مقالات حول الأشعري وكتاب الإبانة

حوار شيق بين أخي الفاضل الشيخ عبد الناصر حدّاره، وبين أخي الفاضل الدكتور حسن خطفاف حفظهما الله .. وذلك حول هل كان الإمام الأشعري معتزليا حتى قبل توبته؟

الإمام الأشعري لم يكن معتزليا في حياته.
الإمام الأشعري لم يكن معتزليا يوما، وإنما درس الكلام على يد المعتزلة وخاصة الجبائي، وقد كان الأشعري يناظر الجبائي ويظهر خطأ مذهب الجبائي قبل أن يعلن عدم اعتزاله على المنبر للملأ.
فمن المناظرات التي تدل أن الأشعري لم يكن على مذهب الجبائي المعتزلي هي مناظرته المعروفة له عندما دخل رجل على الجبائي فقال: هل تجوز تسمية الله عاقلاً؟
فقال الجبائي: لا، لأنّ العقل مشتق من العقال، وهو المانع، والمنع في حقّه سبحانه محال، فامتنع الإطلاق.
فقال له الإمام الأشعري: على قياسك لا تجوز تسميته حكيماً، لأنّ هذاالاسم مشتق من «حكمة اللجام» وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج….
فسأل الجبائي عن مذهبه في ذلك، فقال الجبائي: فلم منعت هذا وأجزت ذاك؟
فقال الأشعري: إنّ طريقي في مأخذ أسماء الله، الإذن الشرعي دون القياس اللغوي، فأطلقت «حكيماً» لأنّ الشرع أطلقه ومنعت «عاقلاً» لأنّ الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته.
فانظر لقول الأشعري(إن طريقي في مأخذ أسماء الله…) أي أن طريق الأشعري يختلف عن طريق الجبائي.
وطريق الأشعري هو طريق أهل السنة، فهو على مذهب أهل السنة قبل أن يعلن ذلك على الملأ، وكيف لا يكون كذلك وهو الذي يعرف مقولات الفرق، فلا حاجة ليخلو بكتب أهل السنة ليعرف مذهبهم، وإنما خلا بنفسه لتكافؤ الأدلة عنده حتى فتح الله عليه فصوب مذهب أهل السنة.
هذا رأيي الشخصي.
والله أعلى وأعلم.

د.حسن الخطاف

أخي الفاضل
شكرا على منشوركم ولي ملاحظتان على المنشور
الأول: القول بأنه لم يكن معتزليا هو على خلاف الواقع وهذا مانقله ابن عساكر والسبكي…بل ذكرت بعض الكتب أنه كان ينيبه في المناظرات ثم لو لم يكن متبينا مذهب الاعتزال مامعنى صعوده على المنبر وإعلان البراءة… والأدلة التي ذكرتموها ليست دليلا متمحضا أنه كان قبل اعتزاله
الثاني أن مفهوم الإذن في إطلاق أسماء الله مفهوم واسع، فما المقصود به؟ والذي تبين لي أن الإذن هو الوصف لله بما يوهم نقصا، وليس القصد فقط على الألفاظ التي ورد بها الشرع، والدليل على هذا أن الأشعري أطلق على الله تعالى وصف القديم و هذا الإطلاق ليس خاصا به ولابمدرسته وهو قول المتكلمين.
أما التسمية بالعاقل فلأنه ليس بمعنى العلم …
==========================

كاتب المنشور
عبدالناصر أحمد حدارة:

