‘‘‘‘ويجوز إظهار الكرامة عند الصوفية لغرضين :أحدهما : نصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين ، كما وقع مع الشيخ محيي الدين بن عربي مع ذلك الفيلسوف الذي ينكر معجزات الأنبياء حيث يقول : « حضر عندنا سنة ست وثمانين وخمسمائة فيلسوف ينكر النبوة على الحد الذي يثبتها المسلمون وينكر ما جاءت به الأنبياء من خرق العوائد ، أن الحقائق لا تتبدل وكان زمن البرد والشتاء ، وبين أيدينا منقل عظيم يشتعل ناراً فقال المنكر المكذب : إن العامة تقول : إن إبراهيم ( ألقي في النار فلم تحرقه ، والنار محرقة بطبعها الجسوم القابل للاحتراق ، وإنما كانت النار المذكورة في القرآن في قصة إبراهيم عليه السلام عبارة عن غضب نمرود وحنقه فهي نار الغضب ، فلما فرغ من قوله قال له الشيخ محيي الدين بن عربي : فإن رأيتك أنا صدق الله في ظاهر ما قاله في النار أنها لم تحرق إبراهيم وأن الله جعلها عليه كما قال 🙁 بَرْداً وَسَلاماً ( (1) ، وأنا أقوم لك في هذا المقام مقام إبراهيم في الذب عنه فقال المنكر : هذا لا يكون فقال له : أليست هذه النار محرقة قال نعم فقال : تراها في نفسك ثم ألقى النار التي في المنقل في حجر المنكر وبقيت على ثيابه مدة يقلبها المنكر بيده فلما رآها لم تحرقه تعجب ثم ردها إلى المنقل ثم قال له : قرب يدك أيضاً منها فقرب يده فأحرقته : فقال له هكذا كان الأمر وهي مأمورة تحرق بالأمر وتترك الإحراق كذلك والله تعالى الفاعل لما يشاء ، فأسلم ذلك المنكر واعترف » (2) .
والغرض الثاني الذي يجوز إظهار الكرامة فيه عند الصوفية : إبطال سحر الفسقة والمشعوذين الذين يضلون الناس عن دينهم كما ذكر العلامة ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى : « أن صوفياً ناظر برهمياً ، والبراهمة قوم تظهر لهم خوارق لمزيد الرياضات ، فطار البرهمي في الجو ، فارتفعت إليه نعلُ الشيخ ولم تزل تضرب رأسه وتصفعه حتى وقع على الأرض منكوساً على رأسه بين يدي الشيخ والناس ينظرون » (3) .وأما إظهار الكرامة بدون سبب مشروع فهو مذموم لما فيه من خطر النفس والمفاخرة والعجب .’’’’كذا في موسوعة الكسنزان1 (1/ 62)
__________
(1) – الأنبياء : 69 .(2) – الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج 2 ص 371 .