https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/770140399766651/
#سلسلة_استدلال_ابن_تيمية_وأتباعه_بإجماع_السلف_على_العلو
المطلب الثاني: أن تجيبوا بالجواب الثاني فتدّعوا أنّ الصحابةَ والتابعين وأتباعهم أجمعوا على ثبوت الجهة أو المكان أو الحيز لله، أو إثبات هذه الألفاظ جميعا لله، فتدعوا أن الصحابة ومن تبعهم أجمعوا على ثبوت لفظ الجهة والمكان والحيز كلها لله تعالى.
فنجيبكم عن هذا الإجماع المزعوم من وجوه:
الوجه الأول: إن هذا الإجماع: هو كَذِبٌ صُرَاحٌ؛ ونحن نتحداكم أن تأتوا بأسماء عشرة من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم أثبتوا لله لفظ المكان أو لفظ الحيز أو لفظ الجهة ….. ولن تستطيعوا ذلك، ولو كان بعضكم لبعض ظهريا ….!!!!
وتعالوا لنسرد آثارَ العلو المروية عن السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم والتي سردها أكثرُ المتحمسين لقضية العلو، وهو ابن القيم الذي ألّف كتابا وسماه “اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية” فحشر وحشد فيه كلَّ ما وجده من أخبار في العلو والاستواء بغض النظر عن مدى صحة سندها أو سلامة دلالتها…!!!!
فتعالوا لنسردها ثم نبحث فيها عن كلمة الجهة أو الحيز أو المكان…. وسيكون ذلك في ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في الآثار المروية عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في العلو والاستواء والفوقية.
الفصل الثاني: في الآثار عن التابعين.
الفصل الثالث: في الآثار عن أتباع التابعين.
نبدأ بالفصل الأول: في الآثار عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في العلو والاستواء والفوقية.
وفيما يلي سردٌ لكلِ آثارِ العلو والاستواء والفوقية والتي ذكرها ابن القيم عن الصحابة ـ رضي الله عنه ـ في كتابه المذكور.
قال ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 118): فصل: فيما حُفظ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من ذلك:
أولا: ما حُفظ عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم: (قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه…. ثم سرد أثرَ أبي بكر، وفيه “من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله في السماء (حي) لا يموت”[2]
ثم سَرد ابن القيم حديثَ أبي بكر عند البخاري في صحيحه وفيه “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى أبي بكر أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله[3] على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأخر”.
ثم سَرد أثرَ عمرَ الفاروق، ونصه عن قيس ” لما قدم عمر رضي الله عنه الشام استقبله الناس وهو على بعيره فقالوا: يا أمير المؤمنين لو ركبت برذونا ليلقاك عظماء الناس ووجوههم فقال عمر رضي الله عنه: ألا أراكم هاهنا إنما الأمر من هاهنا وأشار بيده إلى السماء.”[4]
ثم سرد أثرا آخر عن عمر وهو قوله: “ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه”[5].
ثم سرد أثرا آخر عن عمر وهو قوله ” هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات”[6].
ثم أورد أثر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
وأن العرش فوق الماء طاف … وفوق العرش رب العالمينا[7]
ثم أورد بن القيم أثرَ ابنِ مسعود موقوفا وفيه:” وبين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله تعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه”[8]
ثم سرد أثرَ ابنِ مسعود أيضا وهو قوله: ” إن العبد ليهم بالأمر من التجارة أو الإمارة حتى إذا تيسر له نظر الله إليه من فوق سبع سماوات فيقول للملك: اصرفه عنه”[9]
ثم أورد ابنُ القيم أثرَ ابنِ عباس وهو قوله: «تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله فإن بين السماوات السبع إلى الكرسي سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك»[10]
ثم أورد أثرا آخر عن ابن عباس وهو أنه قال لعائشة رضي الله عنهما ” وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات”[11].
ثم أورد أثرَ ابنِ عباس أيضا:” إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا “[12].
