مقالات في التجسيم

استدلوا على العلو الحسي بقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1] (الرد على المدعو أسامة القصاص واستدلال المضحك هنا)

هذا حاصل ما قاله هذا الحبر البحر، العلامة الفهامة الدراكة…. المدعو أسامة القصاص ـ رحمه الله ـ في كتابه ” إثبات علو الله على خلقه ” الذي أفحم به الأشاعرةَ أجمعين، ولم يستطيعوا ردا عليه ولا جوابا فرجعوا مما فيه من الجهل المركب حائرين، ومما فيه من هذه السخافات مبهوتين، وعجبوا من كثرة ما فيه من ترهات المبرسمين …..!!!!!

(3)استدلوا على العلو الحسي بقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1]([1])

…هذا وقد حاول بعض الوهابية المعاصرين إنكارَ أن تأتي لفظ العلو ومشتقاته بمعنى العلو المعنوي فارتكب في سبيل هذا الإنكار ما تضحك منه الثكلى وتسقط منه الحبلى …!!!

وبيان ذلك أن أحدهم وهو المدعو أسامة القَصّاص استشهد بآية الأعلى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] على ثبوت العلو الحسي لله فقال: هذا دليل ساطع على أن الله فوق مخلوقاته[2].

ولكن القصّاص أدرك أن الآية لا تفيد المطلوب لِما سبق ذكره من أن العلو كثيرا ما أطلق في كتاب الله وأريد به العلو المعنوي[3]، فلذلك سرعان ما قال القصّاص بعد ذلك: (((شبهة: لقد احتج علينا بعض الجهلاء، فقال: إن لفظ “الأعلى” لا يراد به العلو الحسي[4]، وإنما هو عظمة واستشهد بقول الله عن لسان فرعون عندما حشر الناس أنه قال لهم: { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى } [النازعات: 24] وهو على الأرض ليس في السماء)).اهـ

ثم أجاب القَصّاص بقوله: “قلتُ هذا جهل عظيم، لأن هذا القائل أتى بما هو عليه لا له”[5].

ثم راح القصّاص يدفع هذا الاعتراضَ بكلام خطابي طويل استغرق عدة صفحات أذكرُ بعضَه حيث ذَكر القصاص أن فرعون ((عندما قال ” أنا ربكم” لم يقف عند هذا الحد بل قال “الأعلى” حتى يقنعهم بكماله، ولذا أخذ يصف نفسه بما يوصف به الله أو بما يعهد من صفات الربوبية، ولكن راح يفهمهم نوعا من العلو، وهو علو القهر والغلبة))[6] ثم استشهد القصاص على ذلك بقول الله على لسان فرعون { يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف: 51][7]، وبقوله: { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127][8].

ثم علّق القَصّاص على آية الأعراف هذه بأن فرعون استخدم فيها ((أسلوب التورية، فينسب إلى نفسه القهر المقرون بالفوقية، وهذا ورد في حق الله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18][9].

إلى أن يقول القصاص: “ولكن عندما لم يَخْفَ عنه ـ أي عن فرعون ـ التباينَ البيّن بينه وبين الإله الحق، من حيث أن الله له فوقية الذات، وأنه ـ أي فرعون ـ في الأسفل، حاول جهده أن يؤول لهم هذه الصفات على مقتضى حاله، ولما أدرك الحقيقة وهي عدم اقتناعهم بعلو القدر دون علو الذات، راح يدندن حول شيء من العلو الحسي وبقدر بسيط منه، لعلهم يكتفون به فقال لهم : {يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [الزخرف: 51] فدعاهم إلى أن يبصروا علوه الذاتي من كونه فوق الأنهار، والأنهار تجري من تحته، وقد دعاه إلى هذا ما أشاعه موسى من علو ربه”.اهـ[10]

وحاصل ما ذكره هذا النابغة اللوذعي هو الفيلم الهندي التالي: هو أن فرعون سمع من موسى أن الله موصوف بالعلو، فسرق فرعونُ هذه الصفةَ ونحلها لنفسه فقال “أنا ربكم الأعلى” ليوهم قومه أنه رب أن له صفات الربوبية ومنها العلو بشقيه المعنوي (أي علو العظمة والقهر)، والحسي (وهو العلو الذاتي المكاني)، ثم إن فرعون شعر بالفرق بين علوه وبين علو الله إذ الله فوق، وفرعون في الأسفل، هذا فضلا عن أن الناس لم يقتنعوا بأن له العلو الحسي لأنه معهم في الأرض، ولكي يقنعهم جَعل الأنهارَ تجري من تحته ليوهم الناس أنه العلو الذاتي الحسي ……!!!!!!!

