س: ماذا يقصد أهل السنة بقولهم أن الله مُبايِن للعالَم؟.
ج: قال الإمام أبو بكر بن فُورَك أنَّه عزَّ وجلَّ: ((بائِنٌ ممَّا خَلَقَ بَيْنُونَة الصِّفَة والنَّعْت لَا بالتَّحَيُّزِ والمَكانِ والجِهةِ)) [تأويل مُشكِل الحديث وبيانُه (ص:314)].
وقال الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كما نقل نصه الحافظ أبو بكر البيهقي: ((وَلَيْسَتِ الْبَيْنُونَةُ بِالْعُزْلَةِ تَعَالَى اللَّهُ رَبُّنَا عَنِ الْحُلُولِ وَالْمُمَاسَّةِ عُلُوًّا كَبِيرًا)) [الأسماء والصفات (307/2)].
وقال العلامة ابن خلدون: ((يقع كثيراً في كلام أهل العقائد من علماء الحديث والفقه: أن الله تعالى مُبايِنٌ لمخلوقاته، ويقع للمتكلِّمين أنه لا مُبايِنٌ ولا مُتَّصِلٌ…فلنبيِّن تفصيل هذه المذاهب ونشرح حقيقة كلِّ واحد منها حتى تتَّضح معانيها، فنقول:
إن المُبايَنَةَ تُقال لمَعْنَيَينِ:
• أحدهما: المُبَايَنَة في الحيِّز والجِهةِ، ويُقابِله: الاتِّصالُ، وتُشعِر هذه المُقابَلةُ على هذه التَّقيدَ بالمكانِ إمَّا: صريحًا وهو تَجسيمٌ، أو لزومًا وهو تَشْبيهٌ من قبيل القول بالجِهةِ، وقد نُقِل مثله عن بعض علماء السلف من التَّصريح بهذه المُبايَنَة، فيحتمل غير هذا المعنى، ومن أجل ذلك أنكر المتكلِّمون هذه المُبايَنَة، وقالوا: لا يُقال في الباري: أنه مُبايِنٌ مَخلوقاتَه [=بينونة المسافة] ولا مُتَّصِل بها، لأن ذلك إنما يكون للمُتحَيِّزات…
• وأما المعنى الآخر للمُبَايَنَةِ: فهو المُغايَرَةُ والمُخَالَفَةُ، فيُقال: الباري مُبايِنٌ لمخلوقاته في ذاتِه وهُوِيَّتِه ووُجودِه وصِفاتِه، ويُقابِلهُ: الاتِّحادُ والامتِزاجُ والاختِلاطُ، وهذه المُبايَنَةُ [=بمعنى المغايرة والمخالفة] هي مذهبُ أهلِ الحقِّ كلهم من جمهور السلف، وعلماء الشرائع، والمتكلِّمين، والمُتَصَوِّفة الأقْدَمِين كأهلِ الرِّسالة [=مَن ذكر في الرسالة القُشَيريَّة] ومَن نَحا مَنحاهُم)) [المُقدِّمة (ص:868)].
https://m.facebook.com/groups/349022143575520/permalink/430271448783922/?sfnsn=scwspmo&ref=share