مقالات في الصفات

هل رجع الإمام الخطابي رحمه عن مذهب التنزيه في كتابه “الغنية عن الكلام وأهله”؟[1]

وقد استعنت في سبيل ذلك بالحاسوب وبرسالة ماجستير لأحد الوهابية وهي “الإمام الخطابي وموقفه في العقيدة” للباحث حسن العلوي الذي تعب جدا من تتبع تأويلات الخطابي وراح يشنع عليه ويحاكمه إلى مذهب ابن تيمية كما هو دأب القوم !!!! أي أن الباحث جعل من ابن تيمية أكثر من نبي لأن النبي – عليه السلام – يؤاخذ من جاء بعده ولم يتبعه، ولا يحاسب من مات قبله كما في حال الخطابي هنا الذي مات قبل ابن تيمية بقرون فكيف يحاكم إلى مذهبه!!!! طبعا هم سيقولون لك: نحن نحاكم الخطابيَّ وغيره إلى مذهب السلف قبله، فقل لهم: تقصدون مذهب السلف بعيون ابن تيمية!!! وإلا فقد نقل الخطابي عن السلف مرارا في الصفات غير ما نقله ابن تيمية ولذلك رد العلوي مرارا ص203 وص 206 على الخطابي هذا النقل، وقدّم عليه نقلَ ابن تيمية، أي أنتم في آخر المطاف لا ترون إلا ابن تيمية ولا ترون إلا بمنظاره حتى الكتاب السنة لا تأخذون منها إلا بقدر ما يفهمه ابن تيمية منهما!!

(2) هل رجع الإمام الخطابي رحمه عن مذهب التنزيه في كتابه “الغنية عن الكلام وأهله”؟[1]

(سلسلة ابن تيمية حَكَما على الأمة ودِينها، بسلفها وخلفها)

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/3423559904424674

سبق أن سردنا ثلاثة نصوص للخطابي من شرحه على البخاري وشرحه على سنن أبي داود، يؤكد فيها على إجراء نصوص الصفات على الظاهر، تماما كما نص في كتاب الغنية على ذلك، وقلنا بأنه لم يقصد بالظاهر الظاهر الحسي بل حذّر من ذلك كما سبق وكما سيأتي، وإنما أراد إثبات ظاهر اللفظ دون المعنى الحسي بل ينزه الله عنه ويوكل معناه إلى الله لأنه من المتشابه، وهذا – أي نفي الظاهر الحسي – بحد ذاته تأويل إجمالي أو تفويض كما سبق، وأحيانا يسلك التأولي التفصيلي أو يسلك التأويل الإجمالي والتفصيلي كليهما وفق منهج أو شروط له ستأتي، وإليكم أمثلة على ذلك كله من كتب الخطابي نفسها التي قال فيها بإجراء النصوص على ظاهرها:

فمما سلك فيه التأويل الإجمالي أو التفويض صفة الاستواء فقد أثبته ولكن مع نفي التكييف[2]، بل مع نفي الجهة والتحيز والمماسة، فهو يقول في أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (2/ 1474): وليس معنى قول المسلمين: إن الله على العرش، هو أنه تعالى مماس، له أو متمكن فيه. أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، وإنما هو خبر جاء به التوقيف، فقلنا به، ونفينا عنه التكييف إذ {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.اهـ هذا ولم أقع على هذا النصّ في رسالة الحسن العلوي للماجستير التي بعنوان “الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة” ويبدو أن العلوي كتم هذا النصَّ لئلا يعكر على ما أوهمه ابنُ تيمية من أن الخطابي قائل بالاستواء على الوجه التيمي!!

وأما نفي الخطابي للمكان عن الله فقد قال في حديث الإسراء من كتابه أعلام الحديث (4/ 2355): وفي هذا الحديث لفظة أخرى تفرد بها شريك أيضا لم يذكرها غيره. وهي قوله: “فقال وهو مكانه” والمكان لا يضاف إلى الله سبحانه وتعالى, إنما هو مكان النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه الأول الذي أقيم فيه.اهـ

ومن ذلك صفة اليدين فقد أثبتها مع نفي كونها جارحة، فقال: وقد روي في الخبر “كلتا يديه يمين” وليس معنى اليد عندنا الجارحة, إنما هو صفة جاء بها التوقيف, فنحن نطلقها على ماجاءت ولا نكيفها وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة, وهو مذهب أهل السنة والجماعة[3].اهـ

وأما ما سلك فيه التأويل التفصيلي فهو كثير، فقد تأول حديث (يتقبلها بيمينه) بحسن القبول[4]، وتأول حديث ” لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم” بأنه أرضى بالتوبة وأقبل لها[5]، وتأول الضحك[6] والعجب[7] بالرضى.

