مناظرات وردود على الوهابية

سؤال عن السجزي والأشعري والباقلاني، وطبيعة الخلاف بين الأشاعرة والوهابية والحنابلة وأهل الحديث في العقيدة

أُرسل إلي على التلغرام مقطعا بعنوان: “حسن السقاف يقول ابوالحسن الاشعري مجسم وليس صاحب المذهب” https://www.youtube.com/watch?v=Z9IP1UrNtQ8

ثم سُئلت: ارسل لي بعض الوهابية هذا المقطع للشيخ حسن السقاف يعترف بأن المذهب الأشعري مأخوذ من المعتزلة والاباضية و..و.و. هكذا يروج هؤلاء ويقولون وشهد شاهد من أهلها يقصدون السقاف
فما هو ردكم مولانا استاذ وليد عن هذا المقطع.اهـ

ثم تابعت التسجيل السابق، ثم أرسلت منه الصورة التالية منه:

ثم قلت: لاحظوا كيف ختموا الفيديو ( أي من نشروه أو أصحاب القناة) بقول السجزي بأن المعتزلة أقل ضرار من الأشاعرة … جميل … فعلا السجزي يسب الأشاعرة بل يسب الأشعريَّ نفسه وكذا الباقلاني معه أيضا … مع أن الأشعري والباقلاني ردا على المعتزلة في تأويلهم للاستواء بالاستيلاء واليد بالقدرة … فالسجزي يقول مثلا كما في رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 343):
ثم بُلي أهل السنة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر (المعتزلة) 3 وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب4، وأبو العباس القلانسي1، وأبو الحسن الأشعري2.
وبعدهم: (محمد3 بن أبي تريد4 بسجستان5 وأبو عبد الله بن مجاهد6 بالبصرة.
وفي وقتنا: أبو بكر بن الباقلاني7 ببغداد، وأبو إسحاق الاسفرائيني8 وأبو بكر بن فورك1 بخراسان2 فهؤلاء / (51/أ) يردون على (المعتزلة) 3 بعض أقاويلهم. ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردّوه على المعتزلة.اهـ
وفي رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 181):
وقد ذكر ابن1 الباقلاني: “أن الاستواء فعل له أحدثه في العرش”2
وهذا مخالف لقول علماء الأمة!!
وأيضا في رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 115):
اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب3 والقلانسي1 والصالحي2 والأشعري3. وأقرانهم الذين يتظاهرون
وقد ذكر ابن1 الباقلاني: “أن الاستواء فعل له أحدثه في العرش”2
بالرد على المعتزلة1 وهم معهم بل أخس حالاً منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق2 وإن اختلفت به اللغات.اهـ
إذن كما ترون المشكلة عند السجزي في الأشعري نفسه فضلا عن الباقلاني بل المشكلة عنده فيمن قبلهما كابن كلاب والقلانسي!!
وهذا يبطل تفريق ابن تيمية بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم ، فيعتبر أن متقدميهم مثبتي الصفات الخبرية بخلاف متأخريهم
والآن تعالوا لأريكم ماذا يقول الوهابية عن السجزي الذي يسب الأشاعرة … هل تعلمون أنهم قالوا عنه بأنه متأثر بالأشاعرة؟!! وإليك أقوالهم:
قال السجزى في رسالته إلى أهل زبيد في الحرف والصوت:

وكلامه سبحانه بلا أداة ولا آلة ولا جارحة، وكلام المحدث لا يوجد إلا عن أداة وآلة وجارحة في المعتاد

قال المحقق (باكريم):

ومذهب السلف عدم النفي والإثبات إلا بنص، فلا نثبت الأدوات والجوارح ولا ننفيها إذ لم يرد دليل على تكلمه بأدوات، أو أن كلامه بدون أدوات. فيتوقف في الأمر ويكتفي بإثبات ما أثبته النص وهو تكلمه سبحانه.

قال السجزى:

والله سبحانه باتفاقنا مرئي. وليس بجسم ولا عرض

قال المحقق:

منهج أهل السنة: التوقف عن مثل هذه الألفاظ نفياً أو إثباتاً، والمؤلف – رحمه الله – خالف هذا المنهج.

