مقالات قيمة في الرد على الوهابية

عن الجدل الدائر حول الحنابلة والأشاعرة …والحاصل: نعم ليس الحنابلة أشاعرة، مع شدة تقاربهم. لكن الأهم: أنهم ليسوا تيميين، ولا وهابية. (منشور للشيخ محمد عبد الواحد الحنبلي الأزهري)

عن الجدل الدائر حول الحنابلة والأشاعرة:
لا يحتاج الحنابلة إلى دفاع النابتة، والمدلسة، والمتمسلفة الجدد، ولا أن يعرفوهم حقيقة مذهبهم وما عليه الأصحاب.
فنحن أكثر من قرر وكرر: أن الحنابلة ليسوا أشاعرة.
وهو أمر مشهور، ليس بحاجة إلى إعادة بعث وتشغيب.
ولكن تعال لما هو أهم:
١- الحنابلة يوافقون الأشاعرة في عامة أبواب الاعتقاد، والخلاف بينهما: أقل من الخلاف بين الأشاعرة والماتريدية، وهو محصور في مسائل لا تجاوز أصابع اليد الواحدة!
ومع ذلك نفينا كونهم أشاعرة.
فهل تظن أن الحنابلة تيمية، فضلا عن كونهم وهابية؟!
٢- الحنابلة لم يذوبوا في ابن تيمية، ولم يتابعوه فيما شذ فيه أصولا وفروعا، وردوا عليه أحيانا، وتجنبوا الرد أحيانا؛ لفلسفة عندهم في التعامل معه بينتها مرارا؛ مسموعا ومكتوبا،
وما ينبغي للنابتة أن يفهموا ذلك ولا أن يرتقوا إليه.
فالحنابلة ليسوا تيميين، مع تعظيمهم للشيخ.
٣- وليسوا وهابية من باب أولى.
بل معاقد مذاهبهم: تخالف معاقد النابتة، وكذا نفسياتهم، وتعاملهم مع الأدلة والخلاف والمسلمين.
والخلاف متشعب: أصولا وفروعا ومسلكا ومنهجا ومرجعيات، وفي كل شيء.
وعامة الحنابلة لا يعدون الوهابية حنابلة أصلا، بل يبدعونهم تبديعا مغلظا، ويتبرؤون منهم، ويلحقونهم بالخوارج جزما.
والوهابية كذلك يكفرون كبار الحنابلة وأساطينهم، ويبدعونهم.
وقد صان الله المذهب ببركة إمامه الصالح: أن يلتهمه الوهابية، وأخرج من بين ظهرانيهم من يرد عليهم ويدحض حججهم ويعيدها جذعة، ويرد المذهب لأربابه ممن سرقه واستغل اسمه ليروج باطله، فله الحمد والمنة.
٤- قلت كثيرا: قضية الوهابية منذ ظهروا، والمتمسلفة الجدد الذين ما انفكوا عن نفسية النابتة وإن نخروا وتفلسفوا ولووا رؤوسهم وحرفوا ألسنتهم= أن يظهروا للناس حنابلة؛ لأن في ذلك شرعية وجودهم، وبفقدها لا وجود لهم في الساحة.
٥- فهم يدعون أولا أنهم حنابلة، وأنهم أهل المذهب المحافظون عليه.
ثم إن بُينت مباينة عامة الحنابلة لهم وضاقت عليهم السبل: ادعوا أنهم المتمسكون بطريقة الإمام، النافضون عنها الغبار المتراكم عبر القرون، وذلك عن طريق رجلين لا ثالث لهما: ابن تيمية (وابن القيم: التابع تابع، فلا يفرد)، ثم ابن عبد الوهاب.
ومن قبل ابن تيمية ثم من زمانه إلى ابن عبد الوهاب: بين مبتدع ومشرك وضال وسفيه مضحوك عليه ومسكين لم يحقق التوحيد ولا أشرقت عليه أنوار الإمامين، وضلوا عنهم!
وذلك إفكهم وما كانوا يفترون.