هلا بدكتورنا الحبيب، وبوركتم على مشاركتكم النافعة.
في ردي عليها:
١-أن كان مع المعتزلة لا يعني أنه كان معتقدا عقائد المعتزلة. والدليل أنه لم يعتقد معتقدهم أنه كان يناظرهم من الداخل وينغص عليهم مذهبهم قبل إعلانه تبرئه منهم.
فالأشعري كان مع المعتزلة وفي جماعتهم ولكنهم لم يكن معتقدا بمعتقداتهم. وهذا معنى قول من قال إنه كان على الاعتزال. والدليل على ذلك أنه لم يذكر في طبقات المعتزلة مع أنه كما يُزعم أنه كان رأسا عنده، وبالمقابل ابن الرواندي الذي ألحد ذكر في طبقات المعتزلة.
ودليل آخر أن الإمام الأشعري عندما خلا بنفسه قد صرح أنه تكافأت عنده الأدلة، وتكافؤ الادلة يعني التوقف وليس أنه كان معتزليا.
دليل ثالث أنه كان يناظر بمعتقد أهل السنة ، وهذا يعني أنه كان موافقا لأهل السنة فيما يناظر.
والخلاصة: أنه كان أقرب لأهل السنة لموافقته لهم فيما يناظر فيه، وأنه لم يكن معتزليا لتوقفه لتكافؤ الأدلة في مسائلهم. وهذا ملحظ مهم.
٢- صعوده على المنبر كان لإظهار أنه أصبح بكليته من أهل السنة حيث ترجحت له صوابية المسائل التي توقف بها لصالح أهل السنة.
٣- ظاهر مفهوم الإذن أن الأسماء توقيفية وهو مذهب أهل السنة.
٤- وأما اسم القديم فهو من الألفاظ التي وقع عليها الإجماع ومنها أيضا واجب الوجود، ومنهم من وجد للقديم أصلا في نصوص الوحيين. ووقوع الإجماع على جواز تسمية الله ببعض الأسماء لا ينفي الأصل وهو التوقيف . فالأسماء توقيفية وليست اشتقاقية إلا ما وقع عليها الإجماع.
والله أعلم.

=======================
د.حسن الخطاف:

شكر الله لكم لطيف ردكم وحسن أخلاقكم شيخنا

  1. لو كانت له مناظرات من الداخل لوجدناها بالعشرات، كما وجدنا المناظرات بين الجبائينن أبي علي وأبي هاشم ولأرخها أهل الكلام والفرق، وما وجد منها لايتجاوز عدد أصابع اليد مع أنه لايمكن الجزم بأنها مع قلتها كانت أثناء وجوده مع شيخه أبي علي.
    وأيضا ماذكرتموه هو خلاف لكل من ترجم له ولنا ظاهر الأمر حتى يثبت العكس، فكل م من ترجم له من ابن عساكر والسبكي والإسنوي والشهرستاني… وقد رجعت للعشرات منهم لم يقولوا بأن بعضه أو نصفه كان معتزليا بل قالوا كان معتزليا.
    وأيضا لو سلكنا هذا المنهج لنسف العلوم الإنسانية، فالمسألة تاريخية وقد نقلوا ذلك على أن المسائل التاريخية وكلام القدامى ليس حجة عندما نجد مايخالف كلامهم ماذكرتموه لايعدو الاجتهاد.
    عدم الذكر في الطبقات ليس دليلا كافيا فربما لأنه لم يصل إلى مرحلة الشيخ الذي له أتباع عندما كان معتزليا، وهذا أيضا يحتاج لدراسة منهج الطبقات وأنت تعلم شيخنا أن هناك توسعا في الطبقات وهو توسع ليس مرضيا فقد جعلوا من الصحابة في طبقاتهم.
    ثم الكثير من الكتب تبين طول الفترة التي أقامها على الاعتزال حتى قيل وصلت للأربعين سنة فأين مناظراته في تلك الفترة، ومع أني لست مقتنعا بطول المدة لكن هناك اتفاق على قيامه على الاعتزال
    أما تكافؤ الأدلة فليست دليلا كافيا لأسباب عدة ومن أبرزها أن الشخص آن ذاك قد يكتب كتابا خلال أيام بل منهم من كتب في يوم واحد، ثم تكافؤ الأدلة لا يعني أنه لم يكن معتزليا، فالترجيح حصل له في أخريات ترك الاعتزال الذي كان قبيل سنة 300، وصعود المنبر كان للبراءة التلمذة والتتبع.
    ثم أين شيوخه في علم الكلام ! والعصر إن ذلك كان عصرا اعتزاليا.
    2.نعم ظاهر مفهوم الإذن أنها توقيفية وهذا من حيث الجملة، أما من حيث التطبيق فالأمر تجاوز ذلك إلى قضية جواز إطلاق الاسم على الله تعالى مالم يكن في المعنى مايقتضي حدوثا أو تجسيما ويجمع ذلك مالايليق بالله تعالى وأبرز دليل على هذا هو تسمية الله بالقديم، وأقرب النصوص الشرعية إلى ذلك هو الأول ولم يختاروه مع أنه مأذون فيه شرعا واختاروه القديم، لماذا لم يسموه بالعتيق مع تقارب المعنى لأنه يوهم تأثير العوامل به، ومثل ذلك الفاهم والعارف والداري والبحر والعاقل…لأنها توهم نقصا.
    والله أعلم وأكتفي بهذا عن التعليق على الفقرة مسبقا. وأعتذر إن حصلت بعض الأخطاء في الكتابة نظرا إلى الكتابة على أحرف الهاتف الصغيرة
    ولكم الشكر على إثارة المسألة
    =================================