قال السجزى:

الحق أنّ الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة وأن الكرامية ومن تابعهم على قول المماسة ضلال

قال المحقق:

الأولى عدم إطلاق لفظ المماسة نفياً أو إثباتاً؛ لأنه لم يرد نفيه ولا إثباته عن الشارع.
10:42

قال السجزى:

وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش بلا كيفية بحيث لا مكان

قال المحقق:

إطلاق لفظ المكان في حق الله عز وجل نفياً أو إثباتاً من الأمور التي لم يرد بها كتاب ولا سنة وينبغي الإمساك عن إطلاق هذا اللفظ والوقوف عند ما ورد به النص من استواء الله على عرشه فوق سماواته. لأن لفظ المكان من الأمور التي تحتمل حقاً وباطلاً ولأهل العلم تفصيل في ذلك

قال السجزى:

وليس في قولنا: إنّ الله سبحانه فوق العرش تحديد وإنما التحديد
يقع للمحدثات، فمن العرش إلى ما تحت الثرى محدود والله سبحانه فوق ذلك بحيث لا مكان ولا حد، لاتفاقنا أن الله سبحانه كان ولا مكان، ثم خلق المكان وهوكما كان قبل خلق المكان) 016.

قال المحقق:

أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية إطلاق هذه الجملة، وأنكر على من زادها على لفظ حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم “كان الله ولم يكن قبله شيء” وفي لفظ “معه” وفي لفظ “غيره” وكان عرشه على الماء خ: 13/ 403 حـ 7418 فزاد بعضهم: “وهو الآن على ما عليه كان” وهذه الزيادة لا تصح. ووصفها بأنها “زيادة الحادية: قصد بها المتكلمة والمتجهمة نفي الصفات التي وصف – الله -بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله من سماء الدنيا وغير ذلك، فقالوا: كان في الأزل ليس مستوياً على العرش وهو الآن على ما عليه كان فلا يكون على العرش” انظر: بيان تلبيس الجهمية 1/ 564، والفتاوى 18/ 221.
ولا شك أنّ المصنف رحمه الله بإثباته هذه الجملة لم يقصد ما قصده المتكلمة والمتجهمة من نفي الاستواء، كيف وهو الذي لم يأل جهداً في إثبات استواء الله عز وجل على عرشه وبينونته عن خلقه، وإيراد الدلائل على ذلك والإنكار على المخالف.اهـ

أرأيتم كيف يرد المحقق الوهابي باكريم على السجزي عندما ينزه الله عن المكان والجسم والحد ونحو ذلك مما هو موافق للأشاعرة الذين يسبهم السجزي أصلا؟! ولذلك قال بعض الوهابية بالحرف الواحد: ((وإذا تأملت كلام السجزي في قضية الاستواء تجد في كلامه ارتباكاً واضطراباً لتأثره نوعاً ما بكلام ابن كلاب والقلانسي وأبي الحسن الأشعري في إنكار الحد ونفي المماسة.

وفي قوله: “والله سبحانه وتعالى فوق ذلك بحيث لا مكان ولا حد لاتفاقنا أن الله تعالى كان ولا مكان ثم خلق المكان وهو كما كان قبل خلق المكان … الخ.

وهذا كلام الأشاعرة الذين ينكرون علو الله واستواءه على عرشه ويريدون بهذا الكلام هذا المعنى ولم يفطن له السجزي – رحمه الله-.

والحاصل أن في كلامه اضطراباً من جملته ما سبق ذكره ولم يناقشه شيخ الإسلام لا في قضية المماسة ولا في غيرها، لأن المقصود الإنكار عليه في قضية نفي الحد، وقد يكون اكتفى بقوله في (ص 440) قلت: وقد أنكره (أي الحد) طائفة من أهل الفقه والحديث ممن يسلك في الإثبات مسلك ابن كلاب والقلانسي وأبي الحسن ونحوهم في هذه المعاني … الخ.

وكل من الإمام سعد بن علي الزنجاني والإمام أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني إمام في السنة وذاب عنها، ولكن في هذه المسألة قد أصابهما من غبار الأشعرية من حيث لا يعلمان.

وكذلك الشيخ / محمد بن عبد العزير ابن مانع من علماء السنة والتوحيد، لكنه في هذه المسألة لم يسلم من غبار الأشعرية وذلك تقليد محض لا سند له من كتاب ولا من سنة وفي كلامهم هذا تدخل في الكيفية.))
انظروا كلامه في : http://m-noor.com/showthread.php?t=12596

مداخلة من السائل: على هذا الحوار الثابت يظهر أن السجزي موافق لأهل السنة الأشاعرة في بعض مسائلهم ولو موافقة جزئية كبيرة.

