صفة الاستواء

الاستواء عند الإمام الطبري (منقول)

يقول الامام المحدث الحافظ محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى بعد ان ذكر في تفسيره جامع البيان ، المعاني اللغويه للاستواء وذكر من قال بها ما نصه:
وأولى المعاني بقوله جل ثنائه : ( ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ ) علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سماوات .

ثم بعد ذلك يعلن عن معتقده ببيان معنى العلو والارتفاع وتاويل ذلك عنده فيقول :

والعجب ممَّن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ الذي هو بمعنى العلُوِّ والارتفاع؛ هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوَّلَه بمعناه المفهم، كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم يَنْجُ ممَّا هرب منه.
فيُقال له: زعمت أن تأويل قوله: ﴿ اسْتَوَى ﴾ أقبل، أفكان مُدبِرًا عن السماء فأقبل إليها؟! فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها عُلُوَّ ملك وسلطان، لا عُلُوَّ انتقال وزوال أهـ .
(تفسير الطبري ١/١٥٠ الجزء الاول )
والامام طبري رحمه الله انما يناقش الفراء كما ذكر في عرض المعنى اللغوي للاستواء وبذلك نرى ان الامام الطبري السلفي الزمن والمعتقد قد أول الاستواء بالعلو والارتفاع ولم يقف عند هذا التاويل بل ذكر ان ذلك العلو والارتفاع انما هو علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال.
وهذا ما عليه اهل الحديث والحفاظ الائمه من بعده ومنهم ابن حجر العسقلاني الذي يقول في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري
لا يلزم من كون جهه العلو والسفل محال على الله ان لا يوصف بالعلو لان وصفه بالعلو من جهه المعنى والمستحيل كون ذلك من جهه الحس
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ٦/١٣٦
وبالنظر الى ما ذكر الامام الطبري من قول الربيع بان معنى الاستواء هو العلو والارتفاع فما الذي يمنع ان يكون ما اراده الربيع هو ما اراده الطبري من ان العلو والارتفاع هو علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال وذلك ان السلف والخلف مدركون جميعا استحاله كون علوه سبحانه حسيا كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر لانه سبحانه وتعالى ليس جسما.
وفي تفسير قوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
فانه يعني علا عليه وقد بينا معنى الاستواء واختلاف المختلفين فيه والصحيح من القول فيما قالوا فيه بشواهد فيما مضى بما اغنى عن اعادته في هذا الموضع وهو يعني بذلك علا وارتفع علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال هكذا في بقيه الايات التي ذكرت في الاستواء
تفسير الطبري
٨-١٠٤ الجزء ١٦
٩-١٩ الجزء ١٩
١٠-٥٧ الجزء ٢١
١١-٢٤ الجزء ٢٧

Previous post
تفويض المعنى المراد من نصوص الصفات المتشابهة إلى الله عز وجل، وتقرير ذلك من الكتاب والسنة وكلام السلف (منقول)
Next post
مؤلفات وكتب وفوائد وترجمة لشيخ المفسرين أ.د إبراهيم عبد الرحمن خليفة رحمه الله (منقول)