تاريخ وتراجم

عندما يتكلم السَّادةُ عن السَّادةِ…. نأخذ دروسا ومحاضرات كثيرة يحتاجها الكثيرون …!! (الرد الراقي للسبكي على المازري وابن الصلاح في انتقادهما للغزالي والإحياء، رحم الله الجميع)

ملخص:
الإمام أبو الحسن التقي السبكي لله درُّه: ‘‘‘‘هذا حال الغزالي وحالهم، والكل إن شاء الله مجتمعون في مقعد صدق عند مليك مقتدر….
وضعت لنا الإحياء تحي نفوسنا…..وتنقذنا من ربقة المارد المُردي
وأين نحن ومَن فوقنا وفوقهم مِن فَهم كلامِ الغزالي أو الوقوف على مرتبته في العلم والدين والتألّه.
ولا يُنكر فضل الشيخ تقيُّ الدين وفقهه وحديثه ودينه وقصده الخير ولكن لكل عمل رجال.
ولا يُنكر علوُّ مرتبةِ المازري ولكن : كل حال لا يعرفه من لم يذقه أو يُشرف عليه وكل أحد إنما يتكيف بما نشأ عليه ووصل إليه.’’’’

البسط:
قال الإمام أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (6/ 253): وكتب إليّ مرة الحافظُ عفيفُ الدين المطري المقيم بمدينة سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كتابا سألني أن أسأل الشيخَ الإمام [أي أباه تقي الدين السبكي] رأيه فذكرت له ذلك فكتب إلي الجواب بما نصه الحمد لله:
الولدُ عبد الوهاب بارك الله فيه وقفتُ على ما ذكرتَ مما سأل عنه الشيخ الإمام العالم القدوة عفيف الدين المطري نفع الله به في ترجمة الغزالي وأبي حيان التوحيدي وما ذكرتَه أنت في الطبقات في ترجمة التوحيدي، وما عندي فيه أكثرُ من ذلك فتَكتُبَه له، وكذلك الغزالي ما عندي فيه زيادة على ما ذكره ابنُ عساكر وغيره ممن ترجمه وماذا يقول الإنسان فيه وفَضْله واسمه قد طبّق الأرضَ، ومَن خَبَر كلامَه عَرَف أنه فوق اسمه.
وأما ما ذكره الشيخ تقيُّ الدين ابن الصلاح وما ذَكره من عند نفسه ومن كلام يوسف الدمشقي والمازري(1)، فما أشْبَه هؤلاء الجماعة رحمهم الله إلا بقوم متعبدين سليمة قلوبهم قد ركنوا إلى الهُوينا فرأوا فارسا عظيما من المسلمين قد رأى عدوا عظيما لأهل الإسلام فحمل عليهم وانغمس في صفوفهم وما زال في غمرتهم حتى فَلَّ شوكتهم وكسَرهم وفرّق جموعهم شَذَر بَذَر وفَلّق هامَ كثيرٍ منهم فأصابه يسيرٌ مِن دمائهم وعاد سالما فرأوه وهو يغسل الدمَ عنه ثم دخل معهم في صلاتهم وعبادتهم فتوهموا أيضا أثرَ الدم عليه فأنكروا عليه.
هذا حال الغزالي وحالهم، والكل إن شاء الله مجتمعون في مقعد صدق عند مليك مقتدر
وأما المازري . . . . . . لأنه مغربي وكانت المغاربة لمّا وقع بهم كتابُ الإحياء لم يفهموه فحرّفوه [وفي نسخة : فحرّقوه، وهو الصواب/وليد] فمِن تلك الحالة تكلّم المازري
ثم إن المغاربة بعد ذلك أقبلوا عليه ومدحوه بقصائد منه قصيدة
أباحامد أنت المخصص بالحمد ….وأنت الذي علمتنا سنن الرشد
وضعت لنا الإحياء تحي نفوسنا…..وتنقذنا من ربقة المارد المُردي
وهي طويلة وإن كنت لا أرتضي قوله “أنت المخصص” بالحمد ويتأول لفاعليه أنه من بين أقرانه أو من بين من يُتكلم فيه.
وأين نحن ومَن فوقنا وفوقهم مِن فَهم كلامِ الغزالي أو الوقوف على مرتبته في العلم والدين والتألّه.
ولا يُنكر فضل الشيخ تقيُّ الدين(2) وفقهه وحديثه ودينه وقصده الخير ولكن لكل عمل رجال.
ولا يُنكر علوُّ مرتبةِ المازري ولكن : كل حال لا يعرفه من لم يذقه أو يُشرف عليه وكل أحد إنما يتكيف بما نشأ عليه ووصل إليه.
وأما من ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في هذا المقام فالله يوفقنا وإياه لفهم مقامهما على قدرنا وأما على قدرهما فمستحيل بل وسائر الصحابة لا يصل أحد ممن بعدهم إلى مرتبتهم لأن أكثر العلوم التي نحن نبحث وندأب فيها الليل والنهار حاصلة عندهم بأصل الخلقة من اللغة والنحو والتصريف وأصول الفقه
ما عندهم من العقول الراجحة وما أفاض الله عليهم من نور النبوة العاصم من الخطأ في الفكر يغني عن المنطق وغيره من العلوم العقلية…..اهـ

وتتمة الكلام فيه فوائد كثيرة فانظره في المنشور الذي نشره الأخ الفاضل الشيخ عبدالناصر حدارة :

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=397382623762433&id=100004720954224

———–

(1) قال وليد ابن الصلاح: يشير بذلك إلى ما وقع من هؤلاء العلماء مِن نَقْدٍ للإمام الغزالي وطعن فيه بسبب كتابه الإحياء واشتغاله بالفلسفة،وبالمنطق وإيجابه له.
(2) أي أبا عمرو تقي الدين ابن الصلاح، وتأمّل في صنيع الإمام التقي السبكي كيف ذبّ عن الإمام الغزالي وبيّن رتبته السامية وقدره العالي دون أن يسيء السبكيُّ إلى هؤلاء العلماء كالمازري وابن الصلاح وغيرهما ممن طعنوا في الغزالي ـ رحم الله الجميع ـ …. ولكن أقرّ بعلو رتبتهم وحَفِظ لهم مقدارهم بل اعتذر لهم أيضا ….!!!!
فلله درّ الإمام السبكي ما أشد أدبه مع العلماء ممن سبقه …!!!! فرحمه الله كيف علّمنا هذا الأدب الرفيع… هذا فضلا عن الحِكم والقواعد والدُرر التي أفادنا بها الإمام السبكي في جوابه هذا، وقد عنونت بهذه الحكم المنشورَ أعلاه… نسأل الله أن يعلمنا الأدب ويرزقنا الفهم.
وقارن هذا الصنيع الرفيع مع صنيع وضيع على :

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=392899054220026&id=100004998042091&fref=nf

وانظر أيضا المنشور أعلاه:

السابق
تنزيل كتاب: الخزائن السنية من مشاهير الكتب الفقهية لأئمتنا الفقهاء الشافعية
التالي
مذهب السعد التفتازاني رضي الله عنه (ت 792 هـ) ( 2 ) – مقالة مهمة وتحتاج إلى صبر لطولها(منقول)