٦- فإن افتضحوا وبان أنهم نابتة منبتون عن الأمة ومذاهبها، مباينون للحنابلة وحتى لابن تيمية، ونفدت حيلهم بفعل الحنابلة الذين وفوا بالعهد الذي أخذه الله على أهل العلم أن يبينوا للناس ولا يكتموا= انتقلوا إلى قضية أخرى بعد الطعن في الحنابلة وتصويرهم مجموعة من الحمقى والمغفلين والجهلة والأغبياء والمبتدعة والمداهنين إلخ،
وتلك القضية هي دأب المبطلين، ألا وهي: (فرق تسد)، فينشغلون بضرب المسلمين بعضهم ببعض، والتحريش بينهم، فعل الشياطين!
وهم يعلمون، ونحن نعلم، وهم يعلمون أننا نعلم: أنه لا وجود لهم إلا بتضليل سائر المسلمين، وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، وهذا ميراثهم الخبيث الذي ورثوه عن أسلافهم، لا يحسنون غيره.
٧- فخصومة النابتة مع الحنابلة الحقيقيين= عظيمة، بل هي أعظم خصومة؛ لأنها قضية وجود.
ولذلك تجدهم لا يحقدون على أحد حقدهم على الحنابلة الأقحاح، وذلك قديم منذ ظهروا.
والتاريخ وكتب النابتة تبين لك: أن أكثر من حاربوا وبغوا عليهم وشوهوا صورتهم وكالوا لهم التهم الكاذبة جزافا= هم الحنابلة الخلص، خصوصا من رد عليهم بكلام ابن تيمية وابن القيم!
ومتى وجدتهم يشتدون في سب أحد وتكفيره وتشويهه: فاعلم أنه أوجعهم وجعا بالغا، وغالبا هو عالم صالح وولي ناصح.
وتلك السنة باقية فيهم، تراها اليوم بعينيك وتسمعها بأذنيك.
٨- وقد نصصنا من قبل أن من الحنابلة من بدع الأشاعرة، واشتد عليهم ولعنهم، ومنهم من كان لينا معهم ويحاول التقريب بيننا وبينهم، وذكرنا لذلك كله أمثلة.
فلسنا بحاجة إلى نابتي خارجي، ولا مدلس كذاب يجبن أن يصرح بمذهبه أو يرد على أصحابه (ظاهرا) الذين يوقن جهلهم وسفاهتهم.
والجميع يعرف أن الحنابلة استقروا على عد الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة، وعلى قراءة كتبهم وإقرائها وشرحها.
وذلك يغيظ النابتة، فينكرونه،
ثم إن لم يمكنهم: ضللوا من فعل ذلك وسبوه -مع شرحهم كتبه والاستدلال به في موضع آخر على عادتهم في السفه والتناقض- واستدعوا الخلافات التاريخية، كما سبق.
٩- فوصيتي لإخواني الحنابلة: أن لا يغتروا بكلام هؤلاء، وما يزخرفونه من القول والنقل،
وأن يعلموا أن من أهم المهمات في زماننا للحنبلي: تنقية نفسه وقلبه وعقله من مذهب النابتة ونفسياتهم، وتنقية المذهب من آثارهم القبيحة.
ففي ذلك فليجاهد، وليتنافس المتنافسون.
١٠- والحاصل: نعم ليس الحنابلة أشاعرة، مع شدة تقاربهم.
لكن الأهم: أنهم ليسوا تيميين، ولا وهابية.

وإن رغمت أنوف من أناس *** فقل يا رب لا ترغم سواها

Telegram الرواق المنهجي والحنبلي( بإشراف الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري الحنبلي)

السابق
نعي وترجمة أ د. عبد الفتاح بركة رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
التالي
مع ابن مفلح وشيخه (ابن تيمية) مرة ثانية: