صفة العين

إنا إذا قلنا: القمر ليس بأعور, لم يلزم منه أن يكون له عينان

إنا إذا قلنا: القمر ليس بأعور, لم يلزم منه أن يكون له عينان
(د13، علم الكلام)
‘‘‘‘[لفظ ربكم ليس بأعور]
الحديث العشرون: في حديث الدجال: (إنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور). (2)
تقدم أن الجوارح والأعضاء على الله تعالى محال, فمعنى الحديث -والله أعلم-: نفي النقائص (1) على الله تعالى, وثبوت صفة النقص للدجال, وصفة النقص دليل على عدم ربوبيته وبطلان قوله (2) , وليس المراد إثبات الجارحة للرب تعالى, وجَعَل بعض الحنابلة ذلك من باب دليل (3) الخطاب (4) , وأثبت الجارحة (5)
لرب العزة- سبحانه وتعالى عن سمات المخلوقين- وهو تجسيم منهم وتَجَرُّؤٌ على الله تعالى, وخطأ في الاستدلال, فإنا إذا قلنا: القمر ليس بأعور, لم يلزم منه أن يكون له عينان, ودليل الخطاب ليس بحجة (1) عند أكثر علماء الأصول في الفروع, فكيف يحتج به في صفات الرب تبارك وتعالى.’’’’
كذا مختصرا في : التنزيه في إبطال حجج التشبيه
لقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ت 733هـ
“تحقيق ودراسة”
بحث مقدم لنيل درجة التخصص “الماجستير” في العقيدة من قسم العقيدة والفلسفة
إعداد: الباحث: محمد أمين على على.

====


والكلام بتمامه في التنزيه في إبطال حجج التشبيه بدر الدين بن جماعة (1/ 454):
[لفظ ربكم ليس بأعور]
الحديث العشرون: في حديث الدجال: (إنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور). (2)


(2) () هذا جزء من حديث أخرجه الإمام البخاري والإمام مسلم وغيرهما, البخاري, كتاب الجهاد والسير, باب كيف يعرض الإسلام على الصبي, حديث رقم “3057”, كتاب أحاديث الأنبياء, باب قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} , حديث رقم “3337.
مسلم, كتاب الإيمان, باب ذكر المسيح والمسيح الدجال, باب ذكر ابن صياد, حديث رقم “169”, كتاب الفتن وأشراط الساعة, باب ذكر المسيح والمسيح الدجال, حديث رقم “2933”, ولفظ مسلم: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب, ألا إنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور, مكتوب بين عينيه ك ف ر).
وأخرجه أبو داود في سننه, كتاب الملاحم, باب خروج الدجال, حديث رقم “4316”.
قال ابن الجوزي-رحمه الله-: “قال ابن عقيل: يحسب بعض الجهلة أنه لما نفى العور عن الله عز وجل أثبت من دليل الخطاب أنه ذو عينين, وهذا بعيد من الفهم, إنما نفى عنه العور من حيث نفي النقائص, كأنه قال: ربكم ليس بذي جوارح تتسلط عليها النقائص, وهذا مثل نفي الولد عنه, لأنه يستحيل عليه التجزيء, ولو كانت الإشارة إلى صورة كاملة لم يكن في ذلك دليل على الألوهية ولا القدم, فإن الكامل في الصورة كثير, قال: (ابن عقيل) ومن قال بدليل الخطاب فأثبت عينين, قيل له: دليل الخطاب مختلف في كونه دليلا في أحكام الفقه وفروع الدين, فكيف بأصوله؟ ثم هو عند من اعتقده حجة يقضي عليه معنى النطق وهو القياس المظنون, فكيف يكون له حكم الدليل وقد قضى عليه دليل العقل بالرد؟ “.
دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه, صـ (263, 264) , مصدر سابق.
ويقول الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: “قوله (إنه أعور, وإن الله ليس بأعور) , إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة, لِكَوْن العَوَرِ أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية, فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة, والإله يتعالى عن النقص, علم أنه كاذب”.
فتح الباري بشرح صحيح البخاري, (13/ 96) مصدر سابق.
وقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه علي صحيح مسلم, (9/ 60) كلاما قريبا من كلام ابن حجر.

