تاريخ وتراجم

شعر غزلي لابن حجر العسقلاني: أُشاغِلُ نفسي بالحديثِ تعلُّلاً … نـهاري وفي ليلي أحِنُّ إلى ليلى

(منقول)

تعلّق الحافظُ ابن حجر رحمه الله في رحلته إلى حلب بامرأة منهم يُقال لها ليلى ابنة محمود طوغان، ووصفها بأنـها من أحسن النساء عقلاً وديناً وخَلقاً وخُلقاً، فنكحها ووُلِدَ له منها بنتٌ.
ولـمّا همَّ الحافظُ بالرحيل عن حلب قيل له إن نساءَ حلب لا يُطقنَ فراقَ الوطن والأهل، فطلّقها سِرّاً دون علمها رأفةً بـها ورحمة إذ كانت تُحبّه، فكان وهو بـمصر إذا تذكرها يقول:
رحلتُ وخلَّفْتُ الحبيبَ بداره…برُغمي ولم أجنحْ إلى غيره مَيْلا
أُشاغِلُ نفسي بالحديثِ تعلُّلاً … نـهاري وفي ليلي أحِنُّ إلى ليلى(1)
ثم إنه لم يُطق فراقها فكتبَ إليها بارتجاعها إن رغبتْ وقدومها إليه، وأنـها إن قدِمَتْ لا يكونُ عنده أعزُّ منها، فامتثلتْ إشارتَه وتجهَّزت حتى قدِمَتْ عليه واحتفل بشأنـها، واستمرت معه حتَّى مات رحمهما الله تعالى.


(1) قال وليد: قال السخاوي في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر (1/ 198): ومن نظمه بعد أن سافر عن حلب، وكان قد تزوج بها امرأة يقال لها (ليلى) وفارقها عند إرادة الرحيل، حيث لم يتيسر له أن يرحل بها معه.
رحلتُ وخلَّفْتُ الحبيب بداره … برغمي ولم أجنح إلى غيره ميْلا
أشاغِلُ نفسي بالحديث تعلُّلًا … نهاري وفي ليلي أحِنُّ إلى لَيْلَى
وفي المعنى ممَّا يُنسبُ إليه:
قف واستمع طربًا فليلى في الدُّجا … باتت معانقتي ولكن في الكرى
وجرى لدمعي رقصة بخيالها … أتُرى دَرى ذاك الرَّقيبُ بما جرى
ومن نظمه قبل ذلك:
مَنْ لديارٍ عن مقيلي شاسعة … وأمس كانت لمقالي سَامِعَهْ
أدعو فلا يُجيبني إلا الصَّدا … رجعَ خطاب لا يفيدُ سامِعَهْ
ومنزلًا كان لطرفي مَنْزَهًا … به فُلَيْذاتُ حشايَ الهالعهْ
محمدٌ وأحمدُ ابن أخته … وأُمُّه وأختها ورابعه
أربعةٌ أصلٌ وفرعٌ خامسٌ … أُفَدِّيه بزهرة تزفُّه يانعهْ
وأمُّهم جامعةُ الشَّملِ لهم … كأنَّ رُوحي بعدهم في جَامِعَهْ
حفاظ غيبي (2) وبدُور منزلي … ونُور عيني وشموسي الطَّالِعَهْ

وقال الطباخ في إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (1370) (5/ 213): …ثم لما قدم شيخنا (أي ابن حجر) حلب صحبة الأشرف تزوج بمطلقة شهاب الدين ولم يعلم بذلك، فجاء شهاب الدين المذكور مسلما على شيخنا ومعه ولده من المرأة التي تزوجها شيخنا وكنت واقفا عند شيخنا ومع شهاب الدين برنية فيها زنجبيل يهديها لشيخنا، ودخل ابنه إلى أمه فأنكر الشيخ (أي ابن حجر) دخول الصبي إلى بيته، فسألني فأخبرته بحقيقة الأمر، فاستحى شيخنا منه. ثم إن شيخنا لما سافر من حلب طلقها وندم على طلاقها في الطريق، فكتب إلي كتابا ومن جملته:
وأشاع عني عاذلي … أني سلوت وما صدق
ومن جملته:
رحلت وخلفت الحبيب بداره … برغمي ولم أجنح إلى غيره ميلا
أعلل نفسي بالحديث تشاغلا … نهاري وفي ليلي أحن إلى ليلى
وكان اسمها ليلى وأمرني في الكتاب بالتكلم معها في مراجعتها، فتكلمت وراجعتها إليه
وسفرتها إليه ودامت عنده بالقاهرة، ثم استأذنته بالتوجه إلى حلب لتزور ولديها فأرسلها وصحبتها الشيخ شمس الدين قمر تلميذه. وكتب إليّ كتابا يقول لي فيه: خيّرها بين الإقامة والرجوع إليّ، فخيّرتها فاختارت الشيخ فجهزتها ودامت عنده حتى مات.اهـ

وقال سبط ابن العجمي نحوه وزاد في كنوز الذهب فى تاريخ حلب (1/ 423): ودامت عنده حتى مات. وبلغني أنه طلقها في مرض موته طلاق الفار. انتهى.اهـ

السابق
لماذا يسمونه باب عذاب القبر لا باب نعيم القبر؟
التالي
أثر ابن عمر في خَدَر الرجل أو (“تحقيق أهل الأثر في خبر ابن عمر في الخَدَر”)