تعقيب الأخ الفاضل محمد أكرم أبو غوش على مقال: “الفكر الأشعري في غرفة الإنعاش” لطارق الحمودي!!
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
هناك عبارة لابن تيمية يقول فيها إن طريقة الفلاسفة في الطبيعيات أقرب إلى الحق من طريقة المتكلمين، فتشبّث أتباع ابن تيمية بكلامه هذا وصاروا يحاولون الطعن في مذهب المتكلمين -ومنهم الأشعرية رضي الله عنهم- حتى في الطبيعيات…!
وقد وقفت على هذا المقال للأخ طارق الحمودي له على الفيسبوك نقطه موقع “طريق الإسلام” معجبا به!
http://ar.islamway.net/…/39745/الفكر-الأشعري-في-غرفة-الإنعاش
ووجدت أن صاحبه لا علم له بحقيقة قول المتكلمين رأسا. ولو كان قد قرأ للمتكلمين لعرف كم كان نظرهم عميقا.
ااااااااااااااااااااااااااااااا
فيقول صاحب المقال: “المغامرة أن فكرًا بأكمله يبنى على نظرية طبيعية اكتشف اليوم أنها لم تكن صحيحة”.
أقول: لا أدري من الجاهل أو الكاذب الذي قال له إن مذهب الأشعرية بأكمله منبن على إثبات الجوهر الفرد والخلاء وغيرهما؟!
بل إن المذهب بكله يمكن أن يبنى مع عدم القول بهما رأسا، ولا حاجة إلى إثباتهما رأسا!
ولذلك فقد توقف بعض العلماء في إثبات الجوهر الفرد، وهذه كتب الأشعرية المتأخرين في أغلبها لا تبني على إثبات الجوهر الفرد!
فحقا هذه كذبة جاهلية على مذهب الأشعرية!
ااااااااااااااااااااااااااااا
يقول صاحبنا: “ومن ذلك مثلاً أن الأشاعرة يقولون: “إن من خصائص الجوهر الفرد التحيز”، واليوم نتحدث عن جزيئات لا حيز لها، وهي عبارة عن طاقة كالفوتونات”.
أقول: من يفهم مفهوم التّحيّز يفهم أن الفوتونات متحيّزة!!!
فإنها جزئيات تنتقل في الفضاء من نقطة إلى نقطة على شكل موجات، فهي على تعريف المتكلمين أجسام، فإن الجسم ما له امتداد في الفراغ، والموجة لها امتداد في الفراغ، فالفوتونات على تعريف المتكلمين أجسام!
وليس تعريف المتكلمين للجسم متضمنا لكونه ذا كتلة أصلا، بل تعريفهم له بأنه المتألف من جوهرين أو أكثر.
وبعضهم قال إن الكتلة ذاتية للجوهر -ولا أظن أن أخانا طارقا ولا أغلب هؤلاء سيعرف لمن هذا القول! وعلى كل حال ليس هو ببطال تماما بناء على تقدير معيّن دون مرحلة الجسيمات المكتشفة إلى الآن-.
إذن: ليس هذا القول بناقض القول المشهور للمتكلمين لا من قريب ولا من بعيد!
اااااااااااااااااااااااااااااااااا
ثمّ يقول صاحبنا الأخ طارق: “ومما اعتقده الأشاعرة -ولا يزالون-: “أن الجواهر كلها متماثلة”، وهذا خطأ فقد اكتشف العلماء اليوم (18 جزيئًا)، بدءًا بالإلكترون…”.
أقول: أريد أن أفهم كيف يجعل هذا الأخ تكثر أنواع هذه الجزئيات دليلاً على بطلان قول من يقول إن الجواهر كلها متماثلة!!
فالمتكلمون القائلون إن الجواهر متماثلة يقصدون الجواهر الفردة، لا غيرها.
فمن قال له إن المتكلمين يقصدون بالجوهر الفرد الإلكترون والكوارك وغيرهما؟!
