مقالات قيمة في الرد على الوهابية

ابن تيمية وأتباعه بين آيات الاستواء والعلو …وبين آيات المعية ونحوها… منهجٌ متسق أم مضطرب….(الباب الأول، مناقشة مَن ادعى أن آيات المعية آيات مُحكمة) ؟!!!!!![1]

ويتحصل من كلام النحاة الذاهبين إلى أن أحرف الجر لا تتعاور أنهم يسلكون فيما جاء خلاف ذلك أحدَ أربعةِ مسالك وهي: التضمين، أو التأويل، أو حمله على الشذوذ، أو حمله على إضمار محذوف[2] .وإليك تفصيل كل مسلك منهاأولا : التضمينالتضمين لغة : جعل الشيء في ضمن الشيء مشتملا عليه[3].والتضمين من المصطلحات المشتركة ما بين النحاة والبديعيين وبين اصحاب الشعر والقافية[4].والذي يهمنا هنا التضمين عند النحاة لا غير فليس حديثنا في البديع ولا القافية، والمقصود به هنا ـ أي عند النحاة ـ إيقاع لفظ موقع غيره ومعاملته معاملته لتضمنه معناه واشتماله عليه؛ وإليك طائفة من كلام النحاة وغيرهم في قضية التضمين.النص الأول: قال ابن هشام في مغني اللبيب، بتحقيق د. الخطيب (6/ 671):قد يُشربون لفظاً معنى لفظفيعطونه حكمه، ويسمى ذلك تضميناًوفائدته: أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين، قال الزمخشري: ألا ترى كيف رجع معنى (ولا تعْدُ عيناكَ عنهمْ) الى قولك: ولا تقتحم عيناك مجاوزتين الى غيرهم، (ولا تأكلوا أموالهمْ الى أموالكم) أي ولا تضموها إليها آكلين….. وقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح) أي لا تنووا، ولهذا عدي بنفسه لا بعلى. وقوله تعالى (لا يسمعون الى الملأ الأعلى) أي لا يُصغون. وقولهم سمعَ الله لمن حمِدَه أي استجاب، فعدي يسمع في الأول بإلى، وفي الثاني باللام، وإنما أصله أن يعدى بنفسه مثل (يومَ يسمعونَ الصّيحةَ) وقوله تعالى (واللهُ يعلمُ المُفسدَ منَ المُصلحِ) أي يميز، ولهذا عُدي بمن لا بنفسه. وقوله تعالى (للذينَ يُؤلونَ منْ نسائهم) أي يمتنعون من وطء نسائهم… وقال الفرزدق:كيفَ تراني قالِباً مِجَنّي … قدْ قتلَ اللهُ زياداً عنيأي صرفه عني بالقتل.وهو كثير، قال أبو الفتح[5] في كتاب التمام: أحسِبُ لو جمع ما جاء منه لجاء منه كتاب يكون مِئينَ أوراقاً.اهـوقال ابن هشام في موضع آخر من مغني اللبيب، بتحقيق د. الخطيب – (2 / 179): مذهب البصريين أن أحرُف الجر لا ينوب بعضُها عن بعض بقياسٍ، كما أن أحرف الجزم وأحرف النصب كذلك، وما أوهم ذلك فهو عندهم إما مؤول تأويلاً يقبله اللفظ، كما قيل في (ولأصلِّبنَّكم في جذوعِ النخل): إن في ليست بمعنى على، ولكن شبه المصلوب لتمكنه من الجذع بالحالّ في الشيء، وإما على تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، كما ضمن بعضهم شربن في قوله: شربن بماء البحر …معنى روينَ.وأحسنَ في (وقد أحسنَ بي) معنى لطفَ، وإما على شذوذ إنابة كلمة عن أخرى، وهذا الأخير هو مجمل الباب كله عند أكثر الكوفيين وبعض المتأخرين، ولا يجعلون ذلك شاذاً، ومذهبهم أقلُّ تعسفاً.اهـالنص الثاني: قال الخضري في تعريف التضمين: وهو إشراب الكلمة معنى كلمة أخرى لتفيد المعنيين.