كاتب المنشور
عبدالناصر أحمد حدارة:

بوركتم دكتورنا على ردكم الجميل، ولكن لي تعقيبات أرجو أن تأخذها بجدية تامة وأنت المتخصص في الفرق:
١- وفاة الجبائي كانت سنة ٣٠٣، وترك الأشعري للاعتزال كان سنة ٣٠٥. وهذا يعني أن مناظرات الأشعري للجبائي كانت قبل ترك الاعتزال، وهذا يعني خطأ من يدعي أنه ترك الاعتزال بعد مناظرته له في الأخوة الثلاثة.
٢- عدم ذكر كثير من المناظرات للأشعري قبل اعتزاله لا يلزم عدم وجودها، فها هي كتبه التي وصلتنا منها أربعة كتب مع أنه كتب نحو ٣٠٠ كتاب.
٣- وهو الأهم، أن الروايات التاريخية التي نقلت عن الأشعري لا يوثق بها لأنها لو قارنتها لرأيتها متضاربة، وسأمثل لك:

  • رواية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم التي حثه لنصرة أهل السنة فيها روايتان متضاربتان، الأولى تحكي أنه كان في قلبه شكوك فنام فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فأزاح عنه الشكوك بتوجيهه لنصرة أهل السنة. والثانية أنه نام فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بنصرة أهل السنة ولم يذكر الشكوك.
    وبرأيي الروايتان لا تصلحان، فلا يليق بإمام في المعقول يترك مذهبه ويؤلف في الرد عليه لرؤية منام لو لم يكن أصلا قد وصل بشكه لمرحلة ترجيح مذهب أهل السنة على أهل الاعتزال.
  • الروايات في تبرئه من الاعتزال على المنبر مختلفة تماما، فما رواه ابن النديم في الفهرست يذكر فيها أنه تبرئه من معتقدات المعتزلة كخلق القرآن والرؤية…، وأما رواية الذهبي فمختلفة فليس فيها ذكر لمعتقدات المعتزلة، وإنما فيها ذكر تكافؤ الأدلة.
  • تنازع المذاهب الفقهية في انتماء الأشعري إليها يريكم بوضوح حجم اختلاف الروايات التي نقلت عن الإمام.
    لذلك لم أثق بالروايات التي نقلت عنه ثقة تامة واجتهدت في كون الإمام كان أقرب لأهل السنة وهو في أحضان المعتزلة، والذي يقوي رأيي أن الأليق بإمام في المعقول أن يكون تركه للاعتزال تدرجا في الشك بمذهب الاعتزال حتى تكافأت عنده الأدلة ثم ترجحت أدلة أهل السنة، فلربما كان معتزلا تقليدا، ولكن عندما وصل للاجتهاد في أصول الدين وهو المعوّل عليه، شك في معتقد الاعتزال وبدأ التدرج في إبطاله معتقدات الاعتزال وذلك من خلال مناظراته للجبائي، فانتهى به الأمر لتكافؤ الأدلة في أصول الاعتزال ثم ترجح له ذلك برؤية منام مع فتوح في الأدلة العقلية فكتب ردوده على المعتزلة وأعلن انسلاخه عنهم بالكلية.
    مع العلم أن أباه كان سنيا وهذا يدلنا أن نشأته كانت سنية، ولذلك كان الشك لا يفارقه في فترة تقليده للمعتزلة.
    والشاك ليس معتقدا كما تعلم دكتورنا.
    والله أعلم.
    =============
    د.حسن الخطاف:

