فتاوى

ما حكم التسمية بعبد النبي؟ وما حكم التسمية بأسماء الله مثل كريم وعزيز؟ وكيف لو كانت بالألف واللام مثل الكريم والعزيز؟ (د. عبدالفتاح قديش)

سلسلة الفتاوى (31)

بسم الله الرحمن الرحيم.

📩 الســـــــــؤال :-

ما حكم التسمية بعبد النبي؟ وما حكم التسمية بأسماء الله مثل كريم وعزيز؟ وكيف لو كانت بالألف واللام مثل الكريم والعزيز؟

✉️ الجـــــــواب :-

التسمية بالتعبيد لغير الله تعالى كعبد النبي لها حالتان:

الأولى : أن تكون بمعنى عبودية التألُّه، وهذا حرام قطعاً، بل شرك ولكن هذا لا يتصور وقوعه من المسلم؛ لأنه يعتقد أن الإله الواحد هو الله تعالى.

والثانية: أن تكون بمعنى عبودية الرق، فيكون المقصود تشبيه المسمى بعبد النبي، وهذه محرمة في مذهب جمهور العلماء، وحكى بعضهم الاتفاق على ذلك، ولكنه لا يصح؛ لأن من أهل العلم من قال بالكراهة فقط، بل منه من قال بالجواز، وهذه بعض أقوال أهل العلم في المسألة :

فمن أقوال الحنفية في حاشية ابن عابدين (رد المحتار): (أقول: ويؤخذ من قوله ولا عبد فلان منع التسمية بعبد النبي ونقل المناوي عن الدميري أنه قيل بالجواز بقصد التشريف بالنسبة، والأكثر على المنع خشية اعتقاد حقيقة العبودية كما لا يجوز عبد الدار اهـ).

ومن أقوال المالكية
في قرة العين بفتاوى علماء الحرمين لحسين المغربي المالكي : (ما قولكم) في التسمية بعبد النبي هل يجوز أم لا؟ (الجواب) في فتاوى العلامة المذكور [يعني العلامة الأمير]: لم أر لأصحابنا حرمة التصريح بالتسمية بعبد النبي لكن مقتضى كلامهم كراهة التسمية به، وسُئل السبكي الشافعي عن التسمية، فأجاب بالمنع خوف التشريك من الجهلة باعتقاد أو ظن حقيقة العبودية وتردد فيما إذا قصد به التشريف، ومال الأذرعي للجواز حينئذ، قال الدميري: الأكثر على المنع خشية التشريك كعبد الدار وعبد الكعبة انتهى.

وقد تقرر في مذهبنا أن المسألة إذا لم يوجد فيها نص يرجع لمذهب الشافعي، وأجاب العلامة الشبراوي الشافعي بقوله: المعتمد الجواز، ولا يجب على من يسمى بهذا الاسم تغيير اسمه ولا يستحب، والله أعلم.).

ومن أقوال الشافعية
في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر : (وسُئل) رحمه الله تعالى هل يجوز التسمية بعبد النبي؟ (فأجاب) رحمه الله تعالى بقوله: المعتمد حرمة ذلك وما أشبهه، بل نقل ذلك بعض المحققين عن الأكثرين فقال ومنع الأكثرون التسمية بعبد النبي.).

وقال في تحفة المحتاج : (ويحرم ملك الملوك؛ لأن ذلك ليس لغير الله تعالى، وكذا عبد النبي أو الكعبة أو الدار أو علي أو الحسين لإيهام التشريك ومنه يؤخذ حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما لإيهامه المحذور أيضاً).

وفي حواشي الشرواني على التحفة: (قوله عبد النبي) خلافاً للنهاية والمغني حيث قالا واللفظ للأول: وكذا عبد الكعبة أو النار إلخ ومثله عبد النبي أي أو عبد الرسول على ما قاله الأكثرون، والأوجه جوازه أي مع الكراهة لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وسلم بزيادة تفسير في موضعين من ع ش).

وفي مغني المحتاج : (والتسمية بعبد النبي قد تجوز إذا قصد به النسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومال الأكثرون إلى المنع منه خشية التشريك لحقيقة العبودية، واعتقاد حقيقة العبودية كما أنه لا يجوز التسمي بعبد الكعبة وعبد العزى).

ومن أقوال الحنابلة
في الإقناع في فقه الإمام أحمد ونحوه في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ويحرم بملك الأملاك ونحوه وبما لا يليق إلا بالله: كقدوس والبر وخالق ورحمن ولا يكره بجبريل وياسين قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى وعبد عمرو وعبد على وعبد الكعبة وما أشبه ذلك ومثله عبد النبي وعبد الحسين كعبد المسيح قال ابن القيم: وقوله صلى الله عليه وسلم: ” أنا ابن عبد المطلب ” ـ فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم فباب الأخبار أوسع من باب الإنشاء).

وقد روى ابن أبي شيبة عن يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده هانئ بن يزيد رضي الله عنه قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون: عبد الحجر، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله).

وأما التسمية بأسماء الله تعالى فلذلك حالتان:

الأولى: الأسماء الخاصة بالله تعالى كالخالق والرازق وملك الملوك لا يجوز التسمية بها بالإجماع، وقد تقدمت بعض أقوال الفقهاء في ذلك.

وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك).

الحالة الثانية : التسمية بالأسماء المشتركة التي تطلق عليه تعالى وعلى غيره فيجوز التسمي بها كعزيز وكريم وعلي ورشيد وبديع.

قال الحصكفي الحنفي: (ويراد في حقنا غير ما يراد في حق الله تعالى).
وأما المعرف (بأل) فقد قال ابن عابدين في حاشيته على الحصكفي : (وظاهره الجواز ولو معرفا بأل).

وفي القرآن الكريم عن حبيب الله صلى الله عليه وسلم : (بالمؤمنين رؤوف رحيم) وفي القران أيضاً: (قالت امرأة العزيز) وعن إخوة يوسف: (يا أيها العزيز).

قناة فضلية الشيخ الدكتور عبدالفتاح قديش اليافعي للإشتراك 👇🏻

https://t.me/afattah_31
السابق
“حرمة العلماء بين أخلاق السلف وواقع الخلف” مقال مهم كتبه بعض الوهابية ناعيا على كثير من بني قومه وغيرهم تعديهم على أهل العلم، وذاكرا كثيرا من الأمثلة على ذلك.
التالي
حال الدنيا آباء وأبناء ومشايخ وتلاميذ … أي خالفوا بعضهم في العقيدة والمذهب (مقال منقول لا يخلو من فائدة وإن كانت بعض حوادثه أو على الأقل بعض ألفاظها في ثبوتها نظر لعلنا نتفرغ لتحقيق ذلك لاحقا والله المستعان)