وتأول حديث الهرولة بحسن القبول ومضاعفة الثواب أو بتوفيق العبد وتيسير العمل الصالح له[8].

وتأول اليمين بالقدرة[9]. كما سلك التأويل التفصيلي في الساق والقدم وقد سبق ذلك وسيأتي أيضا، وأحيانا يسلك كليهما أي التأويل الإجمالي والتفصيلي معا كما في النزول كما سبق.

فأنت ترى إذن أن الخطابي يؤول نصوص الصفات تأويلا إجماليا وهذا قليل كما في الاستواء واليدين، أو تأويلا تفصيليا وهو كثير بل الأكثر بإقرار حسن العلوي[10]، كل ذلك ارتكبه الخطابي في نفس الكتب التي قال فيها بأن الصفات تحمل على ظاهرها، وبالتالي فليس نصه في كتاب “الغنية عن الكلام وأهله” بحمل نصوص الصفات على ظاهرها مخالفا لكتبه الأخرى حتى يقال إن نصه هذا الذي في “الغنية” يدل على أنه رجع عن مذهبه في الصفات الذي دوّنه في الكتب الأخرى!!

فهذا أثبتنا الآن أنه غير صحيح، وأقل ما يقال فيه أنه غفلة بل جهل بمذهب الخطابي الذي لا يكتمل للناظر إلا باستقراء كلام الخطابي كله في جميع نصوص الصفات، وهذا ما فعلته بحمد الله خلال الأيام والأسابيع الماضية لأن هذا السؤال سئلته منذ حوالي شهر ولكن تأنيت في الجواب حتى أستقرئ كلام الخطابي كله أو جله على الأقل.

وقد استعنت في سبيل ذلك بالحاسوب وبرسالة ماجستير لأحد الوهابية وهي “الإمام الخطابي وموقفه في العقيدة” لحسن العلوي الذي تعب جدا من تتبع تأويلات الخطابي وراح يحاكمه إلى مذهب ابن تيمية كما هو دأب القوم !!!! أي أن الباحث جعل من ابن تيمية أكثر من نبي لأن النبي – عليه السلام – يؤاخذ من جاء بعده ولم يتبعه، ولا يحاسب من مات قبله كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [الإسراء: 15] وأما ابن تيمية فحاسب الوهابيةُ – ومنهم حسن العلوي هذا – العلماءَ كافة على أساس مذهبه فمن خالف فليس هو من أهل التوحيد ولا من أهل السنة[11]!!! حتى من مات منهم قبله بقرون كما بسطته في غير ما موضع في سلسلة “ابن تيمية حكما على الأمة”[12]. وسأضع لكم في الأدنى صفحات كثيرة من كتاب حسن العلوي والتي تتضمن تعامل الخطابي مع نصوص الصفات المتشابهة بالتفويض والتأويل، والتعليقات والردود السمجة عليه للعلوي!!

قد يقال: كيف ينص الخطابيُّ في كتبه على حمل نصوص الصفات على ظاهرها ثم هو نفسه يؤولها حتى في تلك الكتب نفسها؟ وهذا ما حدا بحسن العلوي أن يستنتج بأن الخطابي كان مضطربا في الصفات بحجة أنه تارة يؤول وتارة يفوض وتارة يحمل على الظاهر[13]!!!

والجواب: أن هذا ليس اضطرابا إلا عقل العلوي، لأن الخطابي وضّح ماذا يقصد بالظاهر أو لنقل وضع منهجا أو شروطا لحمل النصوص على ظاهرها، وهي ثلاثة شروط استخلصتُها من مجموع صنيعه في نصوص الصفات في كتبه وهي ما يلي:

الشرط الأول: أن يَثبتَ اللفظُ المنسوب إلى الله بنص في الكتاب أو السنة المتواترة المرفوعة، أو على الأقل بأحاديث آحاد صحيحة ويكون لها أصل في القرآن، وأما ما جاء في أحاديث موقوفة على الصحابة أو مقطوعة على التابعين فمن بعدهم، أو جاء في أحاديث ضعيفة أو حتى في أحاديث في بعض روايات الصحيحين التي أُعلّت بالشذوذ ونحوه، أو كانت أحاديث آحاد ولا أصل لها في القرآن: فكل هذا لا يعتبره الخطابي عادة من نصوص الصفات أصلا، وبالتالي لا هو يحمله على ظاهره ولا يتكلف تأويله لأنه ليس حجة أصلا، وأحيانا يتبرع بإيراد بعض التأويلات السائغة له.