    بوركتم شيخنا أنا آخذها ماتكتبون على محمل الجدل لكن يخشى( بالمبنى للمجهول) أن لاتكون هناك فوائد كثيرة من مناقشاتنا مع بعض مع قيمة الوقت.
    أما ماذكرتم من أخبار الرؤيا فهي متضاربة ولم أدخلها في قضية النقاش. والذي يعنيني أنه كان معتزليا وترك الاعتزال أيا كان السبب.
    أما ترك الاعتزال فكان قطعا قبل سنة 300 وليس بعدها يعني ترك الاعتزال كان قبل وفاة شيخه فكتابه رسالة أهل الثغر كتبه سنة 297 وكان سنيا.
    أما ما قيل عن كثرة الكتب والرسائل من أنها وصلت لثلاثمائة 300 فهو مبالغ فيه فهي لم تتجاوز 100 وإذا أردنا نسف جميع الروايات فعلينا أيضا أن ننسف المناقشات…
    ============

كاتب المنشور
عبدالناصر أحمد حدارة:

دكتورنا، الحديث معكم ذو شجون ولا يمل منه، فكلكم فوائد، لكن حتى لا آخذ من وقتكم كثيرا، أعلق على مسألة واحدة.
رسالة إلى أهل الثغر لم تثبت أنها للأشعري وقيل هي لتلميذه ابن مجاهد شيخ الباقلاني، فيكون نسب تاريخ تأليفها مشكوكا فيه.
ولو سلمنا بأن تاريخ تأليفها كما ذكرت فهذا يعني أنه ترك الاعتزال قبلها بفترة، فكيف يقال إنه بقي على الاعتزال ٤٠ سنة وهو المولود سنة ٢٦٠ أو ٧٠!!
وهذا يدلنا زيادة أن الروايات لا يعول عليها.
لذا تركت لعقلي المجال في تكهن سنية الإمام اعتمادا على ما يقبله العقل وهو الأليق بالإمام.
وبالنهاية هو اجتهاد مني يحتمل الأخذ والرد وقد سبقت له.
بوركتم دكتورنا.
==========
د.حسن الخطاف:

جزيتم خيرا شيخنا.
لاحاجة لإنكارها فأسلوبها متماش مع فكر أبي الحسن وقد ذكرها ابن عساكر في التبيين.
أما عن الترك فأنا أشك بتاريخ الترك.
لكن من أين عرفتم أنه ترك سنة 305؟
بوركتم بوركتم

===========

عبدالناصر أحمد حدارة:

