قال شيخنا د. سعيد فودة في نقض التدمرية – عرض لبعض الأبواب (ص: 6): ثانياً: أما قوله “بلا تمثيل”، فالتمثيل هو المساواة التامة في الصفات الذاتية، وهو إنما ينفي التمثيل بهذا المعنى، ونفي هذا المعنى لا يستلزم نفيَ التشبيه من جهةٍ من الجهات، وابن تيمية لا ينفي التشبيه، وإذا ورد في بعض كلامه نفيُ التشبيه فإنما يريد به التشبيهَ التّامَّ المساوي للتمثيل. ولا يعرف كثير من أتباعه هذا الفرق عند ابن تيمية بين التشبيه والتمثيل، ولذلك ربما ينجرف بعضهم وينفي التشبيه غافلاً عن مذهب إمامه، كما فعل شارح التدمرية، فقال ص31: ” قال نعيم بن حماد شيخ البخاري رحمهم الله: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه كفر، وليس فيما وصف الله به نفسَه أو وصفه به رسولُه صلى الله عليه وسلم تشبيه ولا تمثيل”. وقال ص 32: “وكان إثباتهم بريئاً من التشبيه” اهـ.
فنقل الشارح عن نعيم بن حماد تكفير المشبهة، ولم يعلم أن ابن تيمية يجيز التشبيه من بعض الوجوه، فما أطلقه نعيم بن حماد غفل الشارح عن كونه مناقضاً لكلام شيخه ابن تيمية، وظنه موافقاً له فاستدل به. ومثله في ذلك كمن يستدل بكلام للإمام الرازي في شرح عبارة لابن تيمية؟! فكيف يُفَسَّرُ النقيضُ بالنقيض، والضدُّ بالضد، ولكن الغفلة والجهل يفعلان الأعاجيب.
وابن تيمية وإن نفى التشبيه في كلامه بعد ذلك فقال ص 34: “ففي قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) ردّ للتشبيه والتمثيل”، وقال ص33: “فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتاً بلا تشبيه” اهـ، فمراده بالتشبيه هنا التمثيل أو التشبيه التام، ولذلك قرنها في الموضعين بما يدل على ذلك، ولذلك تراه دائماً في نفي التشبيه يقرنه بالتمثيل، وسوف يأتي مزيد كلام على التشبيه والتمثيل.