[6]النص الثالث: قال المرادي في “الجني الداني” : الجنى الداني في حروف المعاني” ص46 : وما تقدم من نيابة الباء عن غيرها من حروف الجر هو جار على مذهب الكوفيين، ومن وافقهم، في أن حروف الجر قد ينوب بعضها عن بعض. ومذهب البصريين إبقاء الحرف على موضوعه الأول، إما بتأويل يقبله اللفظ، أو تضمين الفعل معنى فعل آخر، يتعدى بذلك الحرف. وما لا يمكن فيه ذلك فهو من وضع أحد الحرفين موضع الآخر على سبيل الشذوذ.اهـالنص الرابع : جاء في شرح الرضي على الكافية (4/ 138): والأخفش الأصغر، يجيز حذف الجار مع غيرهما، أيضا، قياسا، إذا تعين الجار، كما في: خرجت الدار، ولم يثبت، بلى، قد جاء في غيرهما، إما شذوذا كقوله:تمرون الديار ولم تعوجوا * كلامكم علي إذن، حرام وقوله تعالى: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) ، و: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) ، و:…أن تسترضعوا أولادكم) ، والأولى في مثله أن يقال: ضمّن اللازمَ معنى المتعدي، أي: تجوزون، الديار، و: لألزمن صراطك، و: ولا تنووا عقدة النكاح، و: ترضعوا أولادكم، حتى لا يحمل على الشذوذ، كما يُضمّن الفعلَ معنى غيره فيتعدى تعدية ما ضمن معناه، قال تعالى: (يخالفون عن أمره) ، أي يعدلون عن أمره، ويتجاوزون عنه.اهـالنص الخامس: الاتقان في علوم القرآن (ص: 1526): ومنها التضمين وهو إعطاء الشيء معنى الشيء ويكون في الحروف والأفعال والأسماء4323 – أما الحروف فتقدم في حروف الجر وغيرها4324 – وأما الأفعال فأن يضمن فعل معنى فعل آخر فيكون فيه معنى الفعلين معا وذلك بأن يأتي الفعل متعديا بحرف ليس من عادته التعدي به فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصح التعدي به والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرفواختلفوا أيهما أولى فقال أهل اللغة وقوم من النحاة التوسع في الحرفوقال المحققون التوسع في الفعل لأنه في الأفعال أكثر مثاله عينا يشرب بها عباد الله فيشرب إنما يتعدى بمن فتعديته بالباء إما على تضمينه معنى يروي و يلتذ أو تضمين الباء معنى من نحو أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فالرفث لا يتعدى بإلى إلا على تضمن معنى الإفضاء هل لك إلى أن تزكى والأصل في أن فضمن معنى أدعوك وهو الذي يقبل التوبة عن عباده عديت بعن لتضمنها معنى العفو والصفح.النص السادس: وقال الزركشي في البرهان في علوم القرآن (3/ 338): التضمين: وهو إعطاء الشيء معنى الشيء وتارة يكون في الاسماء وفي الأفعال وفي الحروف فأما في الأسماء فهو أن تضمن اسما معنى اسم لإفادة معنى الاسمين جميعا كقوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه.وأما الأفعال فأن تضمن فعلا معنى فعل آخر ويكون فيه معنى الفعلين جميعا وذلك بأن يكون الفعل يتعدى بحرف فيأتي متعديا بحرف آخر ليس من عادته التعدي به فيحتاج إما إلى تأويله أو تأويل الفعل ليصح تعديه به.واختلفوا أيهما أولى فذهب أهل اللغة وجماعة من النحويين إلى أن التوسع في الحرف وأنه واقع موقع غيره من الحروف أولى.وذهب المحققون إلى أن التوسع في الفعل وتعديته بما لا يتعدى لتضمنه معنى ما يتعدى بذلك الحرف أولى لأن التوسع في الأفعال أكثر.