ومن هنا أنكر الخطابي نسبة المكان والحد لله لأنه لم يثبت بنص صحيح وإنما بروايات مرفوعة معلولة أو بروايات ليس مرفوعة أصلا فقال مثلا ” إن صفات الله تعالى لا تؤخذ إلا من كتاب أو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون قول أحد من الناس كائنا من كان علت درجته أو نزلت تقدم زمانه أو تأخر لأنها لا تدرك من طريق القياس والاجتهاد “، وهذا نقله عنه ابن تيمية نفسه[14]، فقد ((اعترض “الخطابيُّ” على إثبات “الحد” بأن صفة “الحد” لم ترد في الكتاب والسنة، ولكن شيخ الإسلام رد عليه من وجوه وبين أن السلف لم يقصدوا بذلك الصفة مطلقا، ولم يقولوا: له صفة هي “الحد”، والحد إنما هو ما يتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره، والسلف قصدوا بذلك الرد على الجهمية الذين قالوا: ليس له حد، وقصدوا بذلك أنه لا يبياين المخلوقات ولا يكون فوق العالم لأن ذلك مستلزم للحد))[15]

وقال الخطابي في شرحه للبخاري بعد أن تأول حديث “يضع قدمه …”: فإن قيل: فهلا تأولت اليد والوجه على هذا النوع من التأويل وجعلت الأسماء فيهما أمثالا كذلك. قيل: إن هذه الصفات مذكورة في كتاب الله عز وجل بأسمائها وهي صفات مدح والأصل أن كل صفة جاء بها الكتاب أو صحت بأخبار التواتر أو رويت من طريق الآحاد وكان لها أصل في الكتاب، أو خرجت على بعض معانيه، فإنا نقول بها ونجريها على ظاهرها من غير تكييف. وما لم يكن له منها في الكتاب ذكر ولا في التواتر أصل ولا له بمعاني الكتاب تعلق، وكان مجيئه من طريق الآحاد وأفضى بنا القول إذا أجريناه على ظاهره إلى التشبيه، فإنا نتأوله على معنى يحتمله الكلام، ويزول معه معنى التشبيه وهذا هو الفرق بين ما جاء من ذكر القدم والرجل والساق وبين اليد والوجه والعين وبالله العصمة ونسأله التوفيق بصواب القول ونعوذ به من الخطأ فيه إنه رؤوف رحيم[16].

وقال الخطابي في حديث “لاشخص أغير من الله”: قلت: “إطلاق الشخص في صفة الله غير جائز, وذلك لأن الشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا وإنما يسمى شخصا ماكان له شخوص وارتفاع ومثل هذا النعت منفي عن الله سبحانه وتعالى وخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفا من الراوي. والدليل على ذلك أن أبا عوانة قد روى هذا الخبر عن عبدالملك فلم يذكر هذا الحرف, وروته أسماء بنت أبي بكر, عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: لا شيء أغير من الله”[17].اهـ

الشرط الثاني: أن المقصود بالظاهر الذي يثبته هو اللفظ نفسه ويكل معناه إلى الله لأنه من المتشابه كما صرح بذلك، ولا يقصد قط بالظاهر إثبات المعنى الحسي، بل هو ينفى عن الله الظاهر الحسي كما في قوله السابق”ونجريها على ظاهرها من غير تكييف“، فينزه الله عن الجسمية والجوارح والتحيز وحلول الحوادث بذاته تعالى. مثلا يقول الخطابي في معالم السنن (4/ 330): قال الشيخ: وضعه اصبعه على أذنه وعينه عند قراءته سميعاً بصيراً، معناه اثبات صفة السمع والبصر لله سبحانه لا إثبات الأذن والعين لأنهما جارحتان والله سبحانه موصوف بصفاته منفي عنه ما لا يليق به من صفات الآدميين ونعوتهم ليس بذي جوارح ولا بذي أجزاء وأبعاض ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.اهـ فتأمل كيف نصّ على نفي الجوارح الأجزاء والأبعاض عن الله، ولو كان يحمل نصوص الصفات على ظاهرها الحسي لما نفى ذلك.

