تاريخ وتراجم

المدارس العلمية التي كانت في نيسابور

((وإذا كان الأنصاري قد دخل هذه المدن واحتك بعلمائها، فلا بد من التعريف ولو بإيجاز بمكانتها في الحركة الفكرية في عصره.
ولا ريب أن الاهتمام بالحديث ودراسته كانت نشيطة في هراة منذ القرن الثالث الهجري حيث ألف أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين الحداد الهروي – المتوفى سنة 334 هـ (تاريخ هراة) للتعريف برجال الحديث من أهل هراة والقادمين إليها كما صنف معاصره أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس في تاريخ هراة أيضاً(3).

أما نيسابور وصفها السخاوي بأنها(دار السنة والعوالي) وذكر عدداً من أعلام محدثيها، وأشار إلى كثرة الرحلة إليها واستمرارها حتى اكتسحها المغول(4)

===========================

(3) السبكي – طبقات الشافعية 4/85.

(4) الإعلان بالتوبيخ 666.

==========================

وقد برزت نيسابور فقط كمركز من مراكز الحديث المهمة منذ القرن الثالث الهجري حيث بلغ عدد علمائها والواردين عليها خلال القرن الثالث 1135عالماً ترجم لهم الحاكم في (تاريخ نيسابور)(1). وازداد عدد علمائها والواردين عليها خلال القرن الرابع الهجري حيث بلغ عددهم 1375عالماً، ترجم لهم الحاكم أيضاً في تاريخه، واستمر دورها يتعاظم في القرن الخامس الهجري حيث ذكر عبد الغافر في (السياق)(2) – وهو ذيل على تاريخ نيسابور للحاكم 1699عالماً – من علمائها والواردين عليها مما يدل على اطراد نمو الحركة الفكرية فيها، ويبدو أنها كانت تنافس (بغداد) في علم الحديث خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين، بل إن نيسابور سبقت بغداد في إنشاء المدارس الأولى في الإِسلام، حيث ذكرت المصادر أسماء بعضها وهي مدرسة أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي (ت 342هـ) المعروفة بدار السنة(3).
ومدرسة الداري وهي دار للحديث أنشأها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الداري الرئيس البسطامي في الثلث الأول من القرن الرابع الهجري(4).
ومدرسة القطان، وهي مدرسة للمالكية كان يدرس فيها إبراهيم ابن محمود بن حمزة الفقيه المالكي(5).
ومدرسة أبي الوليد النيسابوري القرشي الأموي (ت 349هـ)(6).
ومدرسة السعدية التي أنشأها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود الغزنوي عندما كان والياً على نيسابور(7) تولاها في حدود سنة 389 هـ(8).
والمدرسة البيهقية التي أسست قبل سنة 408هـ(9).


(1) وصل إلينا مختصر له – بالفارسية – وهو مطبوع – أما الأصل فهو مفقود.
(2) نشر فراي ما بقي منه مع مختصر تاريخ نيسابور للحاكم.
(3) السبكي – طبقات الشافعية 4/159.
(4) تاريخ نيسابور ق 30 أ.
(5) المصدر السابق ق 19 أ.
(6) السبكي / طبقات الشافعية 3/227.
(7) المصدر السابق 4/314.
(8) حسن إبراهيم حسن / تاريخ الإِسلام 3/88.
(9) السبكي / طبقات الشافعية 5/169، 314.

===================

ومدرسة محمد بن الحسن بن فورك (ت 406هـ)(1).
ومدرسة أبي إسحاق الإسفرائيني (ت 418هـ)(2).
ومدرسة أبي بكر أحمد بن محمد البستي (ت 429هـ)(3).
ومدرسة أبي سعد إسماعيل بن علي الاستراباذي(4)، أحد شيوخ الخطيب البغدادي.
ومدرسة أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني(5).
ومدرسة القشيريين التي درس فيها أبو القاسم القشيري (ت 465هـ)(6).
والمدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك سنة 457هـ(7) والمدرسة المشطبية التي درس فيها المبارك بن محمد الواسطي ابن السوادي(8)(ت 492هـ).
ولا شك أن هذه المدارس الكثيرة التي أنشئت بنيسابور لعبت دوراً كبيراً في تنشيط الحركة الفكرية فيها حتى قصدها طلاب العلم من كل مكان، وكان منهم شيخ الإِسلام الأنصاري.
أما مكانة بقية مدن المشرق التي زارها الأنصاري في الحركة الفكرية فقد ترجم الخليلي في كتابه (الإِرشاد إلى علماء البلاد) – وصل إلينا مختصره للحافظ السلفي – لعدد حسن من علماء بلخ والري الذين عاشوا في القرنين الرابع والخامس الهجريين، ولقد أسست ببلخ إحدى المدارس النظامية.
وكان بمروالروذ مدرسة مرست التي حدث بها أبو طاهر محمد بن على بن بويه الزراد (توفي أبوه سنة 418هـ) ومدرسة أصحاب الشافعي التي درس فيها أبو المظفر منصور بن محمد بن السمعاني (ت489هـ) وكان ببوشنج مدرسة ابن غاضرة الأسدي البغدادي (ت450هـ) بنيت له(9).))

كذا في : تعليقة في منهج البحث وتحقيق المخطوطات، للدكتور أكرم ضياء العمري


(1) المصدر السابق 4/128.
(2) المصدر السابق 4/256، 314.
(3) المصدر السابق 4/80.
(4) المصدر السابق 4/314.
(5) المصدر السابق 4/290، 291.
(6) المصدر السابق 5/159، 277.
(7) المصدر السابق 5/107.
(8) المصدر السابق 5/311.
(9) انظر عن هذه المدارس أكرم العمري / موارد الخطيب في تاريخ بغداد ص 25 – 26.


السابق
ترجمة الإمام المقرئ ابن الجزري رحمه الله (أولا: اسمه وأولاده وسيرته)
التالي
“كان ابن حجر العسقلاني يمنع تلاميذه من الرواية عن كتاب (ذم الكلام) لتعرضه لما وقع بين الأئمة المتخالفين في المناظرات والمباحثات”