ثم أورد ابن القيم عن عكرمة في قوله تعالى: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} [الأعراف: 17] الآية. قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يستطع أن يقول من فوقهم، عَلِم أن الله من فوقهم.[13]
ثم أورد ابن القيم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وايم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلته، (تعني: عثمان) ولكن علم الله من فوق عرشه إني لم أحب قتله.[14]
ثم ذَكر ابنُ القيم أثرَ زينب فقال: ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: كانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات. وفي لفظ لغيرهما كانت تقول: زوجنيك الرحمن من فوق عرشه كان جبريل السفير بذلك وأنا ابنة عمتك. رواه العسال[15].
ثم أورد ابن القيم حديثا قدسيا لأبي أمامة وفيه “: وعزتي وجلالي وارتفاعي على عرشي”[16].
ثم أورده ابن القيم من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ “وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني”
ثم قال ابن القيم: قول الصحابة كلهم رضي الله عنهم: ثم روى عن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال: «خرجت مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر قصة طويلة، وقال فيها: فإذا هو ومن معه يسجدون على وجوههم، ويزعمون أن إلههم في السماء فأسلمت وتبعته».[17]
قال وليد ابن الصلاح: وبعد، فهذه كل أثار العلو والاستواء والفوقية التي أوردها ابن القيم عن الصحابة في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية …وسوف نضرب الآن صفحا عن النظر في أسانيدها، ونغض النظر عن كون أغلبها ضعيف أو موضوع …. ونسأل السؤال التالي: هل وجدتم في كل هذه الآثار السابقة أثرا واحدا فيه كلمة جهة أو مكان أو حيّز …؟!!!!!!
والجواب: أنه لا يوجد فيها ذلك ما خلا أثر أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما فقد ورد فيه لفظُ “المكان” منسوبا إلى الله في قوله ” وارتفاع مكاني “، ولكن هذا الأثر ليس قولا لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وإنما هو حديث قدسي لأن لفظه ” فقال الربّ: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني” وبالتالي فإن محل الاستدلال بهذا الأثر هو في المرفوع لا في الموقوف، لأن هذا الفصل مخصص للاستدلال لأقوال الصحابة فحسب في مسألة العلو والاستواء وليس مخصصا لما ورد في السنة المرفوعة من أحاديث في العلو والاستواء، فذاك له موضع آخر وجواب آخر كما سيأتي…. هذا بغض النظرِ عن أن هذا الأثر ” وارتفاع مكاني” ضعيف كما أقر بذلك الذهبي نفسه[18] الذي استدل به….؟!!
والحاصل أنه لم يرد في كل الآثار التي أوردها ابن القيم عن الصحابة في مسألة العلو والاستواء والفوقية كلمةُ الجهة أو الحيز أو المكان …. غاية ما ورد فيها أن الله على العرش أو فوق السماوات أو أنه في السماء أو نحو ذلك …. وهذه العبارات ليست في محل النزاع أصلا … إذ هذه العبارات ربما وردتْ أو ورد نحوها في القرآن الكريم والسنة النبوية….فلا مجال لإنكارها أصلا، ولا أنكرها الأشاعرة أصلا …. وإنما الذي أنكره الأشاعرة هو أن تَفهم من هذه العباراتِ الواردة في الكتاب والسنة وكلام الصحابة ومن تبعهم: أن المراد بها الجهةُ والمكان والحيز….أي أن تفهم من آيات الاستواء والعلو والأحاديث والآثار المتعلقة بذلك أن تفهم منها أن العرش أو العلو أو الفوقية أو السماء أو ما فوق السموات هي مكان أو جهة أو حيّز لله …. فهذا ما أنكره الأشاعرة، ليس لأن هذا الفهم هو خلاف مذهب الأشاعرة فحسب، بل لأن هذا الفهم هو خلاف ما كان عليه الصحابة أنفسهم …بدليل أن كل الآثار السابقة التي أوردها ابن القيم عن الصحابة في هذا الباب لا يوجد فيها كلمة حيز أو مكان أو جهة كما سبق بيان ذلك .
