: أما المعية فمَنْ ذا يسعه إنكار أن ذا الذاتِ إذا وُصف بالمعية لمثله أعني ذا ذات، كذلك لم يُفهم منه عند الإطلاق إلا الصحبة الحقيقة بالذات بحيث لو كان بينهما من الفاصل ما ينفي الصحبة والاجتماع عرفا، ولم تقم قرينة تُفصح أن المراد غير هذه الصحبة أعني الحسية لكان الوصف بالمعية حينئذ كذبا بلا مرية، لا يُفهم عند ذلك الإطلاق أن مصاحبة أحدهما للآخر هي بصفته لا بذاته أصلا، وتحقيقه أن المفهوم عند إطلاق الشيء هو الشيء بكماله ليس بعض الشيء دون بعض، وهو ضروري، وإلا ما كانت حقيقة أصلا، وأن ذات الشيء لا محالة أَدْخَلُ في قيام حقيقته من صفته، أعني أن حقيقة الشيء أشدُّ حاجة في تقوُّمها إلى ذاته منها إلى صفته حتى إن كثيرا من العقلاء تصوّروا ذاتًا بلا صفات كالذي قاله الفلاسفة والشيعة مِن تجرد ذات الرب عن الصفات، قَلَّ من تصور منهم صفة بلا ذات، فحيث يُطلَق الشيءُ إذَن يتبادر إلى الفهم لا محالة بذاته، لا يُعقل أن يتبادر إلى الفهم بصفته فحسب، فإذا تمهّد هذا فنحن نقول: الله ذو ذات بالقطعِ، والاتفاق منا ومنكم، فمن أين إذن إذا أُطلق اسمُه الكريم ليُوصف بصفةٍ ما أن يُفهم عودُ ذلك الوصفُ إلى صفةٍ مِن صفاته لا إلى ذاته كالذي تقولون في هذا التشكيك؟!!!!! اللهم إلا أن تقوم القرينةُ المحيلة لكون المراد ذاته كما في صفة المعية ونحوها، فعند ذلك نضطر إلى القول به، لكن لا على أنه الحقيقة من مثل هذا الإطلاق، كيف؟ والحقيقةُ فهمُ الذاتِ على ما بيّناه، بل على أنه إخراج عن الحقيقة، وصرفٌ عنها إلى ما له بها علاقة؛ ولا معنى للمجاز والتأويل إلا هذا.اهــ

قال وليد: هذا كلام عالٍ غالٍ دالٌ على تحقيق وعمق وتبحّر[3] في العربية والأصول والكلام … وقد كفى وشفى به د. إبراهيم خليفة عليه شآبيب الرحمات، ولم يترك قولا لقائل، وحاصل كلام د.خليفة السابق هو….وانظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/729686420478716/.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/808619715872272/

[2] وأما المماسة فهي قدر زائد على المخالطة، وإن كانت لا تنافيها، وعليه فإن “مع” لا تقتضي المماسة لا حقيقة ولا مجازا، وإنما المماسة قد يقتضها حرف “على” ونحوه . والله أعلم

[3] وكم للدكتور إبراهيم خليفة من مثل هذه التحقيقات في رسالته العظيمة هذه “المحكم والمتشابه في القرآن الكريم” البالغة 927ص، والتي أوصي إخواني طلاب العلم بمطالعتها مرارا، وقد حصلت على نسخة مطبوعة منها بحمد الله، كما أكرمني الله عز وجل بدروس صوتية نادرة له ـ رحمه الله ـ في التفسير ألقاها على طلاب الدراسات العليا في جامعة الأزهر، وهي دروس تحتاج إلى شرح أصلا لما فيها من تحقيق وعمق… وأنوي أن أقوم بتخصيص سلسلة محاضرات على اليوتيوب أحاول أن أشرح فيها بعض تنكيتات الشيخ وتحقيقاته النحوية واللغوية والبلاغية والكلامية وغيرها … أسأل الله أن يتم هذا الأمر فإن فيه فائدة عظيمة لطلاب العلم … نفعني الله وإياكم .

السابق
ركنٌ هوى …( كليمة في رحيل شيخنا المحدث محمد عدنان الغشيم رحمه الله) (كاتب الترجمة : ياسر مصطفى يوسف)
التالي
الإسلام كفيل أن يضبط حياتك ويحقق لك حياة السعداء