بل أنت أين ستهرب مني .. ها أنا أتيتك .. وإن كنت رجلا فواجهني.
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/5532751730172137/
“مشكلتك أنك علقت مع أناس لا يقولون بقول إلا ولهم سلف” .. كذا قال لي شيخ الإسلام Osman Al Makki دام ظله!! حين استنكرت قوله بأن قراءة القرآن في المولد أشد إثما من القتل والزنا واللواط وشرب الخمر والميسر!!!!
فأصر على قوله!!! بل راح يزعم أن هذا مذهب السلف!!
ولذا قال لي: وجّه إعتراضك للإمام سعيد بن جبير رحمه الله تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما، لأن سعيد بن جبير رضي الله عنه يقول: لأن يصحب ابني فاسقا شاطرا يعني يقطع الطريق سنيا أحب إلي من أن يصحب عابدا مبتدعا.اهـ
فأقول بالله التوفيق : أولا: هذا القول لسعيد لم أجده مسندا، وإنما ذكره بعض متأخري الحنابلة[1] دون إسناد، وسترون أن ما صح عن سعيد بن جبير، وهو مثلا تفسيره للكرسي بالعلم كما ذكره عنه البخاري في صحيحه معلقا، لم يأخذ به الوهابية أصلا!! بل غلّطوه فيه وجعلوه من أقوال الجهمية كما سيأتي!!! فتأمل كيف يأخذون بما لا يصح عنه ويتركون ما صح عنه!!!
واحتج الأخ عثمان أيضا بأثرآخر لأحد السلف يقول لابنه “: يا بني أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر؛ ولإن تلقى الله عز وجل بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو “[2].
قال وليد ـ وفقه الله وإياكم ـ : وسنده لا يفرح به لأن فيه رجلا اسمه خويل وهو ختن شعبة، وهو مستور ليس فيه جرح ولا تعديل[3].
أي أن كلا الأثرين لم يصحا أصلا !!
حتى لو صحا فأين فيهما أن قراءة القرآن قد تكون في بعض الأحوال والمناسبات ـ المبتدعة على قولكم ـ أشد إثما من الزنا والقتل والخمر كما تزعم !!!!
حتى إن صحا ودلّا على ذلك، فلا حجة فيهما؛ لأنهما معارِضان لعشرات الآيات والأحاديث الصحيحة التي تحض على قراءة القرآن مطلقا وتعد بالثواب العظيم على ذلك ولم تستثن من ذلك الثواب قراءةَ القرآن في مناسبة دون أخرى إلا ما نهي عنه، كالنهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود[4].
وما سوى ذلك فالنصوص تحض على قراءة القرآن مطلقا، من ذلك قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ(29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29، 30]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث الشيخين ” « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ “
فيا عجبا كيف صار عندك قارئ القرآن أشد إثما من اللواط والخمر والقتل لمجرد أنه قرأه شكرا لله على ولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. يا الله كم يفعل الحقد الأسود والتعصب الأعمى والجهل المركب بصاحبه ما لا يفعله عدوه به!!
ويقول عليه الصلاة والسلام :«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة في فضل قراءة القرآن مطلقا[5]، فكيف تترك كل هذه النصوص لقول زيد أو عبيد من السلف أو الخلف؟!
أقول لك يا أخ عثمان: قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول لي: قال فلان وفلان؟!! ألستم دائما ترددون قول ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر؟»[6]؟!!
هذا لو كان القائل أبو بكر وعمر فما بالك بما دونهما ؟! وهذا إن صح السند عنهما أو عمن دونهما، ودلّ على زعمك، كيف ولم يصح ولم يدل كما سبق؟!!
