سألني أحد الإخوة التونسيين على الخاص فقال إنه يدرس دراسات عليا وليس عنده وقت لصلاة الجمعة بسبب أن مؤسسات التعليم في تونس لا تراعي وقت الصلوات… ثم قال: “ماذا أفعل…. ما هو الحل…لا أدخل للدراسة”.اهـ.
هكذا قال… وأنا حقيقة استغربت من هذا الواقع المؤسف…. لأن هذا ربما كان مفهوما زمن الطاغية بن علي …. ولكن لِم لم تغير حكومة النهضة هذا الواقع ؟!!!يعني في تركيا مع أن العطلة الرسمية تكون يومي السبت والأحد إلا أنهم يعطون ساعة للموظفين يوميا عند الظهر كاستراحة يفعل فيها الموظفون ما شاؤوا ومن ذلك أداء صلاة الظهر أو الجمعة….. مع أن تركيا كانت مثل تونس في عهد بن علي…. علمانية مغالية …. ولكن اعتدل الوضع الآن في عهد أردوغان … فكان المفروض على حكومة النهضة أن تغير الوضع قليلا …. على كلٍ إخواننا التوانسة هم أعلم بشأنهم فيمكن أن يفيدوننا بواقع الأمر عندهم وكيف يؤدي الموظفون والطلاب صلاة الجمعة في ظل هذا الواقع المؤسف .ولكن إذا كان لا بد لي من الإفتاء ثمة …. فأنا أورد ما جاء في موقع إسلام ويب جوابا على سؤال امرأة عن زوجها وأنه لا يتمكن من الصلاة في وقت العمل في إحدى الدول الأوربية …. فكان من جملة ما أجاب الموقع بعد تأكيده على وجوب صلاة الجمعة في المسجد: ‘‘‘‘‘ فعلى زوجك أن يطلب من صاحب العمل أو المراقب عليه وقتا لصلاة الجمعة؛ فإن لم يستجيبا ويأذنا له، فإنه يكون بعد ذلك معذورا في التخلف عن الجمعة….
قال العلامة قليوبي وهو شافعي أثناء تعداده للأعذار في التخلف عن الجمعة قال: ومنه إجارة العين لمن لم يأذن له المستأجر، أو لزم فساد عمله. انتهى. وقال صاحب الروض عند ذكره لتلك الأعذار: ويعذر بتركهما خائف من ضياع ماله، أو فواته، أو ضرر فيه كمن يخاف على ماله من لص ونحوه، أو له خبز في تنور يخاف عليه فساداً، أو له ضالة، أو آبق يرجو وجوده إذا أو يخاف فوته إن تركه ولو مستأجرا لحفظ بستان أو مال، أو ينضر في معيشة يحتاجها. انتهى.
قال النجدي في حاشيته على الروض معلقاً على الجملة الأخيرة: (ينضر في معيشة… إلخ): بأن عاقه حضور جمعة أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته، كما لو كانت أجرته بقدر كفايته، أو هو وعياله، أو ثمنه، أو تحصيل تملك مال يحتاج إليه. انتهى. وعلى المسلم بذل جميع الأسباب لإرضاء ربه وامتثال أمره، وأعظم أمره سبحانه وتعالى الصلاة؛ فإنها عماد الدين. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}.’’’’’كذا في: http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa…والله أعلم.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: زَمَنُ الطَّهَارَةِ والصلاة الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً وَالرَّاتِبَةِ مُسْتَثْنًى في الْإِجَارَةِ لِعَمَلِ مُدَّةٍ فَلَا تَنْقُصُ من الْأُجْرَةِ شَيئا، قال الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ من الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فيه عِنْدَ بُعْدِهِ عنه فَإِنْ كان بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا، وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مع إتْمَامِهَا، ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ من الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لم يَخْشَ على عَمَلِهِ الْفَسَادَ وهو ظاهر. انتهى.
وبالنسبة لجمع الصلوات لأجل ضرورة العمل ، فقد جاء في حديث مسلم عن بن عباس قال * جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. في حديث وكيع قال قلت لابن عباس لم فعل ذلك قال كي لا يحرج أمته . وقد ذكر النووي فيه عدة تأويلات للعلماء منها أن ذلك الجمع لعذر المطر ، “ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها”، ثم أبطل النووي كليهما ثم قال كما في في «شرح النووي على مسلم» (5/ 219): ومنهم من قال هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث ولفعل بن عباس وموافقة أبي هريرة ولأن المشقة فيه أشد من المطر وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وهو قول بن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث واختاره بن المنذر ويؤيده ظاهر قول بن عباس أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم.اهـ
والخلاصة من كل ما سبق أن المكلف ينبغي عليه المحافظة على الصلوات في أوقاتها وعلى الجمعة والجماعات ولكن له رخصة في جمع تلك الصلوات وفي ترك الجمعة، وفي ترك الجماعات من باب أولى، وذلك لضرورة العمل بأن كان سيُفصل من عمله ولا يجد سواه أو كان سيتضرر فيه كما قد يكون حال كثير من الجاليات الإسلامية في الغرب أو الشرق، كما يستفاد ذلك من نصوص بعض الفقهاء السابقة على خلاف وتفصيل في ذلك. والله أعلم
وانظر أصل المنشور على الفيس:
https://www.facebook.com/groups/1021851217907292/permalink/1242217265870685