أريد أن أعرف إن كان قد وقف على قول أحدههم من المتقدمين أو المتأخرين بذلك!!؟
ولا أدري إن كان الأخ طارق واثقا من نفسه بأن الإلكترون والكوارك وغيرهما حقا أجزاء لا تتجزّأ، حتى يلزم الأشعرية بأن الجواهر غير متماثلة!
لكن كان يجب على الأخ طارق أن يكون فاهما لما يقول، فقوله هذا متضمن للقول بالأجزاء التي لا تتجزّأ!! فهو إقرار بقول المتكلمين بالجواهرة الفردة!؟ مع أن الأصل أن يكون منكرا لهذا!
فقوله هذا قول بأن قول المتكلمين صحيح لا باطل في أمر أساس أثبتوه وخالفوا فيه الفلاسفة، فكيف يكون منهجهم “في غرفة الإنعاش”؟!
لكن الحق أن هذه الجزئيات ليست مصدّقات لمفهوم الجوهر الفرد، فنحن نقول إن هذه الجزيئات كذلك مركّبة، بأدلة عدّة.
اااااااااااااااااااااااااا
يقول الأخ طارق: “بل قد تغير مفهوم الزمان والمكان اليوم، وصرنا نتحدث عن الحركات النسبية غير المطلقة والزمن الفيزيائي، والحقيقي”.
أقول: الحق أن فهم المتكلمين للزمان والمكان يكاد يكون هو الأقرب لما وصلت إليه الفيزياء الحديثة جدا!
فالمتكلمون قالوا إن الزمان والمكان أمران اعتباريان ذهنيان محايثان للمادة، فمن غير مادّة لا زمان ولا مكان.
وفي فيزياء آينشتين ثبت أن الزمان والمكان محايثان للمادة لا مطلقان. وستيفن هوكنج الفيزيائي المشهور قد صرّح بأن الزمان أمر اعتباريّ ذهني!!
وكذلك فإن المشهور في الفيزياء الحديثة أن الكون قد بدأ لا في زمان ولا في مكان، بل إن الزمان والمكان كليهما قد بدءا مع بداية الكون.
وهذا عينه قول المتكلمين!!
فانظر مثلا في إلزام الإمام الغزالي رضي الله عنه للفلاسفة بأنهم إذ أقروا بأن الكون لا “خارج” له -لأن المكان محدود بحدود الكون وليس بعدا ممتدا لا إلى نهاية- فلا يمتنع القول إن العالم لا “قبل” له في الزمان”.
أما نسبية الزمان فأذكر أن بعض العلماء المتقدمين قد ذكرها في تصحيح القول بعذاب القبر -عافانا الله أجمعين-…
فهناك إيراد بأن أحدهم يموت قبل القيامة بألف سنة وآخر قبل القيامة بيوم، فعذاب هذا أكثر من هذا. فمما أجيب به بأنه سيمر على كل منهما الزمان عينه، بغض النظر عن زماننا نحن. للأسف لا أذكر أين هذا أو من قاله.
ولو لم يقل المتكلمون بنسبية الزمان والمكان أصلا فهذا ليس بمبطل لقولهم! فالنقص ليس بطلانا، لكن قولهم باعتبارية الزمان والمكان يصحح النسبية.
ااااااااااااااااااااا
يقول صاحبنا: ” يتحدثون اليوم عن تحول من كتلة إلى طاقة، والأشاعرة لا يزالون على فكرة التجزيء، ففكرة التجزء شكل من أشكال الطبيعة الفيزيائية للأجسام وليست الشكل الوحيد”.
أقول: بل القول بالتجزّؤ إلى أجزاء لا تتجزأ هو المقرر في الفيزياء الحديثة! والقول بتحول الكتلة إلى طاقة والعكس ليس بمانع له!
بل الأقرب جدا أنه مصحح له لا مبطل!