===========================
تقدم أن الجوارح والأعضاء على الله تعالى محال, فمعنى الحديث -والله أعلم-: نفي النقائص (1) على الله تعالى, وثبوت صفة النقص للدجال, وصفة النقص دليل على عدم ربوبيته وبطلان قوله (2) , وليس المراد إثبات الجارحة للرب تعالى, وجَعَل بعض الحنابلة ذلك من باب دليل (3) الخطاب (4) , وأثبت الجارحة (5)


(1) () في (ب) التناقض.
(2) () أي قوله: (أنا ربكم) , روى أبو يعلى في مسنده, (2/ 332) , حديث رقم “1074”, عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عن الدجال: ( … فيسلط على رجل لا يسلط على غيره, فيذبحه ثم يضربه بعصاه, ثم يقول: قم, فيقول لأصحابه: كيف ترون ألست بربكم؟ فيشهدون له بالشرك, فيقول الرجل المذبوح: يا أيها الناس إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … الحديث).
(3) () أول ق (22) في (أ).
(4) () دليل الخطاب: هو أن يحكم للمسكوت عنه, بخلاف حكم المنصوص عليه.
الإحكام في أصول الأحكام, ابن حزم الأندلسي, (1/ 46) , مصدر سابق.
وقيل: “هو أن يكون المنصوص عليه صفتين, فيعلق الحكم بإحدى الصفتين, وإن شئت … قلت: فيقيد الحكم بإحدى الصفتين, فيكون نصه مُثْبِتًا للحكم مع وجود الصفة, فدليله نافيا للحكم مع عدم الصفة, كقوله عليه السلام: (في الغنم السائمة الزكاة, أو: في سائمة الغنم الزكاة) , فنصه وجوب الزكاة في السائمة, ودليله نفى وجوب الزكاة في المعلوفة”.
قواطع الأدلة في الأصول, أبو المظفر، منصور بن محمد السمعاني, تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي, (1/ 237) , الطبعة الأولى، 1418هـ, دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان هـ/1999م.
(5) () لأنه لو كان هذا من باب دليل الخطاب لكان المعنى المراد -أو النص-: إثبات العَوَر للدجال, ولكان الدليل: نفي العَوَرِ عن الله تعالى, وهذا يعني إثبات عينين لله- تعالى الله عن ذلك- أي الجارحة, وهذا يؤدي إلى التجسيم.
والذي يتأمل تعريف الإمام (ابن حزم) لدليل الخطاب, يرى أنه يُشترط أن يكون هناك منصوص عليه ومسكوت عنه, حتى يحكم للمسكوت عنه بخلاف حكم المنصوص عليه, ولكن الحديث ليس فيه مسكوت عنه, بل ذكر -النبي صلى الله عليه وسلم- ما يُراد إثباته ونفيه, فقال صلى الله عليه وسلم- عن الدجال: (إنه أعور) , ثم قال- عليه الصلاة والسلام: (وإن ربكم ليس بأعور) , فدل هذا على أن استعمال دليل الخطاب هنا ليس في محله.
============

لرب العزة- سبحانه وتعالى عن سمات المخلوقين- وهو تجسيم منهم وتَجَرُّؤٌ على الله تعالى, وخطأ في الاستدلال, فإنا إذا قلنا: القمر ليس بأعور, لم يلزم منه أن يكون له عينان, ودليل الخطاب ليس بحجة (1) عند أكثر علماء الأصول في الفروع, فكيف يحتج به في صفات الرب تبارك وتعالى.
[لفظتا الحجاب والسبحات]


(1) () يقول أبو المظفر السمعاني: “إذا عرف دليل الخطاب فنقول: اختلف أهل العلم في كونه دليلا وصحة الاستدلال به, فقال مالك والشافعي وجمهور أصحابنا: إنه دليل صحيح في الأحكام ويحتج به, وهو قول داود وأصحاب الظاهر وقال به أيضا طائفة من المتكلمين.
وذهب أبو حنيفة وأكثر أصحابه: إلى أن دليل الخطاب ليس بحجة, ووافقهم على ذلك من أصحاب الشافعي, أبو العباس بن سريج والقاضي أبو حامد المروزى وأبو بكر القفال الشاشى, وهو قول جمهور المتكلمين, من المعتزلة والأشعرية”.
قواطع الأدلة في الأصول, (1/ 238, 239) , مصدر سابق. وانظر: روضة الناظر وجنة المناظر, ابن قدامة المقدسي ,تحقيق د. عبد العزيز عبد الرحمن السعيد, (1/ 264) وما بعدها, الناشر جامعة الإمام محمد بن سعود, الرياض, 1399هـ.

https://www.facebook.com/groups/385445711569457/posts/563015310479162/

السابق
كيف هدم الوهابية مذهبهم في مسألة الكرسي (أثر الكرسي موضع القدمين)[1]
التالي
[2] الأدلة العقلية على امتناع حلول الحوادث بذات الله تعالى عند الأشاعرة