تنزيه الله عن المكان والجهة والحيز

عقيدة ابن حزم في تنزيه الله عن المكان والزمان والجسمية(منقول)

يقول في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل”: (وقد علمنا أن ما كان في مكان فإنه شاغل لذلك المكان ومتناه بتناهي مكانه، وهو ذو جهات ست أو خمس متناهية في مكانه، وهذه كلها صفات الأجسام ، فلما صح ما ذكرناه علمنا أن قوله تعالى: ونحن أقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ ق: ١٦ ]، و قوله تعالى: ونحن أقرب إليه منكم الواقعة : ۸۸ ، مَا يَكُونُ مِن تَجْوَى تَلَثَةِ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [ المجادلة ] إنما هو التدبير لذلك والإحاطة بها فقط ضرورة انتفاء ما عدا ذلك.

ويقول أيضاً: (فأما القول الثالث في المكان: فهو أن الله تعالى لا في مكان ولا في زمان أصلاً، وهو قول جمهور أهل السنة، وبه نقول، وهو الذي لا يجوز غيره البطلان ما عداه، ولقوله تعالى: الا إِنَّهُ بِكُلِّ شَي ومحيط فصلت ٥٤] فهذا يوجب ضرورة أنه تعالى لا في مكان، إذ لو كان في المكان لكان المكان محيطاً به من جهة ما أو من جهات، وهذا منتف عن الباري تعالى بنص الآية المذكورة، والمكان شيء بلا شك، فلا يجوز أن يكون شيء في مكان ويكون هو محيطاً بمكانه، وهذا محال فى العقل السليم، يعلم امتناعه ضرورة، وبالله التوفيق.

وأيضاً فإنه لا يكون في مكان إلا ما كان جسماً أو عرضاً في جسم، هذا الذي لا يجوز سواه، ولا يتشكل في العقل والوهم غيره البتة، فإذا انتفى أن يكون الله عز وجل جسما أو عرضا، فقد انتفى أن يكون في مكان أصلا، وبالله تعالى نتأيد).

وقال عند (الكلام والتوحيد ونفي التشبيه) ما نصه: (وأما لفظة الجسم فإنها في اللغة عبارة عن الطويل العريض العميق المحتمل للقسمة، ذي الجهات الست، التي هي: فوق وتحت وأمام ويمين وشمال، وربما عُدم واحد منهم فقط، وهي الفوق، هذا حكم هذه الأسماء في اللغة التي هذه الأسماء منها، فمن أراد أن يوقع شيئا منها على غير موضعها في اللغة فهو مجنون وقّاح، وهو كمن أراد أن يسمي الحق باطلا، والباطل حقا، وأراد أن يسمي الذهب خشبا، وهذا غاية الجهل والسخف).

السابق
من أقوال بعض علماء أهل السنة والجماعة في ابن تيمية (منقول)
التالي
قلب التحدي على المتردي/ لأخينا الشيخ محمود يزبك وفقه الله

اترك تعليقاً