فما هي حقيقة منهج السجزي في الاعتقاد ؟
وإلى أي الطوائف هو أقرب ؟

وهل كان خلافه مع أهل السنة الأشاعرة بسبب أقوالهم أم أنّه قد حدثت هناك أسباب وأحداث تاريخيّة بينهم تسببت في كلامه عليهم وطعنه فيهم وانتقاصه لهم ؟
وسامحونا فضيلة شيخنا الدكتور عن الإطالة عليكم، ولكن ذلك رغبة في الاستفادة من علمكم أحسن الله إليكم.
فأجبت: أخي ليست موافقة جزئية بل جوهرية … واحد من أهل الحديث كالسجزي يعادي الأشاعرة ثم حين تدقق في كلامه فتراه ينفي أن يكون الله جسما أو عرضا أو في مكان كما ينفي عنه التغير والجوارح والآلات والحد !! فأين بقي خلافه مع الأشاعرة في الحرف والصوت مثلا؟ طيب هذا يثبته بعض الأشاعرة كالحافظ ابن حجر لكن مع التفويض والتنزيه.
 وكذا خلاف الأشاعرة مع الحنابلة فإنهم بمن فيهم القاضي أبو يعلى فإنهم ينفون كل ذلك أيضا (أي ينفي الجسمية والجوارح والأعراض والمكان وو) وهم في تكفير المجسمة أشد من الأشاعرة لأن في تكفير المجسمة قول واحد عند الحنابلة بينما عند الأشاعرة في تكفيرهم قولان كما ذكر ذلك الشيخ مشعان الرخيمي الحنبلي!! .. فأين الخلاف إذن بين الحنابلة والأشاعرة ؟ يقول الشيخ محمد عبد الواحد الحنبلي الأزهري في تسجيل ومنشور له: الخلاف بينهما إنما هو في مسائل عقدية فرعية أو ثانوية وهي مسائل قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة …!!
طبعا كالخلاف في الحرف والصوت والتأويل التفصيلي لبعض نصوص الصفات كاليد والوجه ونحوهما، وما سوى ذلك مثل التأويل الإجمالي كتنزيه الله عن الجارحة مع إثبات اليد والوجه، والتأويل التفصيلي أيضا كتأويل المكر والاستهزاء ونحوهما في حق الله فهذا يقول به الحنابلة أو معظمهم أيضا وفقا للأشاعرة …. ولكن الخلاف الكبير أين ؟ هو مع الوهابية والتيمية الذين يتمسحون بأهل الحديث تارة وبالحنابلة تارة فضلا عن تمسحهم بالسلف ليثبتوا المكان وحلول الحوادث والجوارح ..إلخ .. طبعا معظم أهل الحديث والحنابلة والسلف منهم براء في ذلك بل هم ينصون على خلاف قولهم وهذا وضحته أنا في سلسلة إثبات التفويض عن السلف وفي سلسلة الفرق بين الحنبيلة والوهابية وثمة سلاسل أخرى منها سبقت ومنها أعمل عليها وأجهزها بحول الله … وكلها صواريخ صلاحية تحطم وتفجر أوهامهم وأكاذيبهم والتي لم يستطيعوا بحمد الله الرد عليها حتى الآن … والقادم عليهم مني أعظم بكثير من كل ما تقدم، فقريبا سأنشر سلسلة: الجهم والجهمية ذلك الوهم الكبير أو الجهمية المطاطة، والتي بدأت فعلا بالأمس حين أثبت أن الألباني الذي يتباكون عليه الآن هو جهمي مرجئ حسب كتب الوهابية وأتيت بالوثائق منها، وسأريكم أن ابن تيمية نفسه جهمي أيضا حسب أصوله وأصولهم حتى ظهر فعلا شخص من غلاة الوهابية فصنف ابنَ تيمية على أنه من الجهمية بل كفره أيضا وظهر على اليوتيوب في “ستة مجالس في ضلالات ابن تيمية”، ولدي سلسلة الاتباع الانتقائي للسلفية للسلف، ولدي أيضا: ألف دليل على العلو ألف دليل على الوهم .. وغيرها من السلاسل … أسأل الله الإعانة والتوفيق والتيسير

السائل: ما شاء الله تبارك الله
جواب عظيم مباااااارك شاف كاف واف
أحسن الله إليكم ورفع قدركم فضيلة شيخنا الكريم وكتب لكم الأجر والشكر والمثوبة ونصركم بنصره وأمدّكم بمدده وتمكينه وعونه وتوفيقه وعنايته ورعايته وحفظه.

قلت: آمين آمين رب العالمين ولكم جميعا مثل ذلك بمنه تعالى وكرمه

السابق
كتب في رد الأشاعرة على الوهابية
التالي
لمؤمن يَستُر ويَنصح، والفاجر يَهتك ويُعيّر”