بل حذرنا الخطابي من الحمل على ظاهرها الحسي وجعل هذا تشبيها كما سبق، وهذا نقله ابن تيمية نفسه عنه فذكر أن الخطابي قال في كتاب شعار الدين: “أن قوما من المثبتين للصفات أفرطوا في تحقيقها حتى خرجوا إلى ضرب التشبيه والتمثيل كما أفرط قوم في نفيها حتى صاروا إلى نوع من الإبطال والتعطيل وكلا القولين خطأ وخطل …من غير تأويل له.. [18].

فتأمل قول الخطابي “وأما المشبهة فإنهم حملوا كل شيء من هذا على حقيقة اسمه بظاهر معناه” كيف جعل الأخذ بالظاهر هو مذهب المشبهة!! وهذا قاله الخطابي في كتاب شعار الدين الذي يحتفي به ابن تيمية وابن القيم وأضرابهما كثيرا وينقلون منه نصوصا في قضية العلو والاستواء وغير ذلك كما سيأتي[19]!!!

الشرط الثالث: أن لا يكون المجاز فيها قريبا، فإن كان المجاز قريبا حمل اللفظ عليه، وهذا ما سلكه الخطابي في كثير من نصوص الصفات لقرب المجاز فيها ودلالة القرائن عليه كما سبق في حديث الهرولة، وكما في الحقو والجنب[20]، ويتأكد الحمل على المجاز عند الخطابي فيما إذا كان الحمل على الظاهر يوقع في التشبيه كما سبق أن بيّنه حيث سبق أن نقلنا عنه قوله “وكان مجيئه من طريق الآحاد وأفضى بنا القول إذا أجريناه على ظاهره إلى التشبيه، فإنا نتأوله على معنى يحتمله الكلام، ويزول معه معنى التشبيه”.

والحاصل أن الخطابي يحمل نصوص الصفات على ظاهرها بشروط ثلاثة وهي: الأول: ثبوت الصفة في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة، أو الآحاد التي لها أصل في القرآن. والثاني: تنزيه الله عن الظاهر الحسي، والإيمان بظاهر اللفظ وتفويض معناه إلى الله لأنه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه. والثالث: بُعدها من المجاز، فإن كان المجاز قريبا منها أو كان ظاهرها يوهم التشبيه: فحينها تحمل على المجاز. فإن اختل شرط من الشروط الثلاثة فليس هو من نصوص الصفات أصلا عنده ولا يُشتغل بتأويله إلا نافلة. وبالتالي فلا اضطراب في صنيع الخطابي كما زعم العلوي.

الوجه الثالث من الوجوه التي تدل على أن الخطابي لم يرجع عن مذهب التنزيه: … انتظره

—————

[1] انظر السابق:

https://www.facebook.com/…/permalink/3422110491236282/…

[2] الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة ص 194

[3] أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (4/ 2347)

[4] ونصه في أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (1/ 754): وقوله: (يتقبلها بيمينه) إنما جرى ذكر اليمين ليدل به على حسن القبول؛ لأن في عرف الناس أن أيمانهم مرصدة لما عز من الأمور، وشمائلهم لما هان منها، وتربية الصدقة مضاعفة الأجر عليها.اهـ وقال أعلام الحديث (4/ 2347): وقوله: “يتقبلها بيمينه” ذكر اليمين في اهذا معناه حسن القبول, فإن العادة قد جرت من ذوي اللأدب أن تصان اليمين عن مس اللأشياء وإنما يباشر بها الأشياء التي لها قدر ومزيه وليس فيما يضاف إلى الله عز وجل من صفة اليدين شمال لأن الشمال محل النقص والضعف.اهـ وفي غريب الحديث للخطابي (3/ 198):

ومنه قول النبي صلى الله عليه: “لله أشد فرحا بتوبة العبد” 4: أي أشد رضا بها, وقبولا لها.اهـ

[5] قال الخطابي في أعلام الحديث (3/ 2238): لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة. قوله: لله أفرح، معناه أرضى بالتوبة وأقبل لها، والفرح الذي يتعارفه الناس في نعوت بني آدم غير جائز على الله عز وجل، إنما معناه الرضا كقوله عز وجل: {كل حزب بما لديهم فرحون} أي: راضون والله أعلم.

[6] جاء في أعلام الحديث (2/ 1365): يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله، فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل، فيستشهد). قوله: (يضحك الله سبحانه) الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو يستفزهم الطرب، غير جائز على الله سبحانه، وهو منفي عن صفاته، وإنما هو مثل ضربه لهذا الصنيع الذي يحل محل العجب/ عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه في صفة الله سبحانه: الإخبار عن الرضا بفعل أحدهما، والقبول للآخر، ومجازاتهما على صنيعهما الجنة مع اختلاف أحوالهما، وتباين مقاصدهما، ونظير هذا ما رواه أبو عبد الله.