ألستم ترددون قول ابن القيم:
«العلم قال الله قال رسوله … قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة … بين النصوص وبين رأي سفيه
كلا! ولا نصب الخلاف جهالة … بين الرسول وبين رأي فقيه»[7]
ثانيا: ليس في تلك الآثار ـ إن صحت ـ سوى التنفير من المبتدع، والمبتدع هو من يأتي بالبدعة، والبدعة عند السلف ليست بالمفهوم المضحك المضطرب عند الوهابية وهو أن مجرد تخصيص طاعة مطلقة بزمن أو مكان أو هيئة فهو بدعة منكرة عند الوهابية!!
إذن لكان كثير الصحابة والتابعين وأتباعهم مبتدعة لنفس السبب، حاشاهم!! ولذا فقد أبطلتُ المفهوم المغلوط للبدعة عند الوهابية، ونقضته بأحاديث عديدة وبأمثلة كثيرة جدا عن السلف تبين مخالفة الوهابية للسلف في مفهوم البدعة.
وكل ذلك بسطته في رسالتي للدكتوراة، ونشرت بعضه[8]، وسجلت بعض التسجيلات في ذلك فلتراجع هناك[9]، وسنأتي على تفصيل بعضها إن شاء الله لأري الأخ عثمان البون الشاسع بين مفهوم السلف والسلفية الوهابية للبدعة.
وثالثة الأثافي أن الأخ عثمان احتج بقصة إنكار الإمام أحمد على الإمام المحاسبي ـ رحم الله الجميع ـ … انتظره
———
[1] قال عبد الباقي البعلي في «العين والأثر في عقائد أهل الأثر» (ص7):
«وقال سعيد بن جبير: “لأن يصحب ابني فاسقًا، شاطرًا، سُنِّيًّا، أحب إليَّ من أن يصحب عابدًا مبتدعًا”»
[2] «الشريعة للآجري» (5/ 2551):«2061 – حدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال: حدثنا سعيد بن عامر ، عن حرب بن ميمون ، عن خويل قال: كنت عند يونس بن عبيد فأتاه رجل فقال: تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد وهذا ابنك عنده؛ قال: فلم يلبث أن جاء ابنه فقال: يا بني قد عرفت رأيي في عمرو وتأتيه قال: فقال: ذهبت مع فلان ، فقال: يا بني أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر؛ ولإن تلقى الله عز وجل بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو».
وانظره أيضا في «الضعفاء الكبير للعقيلي» (3/ 285)، «مسند ابن الجعد» (ص203)، «الإبانة الكبرى – ابن بطة» (2/ 466)، «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء – ط السعادة» (3/ 21)، «تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية» (12/ 170)، «سير أعلام النبلاء – ط الرسالة» (6/ 294).
[3] جاء في حاشية «شعب الإيمان» (10/ 500 ط الرشد): «إسناده: فيه مستور. • خويل أبو عبد الله. ذكره الدولابي في “الكنى” (2/ 55) ولم يذكر له جرحا ولا تعديلا، وكذا ذكره المزي في “تهذيب الكمال” في ترجمة بشر بن الوضاح فيمن يروي عنه»
[4] جاء في حديث عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال:نَهاني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن قِراءةِ القُرآنِ وأنا راكعٌ أو ساجدٌ )) أخرجه مسلم
[5] انظر: فضل قراءة القرآن
http://www.saaid.net/Minute/629.htm
[6] «مجموع الفتاوى» (20/ 251، «أعلام الموقعين عن رب العالمين» (3/ 105 ط عطاءات العلم)، «مجموع فتاوى ورسائل العثيمين» (7/ 361)، «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (4/ 232)
[7] «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (2/ 149 ت مشهور)، وتتمته:
كلا! ولا رد النصوص تعمدا … حذرا من التجسيم والتشبيه
حاشا النصوص من الذي رميت به … من فرقة التعطيل والتمويه
وانظر: «موسوعة الألباني في العقيدة» (6/ 152)
[8] انظر سلسلتي: “حسن المقالة في حديث كل بدعة ضلالة”
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/414892401958121/
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/727578530689505/
https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/410819002365461/