استدل السلفية على نفي البدعة الحسنة بعموم حديث “كل بدعة ضلالة”، وإليك نص الحديث أولا، أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته .. ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة…..”
قالوا: وتقريرُ الاستدلال هو أن هذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن كلَ أمرٍ محدثٍ ضلالةٌ فيكون محرما، فالقول بحُسن أو نَدْب أو إيجاب بعض المحُدثات والبدع مناقضٌ ومخالف لعموم الحديث، والعام يبقى على عمومه حتى يثبت ما يخصصه، كما قال الإمام الشافعي[1].
قلنا: إن هذا الحديث ليس على عمومه، بل هو عام مخصوص عندنا وعندكم، فهو مخصوص عندكم بالبدعة الشرعية وهي ما استحدث من أمور الدين في العبادات فهي التي تكون ضلالة، وأما ما استحدث من أمور الدنيا فلم تجعلوه ضلالة من حيث المبدأ[2].
وأما عندنا فهو مخصوص بما خالف نصا شرعيا من كتاب أو سنة أو إجماع، أو ما ليس له أصل في الشرع، بمعنى أنه لا دليل عليه في الشرع لا خاص ولا عام كما قال ابن حجر([3]) وغيره من الشرّاح؛ قال القاضي عياض:البدعة فعْل ما لم يُسبق إليه فما وافق أصلا من السنة يقاس عليها فهو محمود، وما خالف أصول السنن فهو ضلالة([4]).اهـ
وقال النووي: قوله صلى الله عليه و سلم “وكل بدعة ضلالة” هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع.اهـ([5])
وإذا كان الحديث مخصوصا بما ذكرنا فلا يصح الاحتجاج بعمومه.فإن قيل: لا نسلّم أن الحديث عام مخصوص، بل هو باق على عمومه، وما ذكرتم أننا نخصه ……انتظره
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر: حقيقة البدعة وأحكامها، للغامدي 1/436، 441 .
[2] وفي ذلك يقول الغامدي في كتابه حقيقة البدعة وأحكامها (1/ 359) تعقيبا على قول الغزالي ” (فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه، بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، أو ترفع أمرا ً من الشرع مع بقاء علته … ) ” قال الغامدي: قوله: (فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه) يحتمل البدع الشرعية والبدع الدنيوية، فأما الشرعية فمنهي ٌ عنها كلها بلا استثناء، وأما الدنيوية فالأصل فيها الإباحة ويدخلها الابتداع بالشروط السابقة في الفصل السابق”.
([3]) فتح الباري 13 / 253، 254.
([4]) مشارق الأنوار على صحاح الآثار – (1 / 81)
([5]) شرح النووي على مسلم – (6 / 154)، الديباج على مسلم للسيوطي (2 / 445)، شرح الزرقاني على الموطأ (1 / 340)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري – (8 / 396)، فيض القدير – (2 / 217).
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/410819002365461/