هذا حاصل ما قاله هذا الحبر البحر، العلامة الفهامة الدراكة، إمام الحرمين وشيخ الثقلين؛ مفتي الأنام وشيخ الإسلام، خاتمة المحققين، ومفخرة المتقدمين والمتأخرين: المدعو أسامة القصاص ـ رحمه الله ـ في كتابه ” إثبات علو الله على خلقه “[11] الذي أفحم به الأشاعرةَ أجمعين، ولم يستطيعوا ردا عليه ولا جوابا فرجعوا مما فيه من الجهل المركب حائرين، ومما فيه من هذه السخافات مبهوتين، وعجبوا من كثرة ما فيه من ترهات المبرسمين …..!!!!!

وكان يكفينا أن نقول في الجواب عن هذا الاستدلال الذي هو أشبه بالهذيان: إن هذا الكلام ما هو إلا تحكمات باردة وقصة سخيفة مركبة لا تصلح حتى أن تكون قصة من قصص ألف ليلة وليلة، وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على حماقة من حَبك هذه القصة وراح يستدل عليها بآيات من القرآن … وأقوى ردٍ على هذا الاستدلال السمج هو الإعراض عنه وعدم الرد لولا أنه قد ينخدع به البسطاء الذين عادة ما يكونون هم ضحية مثل هذا الهراء …. لا بل قد استُسمن هذا الهراء ومدح صاحبُه وكتابه الذي دونه فيه كما رأينا للتو في الحاشية.

وإليك بيان بطلان هذا الاستدلال شكلا ومضمونا:

أما بيان بطلانه شكلا، فلأنه بدأ بمغالطة وهي قول القصاص: ((شبهة: لقد احتج علينا بعض الجهلاء، فقال: إن لفظ “الأعلى” لا يراد به العلو الحسي، وإنما هو عظمة واستشهد بقول الله عن لسان فرعون عندما حشر الناس أنه قال لهم: { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى } [النازعات: 24] وهو على الأرض ليس في السماء.اهـ)).اهـ

فكلام القصاص هذا يوهم أن من قال إن العلو قد يأتي للعلو المعنوي استدل بهذه الآية فقط وهي آية النازعات: { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }…. ثم راح يشتغل القّصاصُ بالرد على ذلك بحبك الفيلم الهندي السابق الذي ركبه حول فرعون على النحو الذي سبق… لكي ينتهي في آخر المطاف أن العلو في الذي آية النازعات هذه هو علو حسي ومعنوي معا….!!!!!!

وهذه مغالطة كبرى بل هي فرية بلا مرية … إذ الآيات التي جاء فيها العلو وقُصد به العلو المعنوي كثيرة في القرآن، وقد سبق أن سردت منها ثماني عشرة آية[12] ليس منها آية النازعات هذه[13].

وإذا كان ذلك كذلك فما معنى أن يُعرض القصاص عن كل تلك الآيات الكثيرة التي جاء فيها العلو على الوجه المعنوي … ثم يختار آية أخرى غير تلك الآيات وهي آية النازعات التي نحن لم نحتج بها أصلا لعلمنا بأن الخصم ربما سيكابر ويحملها على العلو الحسي كما سبق أن رأينا من كلام القصاص الذي حبك تلك القصة الكوميدية عن فرعون لينتهي من خلالها أن فرعون أراد بالعلو في قوله “أنا ربكم الأعلى” العلو الحسي والمعنوي معا…. ؟

فهبْ أننا سلمنا للقَصّاص بهذا الفيلم الهندي أو بهذه القصة السخيفة التي ركبها ونسجها حول فرعون على النحو السابق وسلمنا له أيضا بأن فرعون أراد بالعلو في آية النازعات هو العلو الحسي…. فأين القَصّاص من 18 آية ورد فيها العلو على الوجه المعنوي والتي لم يتعرض القصاص إلى واحدة منها بل لم يجرؤ أن يسرد أيا منها أصلا … وإنما اكتفى القصّاص بذكر آية واحدة آخرى وهي آية النازعات وراح ينسج حولها قصة من وهم خياله لم تثبت في حديث ضعيف فضلا عن أن يكون صحيحا فضلا عن آية أو آيات من القرآن وإن حاول أن أن يستدل ببعض آيات القرآن ليدعم قصته السخيفة التي نسجها والتي تخالف أصلا صريح القرآن كما سيأتي….!!!!!

ثانيا: إن القصّاص زعم أن تفسير الأعلى بالعلو المعنوي هو قول الجهلاء… انتظره.

========================

([1]) انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/803120459801978/

[2] إثبات علو الله على خلقه ص73.

[3] انظر : https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/786459768088267/

[4] قال وليد: تأمل هذا التصريح بنسبة العلو الحسي إلى الله، وقد أعاده القصاص في الصفحة التالية،(انظر المستطيل الأحمر الصورة 2، و المستطيل الأصفر في الصورة 3).

واحتفظْ بهذين النصين فقلما تجد مثلَ هذا التصريح الفج بنسبة العلو الحسي إلى الله، إذ كثير من الوهابية لا يجرؤون على التصريح بهذا كما صرّح القصّاص…..إنها فلتات اللسان التي تعرب عما في الجنان عادة!!!!!