[7] جاء في أعلام الحديث (3/ 1922): قلت قوله: عجب الله، إطلاق العجب لا يجوز على الله تعالى ولا يليق بصفاته وإنما معناهالرضا، وحقيقته أن ذلك الصنيع منهما حل من الرضا عند الله والقبول له محل العجب عندكم في الشيء التافه إذا رفع فوق قدره وأعطى به الأضعاف من قيمته.

[8] جاء في أعلام الحديث (4/ 2358):: قوله: “إذا تقرب العبد إلي شبرا, تقربت إليه ذراعا” هذا مثل ومعناه حسن القبول ومضاعفة الثواب على قدر العمل الذي يتقرب به العبد إلى ربع, حتى يكون ذلك ممثلا بفعل من أقبل نحو صاحبه قدر شبر, فاستقبله صاحبه ذراعا, وكمن مشى إليه فهرول إليه صاحبه قبولا له وزيادة, وفي إكرامه, وقد يكون معناه التوفيق له التيسير للعملالذي يقربه منه, والله أعلم

[9] قال في أعلام الحديث (3/ 1901): فيكون المعنى في ذلك على تأويل قوله عز وجل: {والسموات مطويات بيمينه} أي: قدرته على طيها وسهولة الأمر في جمعها، وقلة اعتياصها عليه بمنزلة من جمع شيئا في كفه، فاستخف حمله ولم يشتمل بجميع كفه عليه، لكنه يقله ببعض أصابعه وقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى الرجل القوي المستقل بعباده، إنه ليأتي عليه بأصبع واحدة. وانظر: الخطابي ومنهجه في العقيدة ص155.

[10] الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة ص520

[11] وفي ذلك يقول الغنيمان فى كتاب (السبائك الذهبية بشرح العقيدة الواسطية، ص٣٩): (والواقع أن دعوة الشيخ محمد امتداد لدعوة الشيخ ابن تيمية وأثر ه من آثارها … لا نزال ونميز بين أهل التوحيد والسنة في محبة ابن تيمية، فمن كان يبغضه عرفنا أنه ليس من أهل التوحيد ولا من أهل السنة ومن كان يحبه عرفنا أنه من أهل التوحيد والسنة).

انظر: https://www.facebook.com/ahmedal…/posts/882448788444456…

[12] انظر:

https://www.facebook.com/…/permalink/756158107831547/

https://www.facebook.com/…/permalink/637568023023890/

https://www.facebook.com/…/permalink/634589259988433/

[13] الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة ص520

[14] ونص ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (3/ 38): قال الخطابي في الرسالة الناصحة له ومما يجب أن يعلم في هذا الباب ويحكم القول فيه أنه لا يجوز أن يعتمد في الصفات إلا الأحاديث المشهورة التي قد ثبتت صحة أسانيدها وعدالة ناقليها فإن قوما من أهل الحديث قد تعلقوا منها بألفاظ لا تصح من طريق السند وإنما هي من رواية المفاريد والشواذ فجعلوها أصلا في الصفات وأدخلوها في جملتها كحديث الشفاعة وما روي فيه من قوله صلى الله عليه وسلم فأعود إلى ربي فأجده بمكانه أو في مكانه فزعموا على هذا المعنى أن لله تعالى مكانا تعالى الله عن ذلك وإنما هذه لفظة تفرد بها في هذه القصة شريك بن عبد الله بن أبي نمر وخالفه أصحابه فيها ولم يتابعوه عليها وسبيل مثل هذه الزيادة أن ترد ولا تقبل لاستحالتها.. ومن هذا الباب أن قوما منهم زعموا أن الله حدا وكان أعلى ما احتجوا به في ذلك حكاية عن ابن المبارك قال علي بن الحسن بن شقيق قلت لابن المبارك نعرف ربنا بحد أو نثبته بحد فقال نعم بحد فجعلوه أصلا في هذا الباب وزادوا الحد في صفاته تعالى الله عن ذلك وسبيل هؤلاء القوم عافانا الله وإياهم أن يعلموا أن صفات الله تعالى لا تؤخذ إلا من كتاب أو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون قول أحد من الناس كائنا من كان علت درجته أو نزلت تقدم زمانه أو تأخر لأنها لا تدرك من طريق القياس والاجتهاد فيكون فيها لقائل مقال ولناظر مجال على أن هذه الحكاية قد رويت لنا أنه قيل له أتعرف ربنا بجد فقال نعم نعرف ربنا بجد بالجيم لا بالحاء وزعم بعضهم أنه جائز أن يقال إن له تعالى حدا لا كالحدود كما نقول يد لا كالأيدي فيقال له إنما أحوجنا إلى أن نقول يد لا كالأيدي لأن اليد قد جاء ذكرها في القرآن وفي السنة فلزم قبولها ولم يجز ردها فأين ذكر الحد في الكتاب والسنةحتى نقول حد لا كالحدود كما نقول يد لا كالأيدي أرأيت إن قال جاهل رأس لا كالرؤوس قياسا على قولنا يد لا كالأيدي هل تكون الحجة عليه إلا نظير ما ذكرناه في الحد من أنه لما جاء ذكر اليد وجب القول به ولما لم يجيء ذكر الرأس لم يجز القول به .اهـ

