أشاطركم بعض ذكريات الطفولة، بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف.
“ذات ليلة من ليالي أوائل التسعينات!”
“انتزعتني من نومي العميق، ذلك الصباح، أصوات الزغاريد التي كانت تملؤ المكان. الوقت وقت شروق الشمس؛ أمي كما نساء الحي، يزغردن من على شرفات المنازل وكأنهن يخلدن فرح الكون بمقدم ذلك اليوم، الذي كان خير يوم طلعت فيه الشمس؛ وكأن زغاريدهن، وقت الشروق، تعلن خروج العالم من الظلمات إلى النور.
مائدة الإفطار كانت مختلفة عن المعتاد، إذ زينتها أطباق الحلوى إضافة إلى طبق “العصيدة” المحلاة بالعسل الحر.
كل شيء بدا استثنائيا منذ ليلة البارحة، فقد أنيرت أضواء المآذن، وصدحت أصوات المادحين في كل مكان. مابين المغرب والعشاء، تحلق رواد المسجد يقرؤون دلائل الخيرات. تفاجأت يومها، وأنا طفل صغير، أن أجد من يوزع كؤوس الشاي و”الغريبة” على المصلين وسط المسجد وكأننا في عرس بهيج! كما تفاجأت عندما رأيت بعض زملاء الدراسة، الذين كنت أحسبهم لا يرتادون المسجد، جالسين في باحته، لكنهم كانوا يغيرون مجلسهم ما بين الفينة والأخرى. لم أفهم في البداية حتى لاحظت أن تحركاتهم توافق مسار صينية الشاي وصحن الغريبة!
الكل كان فرحا، والكل وجد ضالته في تلك الليلة السعيدة. كانت أجواء فرح تلقائية طبعت طفولتنا وجعلتنا نحب المحتفى به بتلقائية أيضا: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد.”
ذ. رشيد بلغيثي علوي