[5] انظر: إثبات علو الله على خلقه ص75.

[6] انظر: إثبات علو الله على خلقه للقصاص ص75، انظر الصورة 2.

[7] الآية بتمامها : {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51].

[8] الآية بتمامها : {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127]

[9] انظر: إثبات علو الله على خلقه للقصاص ص75، 76 ، وانظر اللون الأخضر من الصورة رقم 2، 3

[10] إثبات علو الله على خلقه ص76، وانظر اللون الأصفر من الصورة رقم 3

[11] طبعا هذه أوصاف ارتجالية مني ولكنها تحاكي ما قاله الوهابية فيه حقيقة ….وإليك ما بعض قاله الوهابية في أسامة القصاص وكتابه، حيث قالوا فيه: (((( شيخ الشام، وداعيتها المفضال، الأسد الهمام، والداعية الإمام، صاحب القلم الحسام، كاشف حقيقة اللئام، ومبين سبيل أهل الإجرام، ما دعا صافي السريرة إلا وللهدى اتبع، وما ناظر مبتدعاً إلا وغيره به قد ارتدع، وطالبي الحق بها قد انتفع، ناظرهم في كل مسألة، وكانوا عنها في حيدة، عجزوا وانكسروا .. فجاءت المناظرات القاصمة، والجولات الفاصلة، وبدأ طلاب الحق لرشدهم يعودون، وعن سبيل المجرمين يحذرون، ولسبيل المؤمنين يدعون، فكثر التائبون، وخرس الأفاكون، …شيخ الشام أسامة بن توفيق بن عبدالرحمن القصاص – تقبله الله في عداد الشهداء- من أهل الفيحاء طرابلس الشام، قد قام بمحاولات للحوار مع الأشاعرة، وبدأ دعوته في أوساط الشام، وكانت مناظراتهم معهم مفحمة، إلا حد أن أوصى كبارهم بتهديده، ومنعه من الحوار!!، بل تأمر عدد منهم لاغتياله، حتى تم لهم ذلك .. لأن الحق أبلج، والباطل لجلج .. وقبل هذا أراد أن يختم الحوارات بسجلٍ يدونه التاريخ شاهداً على إفلاسهم، وحجة دامغة تكشف زيف باطلهم، ولطالب الحق مورد وشفاء، ولأصحاب الأهواء شقاء، إنه دواء لكل أشعري فيه هذا الداء،……..

وقد انتهى من تدوينه حُجته الأخيرة كتابةً في اليوم الأول من شعبان 1408 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذه السنة امتدت يد الغدر والإجرام، يد المفلسين اللئام، إلى الشيخ المجاهد بالقلم أسامة بن توفيق بن عبدالرحمن القصاص – تقبله الله في عداد الشهداء- حين لم يتستطيعوا مُحاججته، أو الرد عليه، أو الغلبة عليه ولو مرة!!

وهذا ديدن أهل الأهواء .. فمن يبين ضلالهم، ويكشف عوارهم، ويقطع كذبهم واسترزاقهم من كاهل الضعفاء المغلوب على أمرهم، الأتباع الرعاع .. وحين يكثر على يده المستنيرين، ويعود بعد بيان حُجته المضللين، ويثوب إلى رشده المتشككين .. تنطلق يد الإجرام .. محاولة إخفاء الحق –وهيهات- فإن قتل أسامة فنحن كلنا أسامة!! وإن مات رجل .. فأمهاتنا لم يعقمن عن ولادة الرجال ..اهـ

انظر ذلك في مقال بعنوان ” الأشاعرة الصوفية وجريمة قتل شيخ الشام أسامة القصاص!!” على :

http://minhajcanal.blogspot.com.tr/…/04/blog-post_236.html

[12] ومنها هذه الآيات التالية:

1. قوله تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى [طه : 67 ، 68]

2. ومنه قوله: لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [النحل : 60]

3. وقوله: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الروم : 27]

4. ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ [القصص : 4]

5. مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ [الدخان : 31]

6. وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [الإسراء : 7]

7. وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ [الدخان : 30 ، 31]

8. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء : 4]

9. تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ [القصص : 83]

10. وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل : 14]

فهذه عشرة كاملة جاء فيها العلو ومشتقاته بمعنى العلو المعنوي، وثمة أخرى ، انظرها مع تفسير السلف لها على: https://www.facebook.com/groups/202140309853552/permalink/786459768088267/

وعلى :

http://walidebnsalah.blogspot.com.tr/2015/10/1-1-257_11.html

[13] انظر ذلك على الرابطين السابقين في الحاشية السابقة.

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/863162117131145

السابق
كيف دخل التجسيم إلى الرواة، محمد بن كرّام نموذجا.
التالي
الجواب عن استدلالهم على العلو الحسي بحديث: ” ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ” (منقول)