[15] موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1218)

[16] الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة ص 178

[17] أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (4/ 2344)

[18] ونص ابن تيمية بتمامه في بيان تلبيس الجهمية (6/ 223): فقد ذكر الخطابي وغيره أن هذا الحديث مما يتأول بالاتفاق فقال أبو سليمان الخطابي في كتاب شعار الدين القول في مراتب الصفات أن قوما من المثبتين للصفات أفرطوا في تحقيقها حتى خرجوا إلى ضرب التشبيه والتمثيلكما أفرط قوم في نفيها حتى صاروا إلى نوع من الإبطال والتعطيل وكلا القولين خطأ وخطل وللحق بينهما نهج واضح لا يخفى صوابه على من وفقه الله فأما النفاة من الجهمية فإنهم قصدوا إلى كل شيء يفهم ويدري أو يتوهم من أسماء الله وصفاته فسموه تشبيها بغير حجة وأما المشبهة فإنهم حملوا كل شيء من هذا على حقيقة اسمه بظاهر معناه من غير تأويل له أو يخرج على وجه يصح على معاني أصول العلم وتعسفوا أيضا في جهات مأخذها حتى جعلوا شيئا كثيرا مما تلقفوه من أفواه الناس وحفظوه من ألسن القصاص وسمعوه رواية عن قراءة الكتب مثل كعب..اهـ

[19] وانظر: بيان تلبيس الجهمية (6/ 223)، درء تعارض العقل والنقل (7/ 294)، تهذيب مختصر سنن أبي داود لابن القيم 7/108، الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة ص194

[20] يقول الخطابي في كتابه شعار الدين كما نقل عنه ذلك ابن تيمية بيان تلبيس الجهمية (6/ 227): فأما ما ثبت من الصفات بكتاب الله وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر الذي ينقطع العذر به فإن القول به واجب قال والكلام فيها ينقسم إلى ثلاثة أقسام قسم منها يحقق ولا يتأول كالعلم والقدرة ونحوهما وقسم يتأول ولا يجري على ظاهرهوذلك كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا .. وما أشبهه لا أعلم أحدا من العلماء أجراه على ظاهرهأو اقتضى منه أو احتج بمعناه بل كل منهم تأوله على القبول من الله تعالى لعبده … وكما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما خلق الله الرحم تعلقت بحقو الرحمن فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة …ولا أعلم أحدا من العلماء حمل الحقو على ظاهر مقتضى الاسم له في موضع اللغة وإنما معناه اللياذ والاعتصام به تمثيلا له بفعل من اعتصم بحبل ذي عزة واستجار بذي ملكة وقدرة كما روي الكبرياء رداء الله قال وليس هذا الضرب في الحقيقة من أقسام الصفات ولكن ألفاظه متشاكلة لها في موضع الاسم فوجب تخريجه ليقع بع الفصل بين ما له حقيقة منها وبين ما لا حقيقة له من جملتها ومن هذا الباب قوله تعالى أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله [الزمر 56] لا أعلم أحدا من علماء المسلمين إلا تأول الجنب في هذه الآية ولم أسمع أحدا منهم أجراه على ظاهره أو اقتضى منه معنى الجنب الذي هو الذات وإنما تأولوه على القرب والتمكين[20].

السابق
نبذة عن ثلاثة كتب قيمة صدت حديثا: (المقتصر من أحاديث الأحكام)، (تيسير العبارات بشرح نظم الورقات)، (الإملاءات العلية على شرح نظم الآجرومية)
التالي
كتب في رد الأشاعرة على الوهابية