حياكم الله وبياكم دكتورنا الحبيب.
بما أنكم تصرون على نسب الرسالة للإمام الأشعري قطعا، سأورد عليكم اعتراضات، تنفي القطع، وهي:
١-أنت تعلم يا دكتورنا أن هناك من نسب تأليف رسالة إلى أهل الثغر لابن مجاهد كابن عطية في الفهرست وابن خير الإشبيلي والقاضي عياض في ترتيب المدارك.
٢- أن الأشعري في كتاب (العمد في الرؤية) الذي ألفه سنة ٣٢٠ هجري كما ذكر ابن فورك ، ذكر كتبه التي ألفها وهي ٧٠ مؤلفا لم يذكر فيها رسالة إلى أهل الثغر، فلو كان تأليفه كما قلتم سنة ٢٩٧ لذكره.
٣- في مقدمة رسالة إلى أهل الثغر، ذكر فيها المؤلف أمرين يدلان على أن الرسالة ليست للأشعري، وهما:
أ- قال( لقد وقفت على ما ذكرتموه في كتابكم الوارد عليّ بمدينة السلام) ومدينة السلام هي بغداد، والأشعري كان بالبصرة.
ب-قال(ووقفت أيدكم الله على ما ذكرتموه من أحمادكم جوابي عن المسائل التي كنتم أنفذتموها إليّ في العام الماضي، وهو سنة سبع وستين ومائتين…) فالمؤلف هنا يذكر أنه سنة ٢٦٧ كان العام الماضي قبل تأليف رسالة إلى أهل الثغر يعني أنه ألفها سنة ٢٦٨ يعني كان عمر الأشعري ٨ سنوات!! وفق تاريخ مولده ٢٦٠ أو لم يولد بعد وفق مولده ٢٧٠.
فهل يعقل أن يؤلف هذه الرسالة في عمر الثمانية يعني قبل أن يكون معتزليا أصلا. وهذا يضعف جزمك بأن تأليف الرسالة كان سنة ٢٩٧هجري.
وأما نمط التأليف أنه على طريقة الأشعري فأخالفكم في ذلك ، ذلك أن نمط الأشعري في التأليف لا يعرف تماما ، فالرسالة ليست على نمط اللمع الكلامي، ولا على نمط الإبانة الحديثي، هي بينهما. فلا يصلح للقطع بالاستدلال أنها من تأليفه.
وأما ذكر ابن عساكر لها، فلعله قصد كتابا آخر.
عمدة من اعتمد على نسبة الرسالة للأشعري هو ابن تيمية وابن القيم. ونسبة المخالف يشك فيه. والله أعلم.
وأما شكه وتحيره وهو مع المعتزلة فيدل عليه ما نقله ابن عساكر عن أحمد بن الحسين المتكلّم أنّه قال : سمعت بعض أصحابنا يقول : إنّ الشيخ أبا الحسن رحمه الله لما تبحّر في كلام الاعتزال وبلغ غايته ، كان يورد الأسئلة على أُستاذه في الدرس ولا يجد جواباً شافياً ، فيتحيّر في ذلك.
وأما تاريخ انتقال الأشعري عن الاعتزال أنه كان سنة ٣٠٥ وجدتها في مقالات كثيرة منها مقال لباحث يدعى د. عدنان عويّد. ولم أجد تاريخا آخر عند غيره. فإن كان عندكم ما يثبت أو ينفي غير رسالة إلى أهل الثغر فأفيدوني بها تكرما منكم.
بوركتم.

======

د.حسن الخطاف:

في الحقيقة عندي ردود على ماذكرتم وأخشى أن يستمر الأمر من غير ثمرة تذكر لأننا ننتقل من مسألة إلى مسألة. ولذا دعنا نعود إلى أصل منشوركم الذي ركز على نقطتين الأولى أنه لم يكن معتزليا بشكل كامل وهذا يتعارض مع كل التراجم لأبي الحسن رحمه الله الذين نسبوه للاعتزال بل قال البعض منهم بلغ مبلغا عاليا والبعض قال كان ينيبه عنه… ولا أعلم أن له شيخا آخر معتبرا غير الجبائي في الكلام مع طول بحثي، فمن هم شيوخه في الكلام؟ والساحة كانت للمعتزلة ؟وماذكر من اعتراضات لاترقى لمستوى الظن فيما . والثانية أن الأصل في إطلاق الأسماء والصفات هو الإذن الشرعي وهذا صحيح تنظيرا لكنه منقوض واقعا بوجود صفات/ أسماء أطلقت على الله من غير إذن بمعنى عدم وجود نص على ذات اللفظة ومن ذلك القديم، والأمر يحتاج منكم إلى إثبات الإذن من الشرع بالتنصيص وليس بالمعنى ولذا فإن المعيار هو جواز إطلاق الأسماء على الله مالم يكن المعنى الذي يفهم منه محالا.