مثاله قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} فضمن [ يشرب ] معنى [ يروي ] لأنه لا يتعدى بالباء فلذلك دخلت الباء وإلا فـ[يشرب] يتعدى بنفسه فأريد باللفظ الشرب والري معا فجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد.اهـفتحصل مما سبق أن التضمين هو إشراب لفظ معنى لفظ آخر، ويَلجأ إليه النحاة ـ ولاسيما البصريين ـ في حالات منها عندما يُعدّى فعلٌ ما بحرف جرٍ لا يعدى به عادةً أو يكون الفعل مما لا يعدى بحرف جر أصلا، وبما أن البصريين لا يرون أن حروف الجر تتعاور فإنهم يلجؤون إلى التضمن فيضمنون الفعل معنى فعل آخر ويرون أن التصرف في الفعل أيسر من التصرف بالحرف كما سبق، وهذا الأسلوب ـ أي التضمين ـ هو أحد الأساليب الأربعة التي يلجأ إليها من لا يقول بتعاور أحرف الجر كالبصريين كما سبق بيانه.وننتقل الآن إلى بيان المسلك الثاني وهو التأويل … انتظره.وانظر أمثلة كثيرة على التضمين في القرآن في الكتاب الفذ العجيب دراسات لأسلوب القرآن الكريم للدكتور محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله على : http://jamharah.net/showthread.php?p=51791#.VhfctCt31y2وانظر المزيد حول التضمين على https://www.facebook.com/…/permalink/859793170801373/=============================[1] انظر السابق: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/813433988770625/[2] انظر: المساعد لابن عقيل 2/254-255 , وشرح التصريح2/4, والهمع 2/378، والكتاب لسيبويه 4/217 ، التبصرة والتذكرة 285-286 ، شرح المفصل 8/21، المفصل284، شرح جمل الزّجّاجي 1/493, 510-512 .وانظر للتوسع: https://www.facebook.com/groups/385445711569457/permalink/800915656689125/?hc_location=ufi[3] التوقيف على مهمات التعاريف ، محمد عبد الرؤوف المناوي ،تحقيق : د. محمد رضوان الداية ، الناشر : دار الفكر المعاصر , دار الفكر – بيروت , دمشق ، الطبعة الأولى ، 1410هـ: 1 / 181 .[4] ينظر : المعجم الوسيط : 1/ 544.1. يطلق التضمين في الشعر ويراد به :أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به . والتضمين المزدوج هو أن يقع في أثناء قرائن النثر والنظم لفظان مسجعان بعد مراعاة حدود الأسجاع والقوافي الأصلية. كقوله تعالى : (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) [ النمل: وكقوله عليه السلام : ( المؤمنين هينون لينون ) . 2. ويطلق ( التضمين ) في البديع ويراد به :أن يأخذ الشاعر أو الناثر آية أو حديثا أو حكمة أو مثلا أو شطرا أو بيتا من شعر غيره بلفظه ومعناه كذا في: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93956[5] أي ابن جني، وقال في الخصائص (2/ 310) بعد أن ضرب عدة أمثلة على التضمين: ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يُحاط به ولعله لو جُمع أكثره ( لا جميعه ) لجاء كتابا ضخما وقد عرفت طريقه . فإذا مر بك شئ منه فتقبَّله وأنس به فإنه فصل من العربية لطيف حسن يدعو إلى الأنس بها والفقاهة فيها .اهـ[6] حاشية الخضري على ابن عقيل 1 /14. حاشية الصبان: 1/138.

السابق
تنزيل وثائق فيديو: نفي الجسمية عن الله تعالى بين البخاري وبين ابن تيمية الذي تناقض في حنبل ج١ و2
التالي
ابن المبارك: ” دعوا عند الحجاج تسمية الرجال”