فإنه قد ثبت فيزيائيا أن الطاقة تنتقل على شكل كمات لا تتجزأ، فتحولها إلى جزئيات كتليّة يوجب كون هذه الجزيئات أجزاء لا تتجزأ!
تنبيه: الذي وصلت إليه الفيزياء الحديثة التجزّؤ إلى أجزاء لا تتجزأ، لكن هذا في الواقع المدرك إلى الآن، فربما تكون هذه مما يتجزأ -بل بعضها متجزء بالفعل-، وما يثبت المتلكمون دون ذلك.
أي: إننا قد نصل في الفيزياء الحديثة إلى إثبات أجزاء لا تتجزأ، ويثبت ذلك تماما. لكن هذا لا يعني أن هذه الأجزاء يمتنع تجزئتها عقلا، بل يمكن ءن تكون مركبة من أجزاء لم نقدر بعد على إدراكها. وهذا لا ينقض قول المتكلمين لمن يفهمه.
وفيما يتعلق بالتجزؤ سنجد أمرا في غاية العجب من المتكلمين، تُرفع له القبعة!
فإنا نجد للإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى ورضي عنه بحثا في كون الزمان والمسافة منقسمين إلى أجزاء لا تتجزأ! كما في كتاب الأربعين وغيره، فيثبت ذلك بطريقة عبقريّة.
وفي الفيزياء المعاصرة في ميكانيكا الكمّ نجد أن بعض الفيزيائيين قد فرضوا للزمان والمكان أجزاء لا تتجزأ، وأقل جزء لا يتجزأ من المكان سموه مكان بلانك، وفي الزمان ما يُسمّى زمان بلانك!
وقد بنى على ذلك الفيزيائي جون ويلر قولا ما ليس بشيء. وقال قريبا منه الفيزيائي لي سمولن.
ملحوظة: مع قولنا إن الزمان اعتباري لنا أن نقول إنه من أجزاء لا تتجزأ، فحتى ما هو اعتباري يمكن أن يكون كمّا. فلا تناقض هاهنا لمن يفهم ما الكلام عليه.
اااااااااااااااااااااا
قول الأخ طارق:
“ومثل هذا حديثهم عن الخلاء، فالعلم اليوم ينفي وجود فراغ أو خلاء، فما يعتقده الأشاعرة خلاء هو نفسه مجال لمادة طاقية”.
أقول: الحق أن قول المتكلمين بالخلاء هو الحقّ!!
فإن للكون كثافة تقلّ باستمرار مع تمدد الكون، ولا ينكر هذا إلا القائل بنظرية الحالة المستقرة “steady state”، وهذه قد أتى على إبطالها أمور عدّة!
فقلة كثافة الكون صحيجة قطعا، ما يعني قلة المادة في الحجم، ما يعني زيادة الحجم الفارغ فراغا تاما.
فمادة الكون “كتلته وطاقته” محدودة، وحجمه يزداد.
وما يُسمّى طاقة الفراغ ليس إلا باختلال الضغط لحصول الفراغ، فهو مثبت للخلاء لمن يفهم في الفيزياء.
ا.اا.ا.ا.اا.ا.ا..ا.ا.ا.ا.اا.ا.اا.ا.اا.ا.ا.ا.ا.ا..ا.ا.ا.ا.ا.ا..ا.ا..ا..ا.
الحاصل: للأسف الشديد هناك من الناس من يرد على خصمه فيما لا يفهم، فقط لأنه خصمه!
ونحن نجد أن أغلب إخوتنا التيمية هكذا، يخوضون فيما لا يفهمون، ويتعلقون بظواهر من غير فهم للحقائق.
فيا ليتهم يعلو نقاشهم عن اسطحية والمشاغبات -التي يبدو أنها صارت جزءا ا يتجزأ من تفكير كل منهم “built in”!!!
ولكم يكون جميلا أن تجد خصما عاقلا فاهما منصفا!
وفقنا الله تعالى أجمعين لرضاه ولما فيه خيرنا والمسلمين.
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/753690941411597/