تنزيه الله عن المكان والجهة والحيز

السماء قبلة الدعاء وليست مكان لله تعالى الله عما يقول الكافرون (منقول)

السماء قبلة الدعاء وليست مكان لله تعالى الله عما يقول الكافرون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ،
نذكر في هذا الفصل بعض من قال من أهل العلم إن السماء هي قِبْلة للدعاء وليست مكانًا ومسكنًا لله تعالى. فاللهُ مَوْجُودٌ بِلاَ كَيْفٍ وَلاَ مَكَان ولايجري عليه زمان :
1 – قال إمام أهل السنة أبو منصور الماتريدي (333هجري) ما نصه[كتاب التوحيد (ص/ 75 – 76)]: “وأما رفع الأيدي إلى السماء فعلى العبادة، ولله أن يَتعبَّد عبادَه بما شاء، ويوجههم إلى حيث شاء، وإن ظَنَّ من يظن أن رفع الأبصار إلى السماء لأن الله من ذلك الوجه إنما هو كظن من يزعم أنه إلى جهة أسفل الأرض بما يضع عليها وجهه متوجهًا في الصلاة ونحوها، وكظن من يزعم أنه في شرق الأرض وغربها بما يتوجه إلى ذلك في الصلاة، أو نحو مكة لخروجه إلى الحج” انتهى ثم ذكر تنـزيه الله عن الجهة.
2 – وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي ما نصه[إتحاف السادة المتقين (5/ 34 – 35)]: “فإن قيل : إذا كان الحقُّ سبحانه ليس في جهةٍ، فما معنى رفع الأيدي بالدعاء نحو السماء ؟. فالجواب : من وجهين ذكرهما الطُّرْطُوشي[هو الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الأندلسي الطرطوشي المالكي (520 هجري)]:
– أحدهما : أنه محلُّ التعبُّد، كاستقبالِ الكعبةِ في الصلاة، وإلصاق الجبهةِ بالأرضِ في السجود، مع تنـزُّهه سبحانه عن محلِّ البيت ومحلِّ السجود، فكأنَّ السماءَ قبلةُ الدعاء.
– وثانيهما : أنها لما كانَتْ مهبِط الرزقِ والوحيِ وموضعَ الرحمةِ والبركةِ، على معنى أن المطرَ يَنـزِلُ منها إلى الأرضِ فيخرج نباتًا، وهي مَسكنُ الملإ الأعلى، فإذا قَضَى اللهُ أمرًا ألقاه إليهم، فيُلقونه إلى أهلِ الأرض، وكذلك الأعمال تُرفَع، وفيها غيرُ واحد من الأنبياء، وفيها الجنةُ -وهي فوق السماء السابعة – التي هي غايةُ الأماني، فلما كانت مَعْدِنًا لهذه الأمور العِظام ومَعرِفةَ القضاءِ والقَدَر، تَصرَّفَت الهِممُ إليها، وتوفَّرَت الدواعي عليها” انتهى.
3 – وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الأشعري (852هجري) ما نصه[فتح الباري (2/ 233)]: “السماء قِبْلة الدعاء كما أن الكعبة قِبْلة الصلاة” انتهى.
4 – وقال الشيخ مُلاّ علي القاري الحنفي (1014هجري) في كتابه “شرح الفقه الأكبر” ما نصه[شرح الفقه الأكبر: (بعد أن انتهى من شرح المتن ص/ 199)]: “السماء قِبْلة الدعاء بمعنى أنها محل نزول الرحمة التي هي سبب أنواع النعمة، وهو مُوجِب دفع أصناف النقمة… وذكر الشيخ أبو معين النسفي إمام هذا الفن في “التمهيد” له من أن المحقّقين قرّروا أن رفع الأيدي إلى السماء في حال الدعاء تعبّد محض” انتهى.
5 – وقال العلّامة البَياضي الحنفي (1098هجري) في كتابه “إشارات المرام” ما نصه[إشارات المرام (ص/ 198)]: “رفع الأيدي عند الدعاء إلى جهة السماء ليس لكونه تعالى فوق السمَوات العُلى بل لكونها قِبلة الدعاء، إذ منها يتوقع الخيرات ويستنـزل البركات لقوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ [سورة الذاريات] مع الإشارة إلى اتصافه تعالى بنعوت الجلال وصفات الكبرياء، وكونه تعالى فوق عباده بالقهر والاستيلاء” انتهى.
6 – وقال الحافظ الفقيه اللُّغوي السيد محمد مرتضى الزَّبِيدي الحنفي (1205هجري) ما نصه[إتحاف السادة المتقين (2/ 25)]: “وإنما اختُصَّت السماء برفع الأيدي إليها عند الدعاء لأنها جُعِلَت قِبْلة الأدعية كما أن الكعبة جُعِلَت قِبْلة للمصلي يستقبلها في الصلاة، ولا يقال إن الله تعالى في جهة الكعبة” انتهى.
7 – وقال أيضًا[المصدر السابق (2/ 104)]: “فأما رفع الأيدي عند السؤال والدعاء إلى جهة السماء فهو لأنها قِبلة الدعاء كما أن البيت قِبلة الصلاة يُسْتقبَل بالصدر والوجه، والمعبودُ بالصلاة والمقصودُ بالدعاء – وهو الله تعالى – منـزه عن الحلول بالبيت والسماء؛ وقد أشار النسفي أيضًا فقال : ورفع الأيدي والوجوه عند الدعاء تعبُّد محض كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة، فالسماء قِبْلة الدعاء كالبيت قِبْلة الصلاة” انتهى.
8 – قال العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري في كتابه “إظهار العقيدة السُنيَّة” ما نصه[إظهار العقيدة السنية (ص/ 128)]: “ورفعُ الأيدي والوجوه إلى السماء عند الدعاء تعبُّدٌ مَحْضٌ كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة، فالسماء قِبْلة الدعاء كالبيت الذي هو قِبْلة الصلاة” انتهى.
9-وكذلك ذكر ذلك الامام النووي في شرحه على صحيح مسلم شارحا حديث الجاريه
فقال ؛:وهو الذي اذا دعاه الداعي استقبل السماء كما اذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين
10-وكذلك ذكره القرطبي في تفسيره لقوله تعالى ((أأمنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي تمور))
فقال :ومعناه أنه مديرها ومالكها ؛ كما يقال : فلان على العراق والحجاز ؛ أي وإليها وأميرها. والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة ، مشيرة إلى العلو ؛ لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند. والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت. ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي ، ومنزل القطر ، ومحل القدس ، ومعدن المطهرين من الملائكة ، وإليها ترفع أعمال العباد ، وفوقها عرشه وجنته ؛ كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة ، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها ، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان. ولا مكان له ولا زمان. وهو الآن على ما عليه كان.

السابق
أبو بكر ابن العربي: إنّ اللهَ سبحانه مُنَزَّةٌ عن الحركة والانتقال؛ لأنّه لا يَحْوِيهِ مكانٌ، كما لا يشتمل عليه زمانٌ… وقد وردَ وراءَ هذا الحديث أحاديث وآيات مشكلات، وإن قد خُضْنَا معهم في البَيَانِ، رأينا أنّ نعطفَ عليها العَنَانَ، بالإشارَةِ إلى التّحقيق والتِّبيان، حتّى لا يمرَّ القلبُ بها عليلًا، أو يكونَ ما يراه منها عنده مبهمًا مجهولًا ( هام جدا في بيان الآيات والأحاديث المتشابهة وتأويلها ورفع الإشكال عنها نصا نصا)
التالي
من مغالطات التيمية لأجل حشو التجسيم! (منقول)