[ موقف السلف من الخوض في صفات الله تعالى ]
《 وقال رسته : سمعت ابن مهدي يقول لفتى من ولد الأمير جعفر بن سليمان :
بلغني أنك تتكلم في الرب ، وتصفه وتشبهه .
قال : نعم ، نظرنا ، فلم نر من خلق الله شيئا أحسن من الإنسان ، فأخذ يتكلم في الصفة ، والقامة .
فقال له : رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق ، فإن عجزنا عنه ، فنحن عن الخالق أعجز ، أخبرني عما حدثني شعبة ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى جبريل له ستمائة جناح فبقي الغلام ينظر .
فقال : أنا أُهَوِّنُ عليك صف لي خلقا له ثلاثة أجنحة ، وركب الجناح الثالث منه موضعا حتى أعلم . قال : يا أبا سعيد ، عجزنا عن صفة المخلوق ، فأشهدك أني قد عجزت ، ورجعت》 .
سير الاعلام ترجمة عبد الرحمن بن مهدي .
قلت : وشبيه هذا الفتى كثير اليوم ، حتى مع ألقاب علمية ، إلا أن الفرق بين صبية اليوم وفتى الأمير أنه رجع الى الحق ، أما الصبية والغلمان اليوم ، فلا وألف لا لا يرجعون ولو أقمت لهم ألف حجة وحجة .
والحمد لله الذي وفقنا للسير على هدي السلف ، ومفارقة المبتدعة المشبهة .
فارس الخزرجي .
=====
«شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (3/ 585):
«- ذكره عبد الرحمن قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول لفتى من ولد جعفر بن سليمان: مكانك ، فقعد حتى تفرق الناس ، ثم قال: تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء والاختلاف وكل ذلك يجري مني على بال رضي إلا أمرك وما بلغني ، فإن الأمر لا يزال هينا ما لم يصر إليكم ، يعني السلطان ، فإذا صار إليكم ، جل وعظم ، فقال: يا أبا سعيد وما ذاك؟ قال: بلغني أنك تتكلم في الرب تبارك وتعالى وتصفه وتشبهه ، فقال الغلام: نعم ، فأخذ يتكلم في الصفة ، فقال: رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق ، فإذا عجزنا عن المخلوقات ، فنحن عن الخالق أعجز وأعجز ” . أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة عن الشيباني قال: سمعت زرا قال: قال عبد الله ” في قوله {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: 18] قال: رأى جبريل له ستمائة جناح “. قال: نعم ، فعرف الحديث ، فقال عبد الرحمن صف لي خلقا من خلق الله له ستمائة جناح ، فبقي الغلام ينظر إليه ، فقال عبد الرحمن: يا بني، فإني أهون عليك المسألة، وأضع عنك خمسمائة وسبعة وتسعين ، صف لي خلقا بثلاثة أجنحة ركب الجناح الثالث منه موضعا غير الموضعين اللذين ركبهما الله ، حتى أعلم. فقال: يا أبا سعيد، نحن قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز وأعجز ، فأشهدك أني قد رجعت عن ذلك وأستغفر الله»