ولا أدري ما الثمرة العملية لبتر جذوره عن المعتزلة؟

أنا أكتفي بهذا شاكرا لكم طول صبركم وحسن عباراتكم

===========

عبدالناصر أحمد حدارة:

أنتم اليوم قد أسعدتمونا بنقاشكم الممتع الجميل.
ردي:
عن الأول: العبد الفقير لا يخالف ما قاله العلماء في أن الأشعري كان مع المعتزلة فهذا ثابت، ولا أنه تبرأ منهم على المنبر وهذا كذلك ثابت.
أخالف في جزئية أنه لم يكن معتقدا أصول الاعتزال عند نضجه الكلامي وهو مع المعتزلة بل كان شاكا متحيرا، وهذا ما ذكره ابن عساكر فيما نقلته لكم.
وكونه كان رأسا في الاعتزال إن ثبتت الروايات فلا يلزم أنه كان معتقدا معتقدهم وإنما يحتمل أنه كان متمكنا في علم الكلام المعتزلي مع تحير وشك في المعتقد، وخاصة أن الذي أورد أنه كان رأسا في الاعتزال هو الذي أورد أنه كان متحيرا، وهو ابن عساكر، والجمع ممكن أنه كان رأسا في الكلام الاعتزالي متمكنا منه مع شكه وتحيره بأصول المعتزلة.
وترجيحي هذا أليق بالإمام المتكلم البارع في الكلام أن يتدرج في ترك ما كان يقلده من شك فيه ثم نقض بعض مسائله بالمناظرات ثم التوقف في بعض المسائل لتكافؤ الأدلة وهي ثلاث مسائل كما ذكرها السبكي وابن النديم، ثم ترجيح مذهب أهل السنة.
لا أن يتحول بين ليلة وضحاها من رأس في الاعتزال إلى رأس في التسنن!!.
أصلا هذا فيه ضرب للعقل وأدلته ولا يليق بعقل الأشعري أن يكون معتقدا يقينا ثم ينقلب إلى اعتقاد آخر يقينا بين ليلة وضحاها!!
عن الثاني: يا دكتورنا، العبد الفقير قال لك بأن اسم الله القديم لم يثبته الأشعري لأن مورده الاشتقاق وإنما لأنه وقع عليه الإجماع. ومذهب الأشعري الذي نحن عليه قد صرح به بقوله [لا يجوز تسمية الله إلا بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة أو الإجماع].
والعبد الفقير لم أقل إن إثبات القديم لأنه يحمل معنى اسم الأول، وإنما لأن اسم القديم له أصل، فقد ورد في نصين أحدهما لم يثبت والثاني ليس صريحا وهو[أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم]، فقالوا إن كان سلطانه قديما فهو قديم ووقع الإجماع على ذلك.
فلا مورد للاشتقاق عند الأشعري أصلا.
نعم القاضي أبو بكر من الأشاعرة قال (كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه بلا توقيف إذ لم يكن إطلاقه موهما لما لا يليق بكبريائه).
ولكن ذلك ليس هو مذهب المعتزلة.
أغنيتم منشوري بمشاركاتكم.
بوركتم.

السابق
الأشعري في مناظرته للجبائي:.. لِأَن طريقى فى مَأْخَذ أَسمَاء الله الْإِذْن الشرعى دون الْقيَاس اللغوى فأطلقت حكيما لِأَن الشَّرْع أطلقهُ ومنعت عَاقِلا لَان الشَّرْع مَنعه
التالي
كلُّ القُلوبِ إلىَ الحبيبِ تَمِيْلُ وَمعَيِ بِهـَذَا شـَـاهدٌ وَدَلِيِــــلُ