قدم العالم

شبهة ابن تيمية في أزلية نوع العالم، وهو أنه تعالى خالق أزلا وأبدا وإلا ما كان خالقا، يجب عنها حجة الإسلام الغزالي (منقول)

عقيدة ابن تيمية الحراني وأسماء الأفعال

س: يزعم ابن تيمية الحراني بعد نفيه المجاز عن اسم “الخالق”: أنه لا بد أن توجد مخلوقات دائما وأبدا طالما وجد الخالق وإلا لو انعدمت جميع المخلوقات فكيف يصح أن يسمى الله جل وعز بـ: الخالق؟! .. وهذا ما أداه إلى التزام بدعة قدم العالم بالنوع! .. الخ
ج: أن هذا اعتقاد باطل وفهم عاطل مصادم بصفة مباشرة لعقيدة الإسلام في أن الله كان ولا شيء غيره ثم خلق تعالى العالم بمشيئته .. ونتيجة هذه السفسطة التيمية القول بأنه لا يصح وجود الخالق إلا بمعية مخلوقاته!، وهذا فيه نسبة الاحتياج والفقر إلى رب الأرباب الغني بذاته -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-، والتزام نسبة النقص للباري كفر باتفاق .. وكل هذا الهذيان يجر حتما إلى عقيدة الإيجاب ونفي صفة المشيئة والاختيار عنه تعالى!، وهذا فيه ما فيه .. الخ.
وتأمل أيها العاقل الآن طريقة أهل السنة في فهم المسألة: هل تصدق أسماء الأفعال عليه عز وجل أزلا أم لا؟:
قال حجة الإسلام الغزالي (ت:505 هـ): ((والقول الجامع: أن الأسامي التي يسمى بها الله سبحانه وتعالى أربعة أقسام:
• الأول: ألا يدل إلا على ذاته؛ كالموجود، وهذا صادق أزلا وأبدا.
• الثاني: ما يدل على الذات مع زيادة سلب؛ كالقديم، فإنه يدل على وجود غير مسبوق بعدم أزلا، وكالباقي؛ فإنه يدل على الوجود وسلب العدم عنه أبدا، وكالواحد؛ فإنه يدل على الوجود وسلب الشريك، وكالغني؛ فإنه يدل على الوجود وسلب الحاجة، فهذا أيضا يصدق أزلا وأبدا؛ لأن ما يسلب عنه يسلب لذاته، فيلازم الذات على الدوام.
• الثالث: ما يدل على الوجود وصفة زائدة من صفات المعنى؛ كالحي والقادر والمتكلم والعالم والمريد والسميع والبصير، وما يرجع إلى هذه الصفات السبع؛ كالآمر والناهي والخبير ونظائره، فذلك أيضا يصدق عليه أزلا وأبدا عند من يعتقد قدم جميع الصفات.
• الرابع: ما يدل على الوجود مع إضافة إلى فعل من أفعاله؛ كالجواد والرازق والخالق والمعز والمذل وأمثاله، وهذا مختلف فيه؛ فقال قوم: هو صادق أزلا؛ إذ لو لم يصدق .. لكان اتصافه به موجبا للتغير، وقال قوم: لا يصدق؛ إذ لا خلق في الأزل، فكيف يكون خالقا؟.
والكاشف للغطاء عن هذا: أن السيف في الغمد يسمى: صارما، وعند حصول القطع به وفي تيك الحالة على الاقتران يسمى: صارما، وهما بمعنيين مختلفين؛ فهو في الغمد: صارم بالقوة، وعند حصول القطع: صارم بالفعل، وكذلك الماء في الكوز يسمى: مرويا، وعند الشرب يسمى: مرويا، وهما إطلاقان مختلفان؛ فمعنى تسمية السيف في الغمد صارما: أن الصفة التي يحصل بها القطع موجودة في السيف، فليس امتناع القطع في الحال لقصور في ذات السيف وحدته واستعداده، بل لأمر آخر وراء ذاته.
فبالمعنى الذي يسمى السيف به في الغمد صارما .. يصدق اسم الخالق على الله عز وجل في الأزل؛ فإن الخلق إذا جرى بالفعل .. لم يكن لتجدد أمر في الذات لم يكن، بل كل ما يشترط لتحقيق الفعل موجود في الأزل، وبالمعنى الذي يطلق حالة مباشرة القطع للسيف اسم الصارم .. لا يصدق في الأزل اسم الخالق، فهذا حظ المعنى.
فقد ظهر أن من قال: إنه لا يصدق في الأزل هذا الاسم .. فهو محق وأراد به المعنى الثاني، ومن قال: يصدق .. فهو محق وأراد به المعنى الأول، وإذا كشف الغطاء عن هذا الوجه .. ارتفع الخلاف)) (1).


(1) الاقتصاد في الاعتقاد (ص:295 – 297) لحجة الإسلام وبركة الأنام أبي حامد الغزالي (505 – 450 هـ)، عني به: أنس محمد عدنان الشرفاوي، دار المنهاج للنشر والتوزيع-السعودية، الطبعة الأولى-الإصدار الثاني: 1437 هـ-2016 م.

السابق
استغاثات في أغاني مهرجان الرياض بالسعودية .. الشاب خالد الجزائري أغنيته المعروفة عبد القادر يا بو علم ضاق الحال عليااا داوي حالي يا بو علم .. سيدي رد عليااا (منقول)
التالي
الجواب على بعض أسئلة الوهابية (منقول)