وإن من يفهم هذا الفهم ـ وهو أن العرش أو السماء أو الفوق أو العلو مكان لله أو جهة أو حيز له ـ وينسبه إلى الله وإلى رسوله وإلى الصحابة فهو مفترٍ على الله ورسوله والصحابة … إذ ليس في كلام الله ولا فيما صح عن رسول الله ولا في كلام الصحابة نسبة المكان والحيز والجهة إلى الله …
وكذلك فإن من يَفهم من نصوص الاستواء والعلو والفوقية أنها دالة على أن الله في جهة أو حيز أو مكان ففهمه باطل، أُتي من كونه يعتقد أن الله جسم يستحيل ألا يكون في مكان أو جهة أو حيز ….أي أن هذا الفهم هو فهم المجسمة فقط …. ومن ينسب هذا الفهم السقيم الزائغ إلى الصحابة وتابعيهم فهو كذاب أشر كائنا من كان …وهو يريد بذلك ترويج مذهبه الباطل بنسبته إلى الصحابة الأطهار الأبرار ومن تبعهم بإحسان …. ولكن هيهات هيهات…..!!!!
وبذلك يبطل كل تهويلات وتشنيعات وصراخ ابن تيمية وأتباعه حين يحتج علينا بنقل إجماع الصحابة على العلو ….إذ ثبوت العلو لله ليس محل النزاع أصلا، وإنما النزاع هو في ثبوت الجهة والحيز والمكان لله، فنحن نثبت صفة العلو لله ولكن مع تنزيهنا لله تعالى عن الجهة والحيز والمكان مطلقا… فإن وافقتمونا على هذا فلا حاجة لنقل هذا الإجماع وغيره في مسألة هي محل اتفاق أصلا … وإن خالفتمونا في تنزيه الله عن الجهة والمكان والحيز …. فيجب أن تنقلوا لنا إجماع الصحابة على ثبوت الجهة والمكان والحيز لله ….لا على ثبوت العلو فحسب….. وأما أن تنقلوا إجماع الصحابة على العلو وتريدون أن تحتجوا بذلك على ثبوت الجهة والمكان والحيز لله …. فهذا لعب وعبث كما هو ظاهر.
الفصل الثاني: في الآثار عن التابعين….. وانظر اللاحق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/770458499734841/
=========================================
[1] انظر السابق:
[2] انظر تخريجه على: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/757877577659600/
[3] أخرجه البخاري بهذا اللفظ في ثلاثة مواضع من صحيحه (1/ 402، و 407) و(2/957) تحقيق د.البغا، وأخرجه البخاري في موضع آخر وهو “باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم” بلفظ:” وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى… “، وهذا اللفظ ليس فيه رفع اليدين الذي يستشهد بهما ابن القيم على العلو فيبطل استدلاله به ….!!! على أن رفع اليدين للدعاء ونحوه سنّة، قال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/ 361) في شرحه لحديث الباب: (فحمد الله) تعالى على ما أنعم عليه به من تفويض الرسول إليه أمر الإمامة، لما فيه من مزيد رفعة درجته.وهذا موضع الترجمة، واستنبط منه: أن رفع اليدين للدعاء ونحوه، في الصلاة لا يبطلها، ولو كان في غير موضعه، ولذا أقر النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أبا بكر عليه.اهـ
[4] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل، ثم أضع رابط التخريج هنا، وهكذا سائر الآثار.
[5] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[6] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[7] انظر تخريجه على: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/758569054257119/
[8] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[9] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[10] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[11] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[12] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[13] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[14] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[15] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[16] سيأتي تخريجه هو والذي بعده لاحقا إن شاء الله.
[17] يأتي تخريجه لاحقا إن شاء الله في منشور مستقل.
[18] قال محقق معارج القبول بشرح سلم الوصول (1/ 178) تعليقا على حديث أبي سعيد هذا: (((ذكره الذهبي في العلو “ص72” وقال: فيه دراج وهو واه.اهـ قلت: وفيه كذلك ابن لهيعة عنه وفيه مقال وقد اختلط.))).اهـ