فوائد وفرائد في التصوف والصوفية

فالمتكفلون بالعلوم كالمتكفلين بالثغور والمرابطين بها والغزاة المجاهدين في سبيل الله فمنهم المقاتل ومنهم الردء ومنهم الذي يسقيهم الماء ومنهم الذي يحفظ دوابهم (الغزالي)

قال حجة الإسلام الغزالي في «إحياء علوم الدين» (1/ 53): «الوظيفة التاسعة أن يكون قصد المتعلم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة وفي المآل القرب من الله سبحانه والترقي إلى جوار الملأ الأعلى من الملائكة والمقربين ولا يقصد به الرياسة والمال والجاه ومماراة السفهاء ومباهاة الأقران وإن كان هذا مقصده طلب لا محالة الأقرب إلى مقصوده وهو علم الآخرة ومع هذا فلا ينبغي له أن ينظر بعين الحقارة إلى سائر العلوم أعني علم الفتاوى وعلم النحو واللغة المتعلقين بالكتاب والسنة وغير ذلك مما أوردناه في المقدمات والمتممات من ضروب العلوم التي هي فرض كفاية ولا تفهمن من غلونا في الثناء على علم الآخرة تهجين هذه العلوم فالمتكفلون بالعلوم كالمتكفلين بالثغور والمرابطين بها والغزاة المجاهدين في سبيل الله فمنهم المقاتل ومنهم الردء ومنهم الذي يسقيهم الماء ومنهم الذي يحفظ دوابهم ويتعهدهم ولا ينفك أحد منهم عن أجر إذا كان قصده إعلاء كلمة الله تعالى دون حيازة الغنائم فكذلك العلماء قال اللَّهُ تَعَالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والذين أوتوا العلم درجات} وقال تعالى {هم درجات عند الله} والفضيلة نسبية
واستحقارنا للصيارفة عند قياسهم بالملوك لا يدل على حقارتهم إذا قيسوا بالكناسين فلا تظن أن ما نزل عن الرتبة القصوى ساقط القدر بل الرتبة العليا للأنبياء ثم الأولياء ثم العلماء الراسخين في العلم ثم للصالحين على تفاوت درجاتهم وبالجملة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يعمل مثقال ذرة شراً يره} ومن قصد الله تعالى بالعلم أي علم كان ‌نفعه ‌ورفعه لا محالة»

السابق
كلمة في تأبين صاحب السماحة شيخنا العلامة خليل الميس رحمه الله وجعله في الفردوس الأعلى ونحن معه بمنه تعالى وكرمه (بقلم أخينا الشيخ محمد عبد الفتاح البقاعي)
التالي
والقوم كانوا يوردون عليها الأسئلة المشوشة والاعتراضات المظلمة